كيهيدي: مهرجان الذكرى الأولى لمأمورية غزواني الثانية يتحوّل إلى إعلان ميلاد حلف سياسي جديد

الشروق نت – كيهيدي
في مشهدٍ حمل دلالات أعمق من مجرد تخليد ذكرى سياسية، انطلقت قبل قليل في دار الشباب بمدينة كيهيدي فعاليات مهرجان الذكرى الأولى للمأمورية الثانية للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، وسط حضور باهت خيّب التوقعات، ولم يرقَ إلى حجم الزخم الإعلامي الذي سبق الحدث.
المهرجان، الذي أشرف على تنظيمه مدير ديوان الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، السيد مامادو عبد الله جلو، وعمدة بلدية كيهيدي السيد دمب أنجاي، ونائب المقاطعة صو موسى دمبا، بدا منذ انطلاقته أحادياً في التنظيم والمشاركة، غابت عنه رموز سياسية ومرجعيات تقليدية وأطر وفاعلون محليون يُعدّون من أبرز الداعمين لمسار الرئيس غزواني في المقاطعة.
ولم تُفلح مشاركة النائب السابق الدكتور باب ولد بنيوك ومجموعته، ولا حضور عمدة بلدية كنكي و بعض ممثلي منظمات المجتمع المدني، في التغطية على طابع الإقصاء والتهميش الذي طبع التحضير، وعكس في النهاية صورة لمهرجان لا يعكس التنوع السياسي والاجتماعي الذي تميزت به كيهيدي تاريخياً.
وما زاد الصورة قتامةً هو الغياب الكامل لتجسيد شعارات الوحدة الوطنية، التي ظل يُرفع شعارها طيلة الأيام السابقة للمهرجان، لكنها غابت تماماً عن الحضور الواقعي على الأرض، حيث بدت القاعة شبه خالية من وجوه تمثل مختلف مكونات الطيف السياسي والاجتماعي في المدينة.
الحضور الباهت، و الذي اغلبه تم جلبه من بلدية جول ، لم يُخفِ هشاشته، كشف بجلاء عن الوزن الشعبي المحدود للمنظمين، خاصة وأن أغلب من حضر لا يُحسب عليهم، بل ينتمي لجهات أخرى، مثل مجموعة النائب السابق باب ولد بنيوك، وبعض النشطاء المدنيين الذين لبّوا الدعوة بصفة شخصية لا سياسية.
عدد من المراقبين رأوا أن غياب التنسيق مع بقية الفاعلين، وتجاهل إشراك كل الحساسيات السياسية، يعكس نية مضمرة لتحويل المناسبة إلى منصة لإطلاق تحالف سياسي جديد، يستثمر الذكرى الرمزية للمأمورية الثانية لتدشين حراك سياسي مبكر، بعيداً عن منطق التشاركية والاحتواء.
ويذهب آخرون إلى تحميل حزب الإنصاف جزءاً من المسؤولية، بحكم علمه المسبق بالمهرجان وعدم تدخله لتصحيح مسار التنظيم وضمان شموليته، ما ساهم ـ بنظرهم ـ في تعميق الشرخ داخل معسكر دعم الرئيس في كيهيدي، وزاد منسوب التوتر بين الفرقاء.
وهكذا، وبينما كانت الأنظار تترقّب مهرجاناً وطنياً يوحّد الكلمة خلف مشروع الرئيس، جاءت النتيجة عكسية، لترسّخ الانقسام وتؤسس لما يشبه استقطاباً جديداً، قد يكون له ما بعده في مشهد المقاطعة السياسي.
فهل أصبح إحياء الذكرى الأولى للمأمورية مناسبةً لتكريس الانقسام بدل الوحدة في كيهيدي ؟ أم أننا أمام تحولات سياسية صامتة بدأت تتجلى على وقع حسابات محلية دقيقة؟