أخبار وتقاريرتحقيقاتمميز

تراشق إعلامي بين حزب الإتحاد وتواصل… هل عادت موريتانيا للإحتقان السياسي..

الشروق / أثار خطاب الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، في الذكرى الـ61 لاستقلال البلاد في 28 نوفمبر  الماضي، سجالا سياسيا وتراشقا إعلاميا حادا بين أكبر حزبين في البلاد، “الاتحاد من أجل الجمهورية” الحاكم و”التجمع الوطني للإصلاح والتنمية” (معارض).

وعمّق التراشق الإعلامي بين الحزبين تصدّع التهدئة السياسية التي عرفتها البلاد منذ وصول الرئيس الغزواني للسلطة عام 2019 وأثار تساؤلات حول ما إذا كانت البلاد على وشك العودة إلى مرحلة الاحتقان والتجاذب السياسي.

 

حصيلة عامين

وفي كلمة له بثها التلفزيون الرسمي، عشية ذكرى الاستقلال عن فرنسا في 28 نوفمبر الماضي، قال الرئيس ولد الغزواني إن جهود الحكومة خلال الفترة الأخيرة انصبت على “تحقيق العدالة الاجتماعية، بمكافحة الفقر، والهشاشة، والغبن، والإقصاء، وعلى بناء تنمية شاملة مستديمة”.

واستعرض الغزواني حصيلة عامين من حكمه، مضيفا أنه عمل على “توفير حزام أمان اجتماعي، للطبقات الهشة”، متعهدا بمحاربة كل أشكال الفساد، من دون انتقائية أو تصفية حسابات.

 

“شعبوية تلامس حدود الاستخفاف”

وبعد ثلاثة أيام من خطاب الرئيس، أصدر حزب “التجمع الوطني للإصلاح والتنمية” بيانا صحفيا وصف فيه حديث ولد الغزواني عن الفساد ومحاربته بأنها “شعبوية تلامس حدود الاستخفاف”، وهي العبارة التي أثارت غضب حزب “الاتحاد من أجل الجمهورية” الحاكم الذي رد ببيان شديد اللهجة.

فقد وصف “الاتحاد من أجل الجمهورية” بيان “التجمع الوطني للإصلاح والتنمية” المعارض بأنه “متهافت”، متهما الحزب بأن لديه “نوايا مبيتة وأجندات لا تخفى على أحد”، قبل أن يدخل الحزبان في التراشق بالأسئلة التي تستبطن مواقفهما السياسية.

 

صورة وردية

حزب “التجمع الوطني للإصلاح والتنمية” المعارض اعتبر أن ولد الغزواني “بدل استشعار الأزمة التي تمر بها البلاد والحديث عن سبل حلها، اختار في خطاب ذكرى الاستقلال تقديم صورة وردية عن الحلول المقدمة، وكأنها كانت ناجعة أو قريبة من ذلك، في حين يكشف الواقع أنها كانت حلولا جزئية مرتجلة فاقدة للرؤية مكرسة في بعض الأحيان للاختلالات القائمة”.

وتساءل الحزب: “ما الذي قامت به الحكومة للحد من انعكاس الظروف الدولية على أسعار المواد الأساسية؟

هل ألغت الزيادة غير المبررة على أسعار المحروقات؟

هل عملت الحكومة على الحد من تصدير نوعيات السمك المستهلكة محليا لضبط سعرها في أسواقنا المحلية؟

هل دعمت الدولة القدرة الشرائية للمواطن من خلال رفع الأجور؟”.

وتابع الحزب في تساؤلاته: “من الذي عيّن المفسدين وأعاد تدويرهم ومكن لهم في أهم مفاصل الدولة؟

من الذي تغاضى وربما شجع على انتشار ممارسات الفساد وصفقاته؟”.

 

خلط في الأوراق

رد الحزب الحاكم لم يتأخر، إذ أصدر في اليوم عينه بيانا، اعتبر فيه أن ما صدر “التجمع الوطني للإصلاح والتنمية” ينم عن خلط في الأوراق والحسابات، وكشف لنوايا مبيتة وأجندات لا تخفى على أحد”.

واعتبر الحزب الحاكم أن ما صدر عن حزب “التجمع الوطني للإصلاح والتنمية” المعارض يشكل “مغالطة للرأي العام الوطني”.

وأضاف: “لقد تجاهل حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية استعادة موريتانيا لمكانتها في المنطقة وفي العالم، ولم يجد مناصا من أن يتجاهل حقيقة التفاف الشعب حول قائده وخياراته الاستراتيجية”.

وتابع: “لقد برهن الشعب على أنه لم يعد ذلك التبن الذي يحرك، وفق الأجندات التوافقية، والمبادرات السياسية المتجاوزة، والفاقدة للمصداقية والمكشوفة الأهداف المتصلبة على المواقف التقليدية للمعارضة السلبية، من خلال التذبذب والمواقف المتناقضة من أجل خلق موطئ قدم في ساحة لم تعد تعترف إلا بالصادقين الأوفياء”.

وتساءل الحزب: “من أطلق يد الهيئات الرقابية الوطنية؟! ومن نشر تقارير محكمة الحسابات؟”.

وخلص الحزب الحاكم إلى القول:” لقد أحبط خطاب الاستقلال آمالكم (يقصد التجمع الوطني للإصلاح والتنمية) لأنكم تريدونه متهافتا، يبتعد عن الصراحة والمكاشفة، ومجافيا للحقائق على الأرض، وغير متناغم مع متطلبات الشعب وطموحاته، غير مبشر بمستقبل زاهر لهذا الشعب الكريم، ولكنه كان خطابا يتحدى المتقولين، والمصطادين في مياه الإفك والشائعات، المقتاتين على التحريض والاستفزاز، المتربصين بالوطن وقضاياه الهامة”.

تصعيد سياسي

 التراشق الإعلامي بين أكبر حزبين سياسيين في البلد  حسب العديد من المراقبين المحليين، يدخل في إطار تصعيد سياسي واضح بدأته أحزاب المعارضة منذ أسابيع، فمن  الواضح أن المعارضة باتت تتجه نحو التصعيد السياسي ضد نظام الرئيس ولد الغزواني، ومن الواضح أيضـا  أن الحزب الحاكم جاهز للدفاع عن النظام”.

فالجميع بات يخشى أن تعود البلاد مجددا إلى مرحلة الاحتقان السياسي، في ظل تأخر إطلاق الحوار السياسي الذي أعلن الرئيس ولد الغزواني أنه بصدد تنظيمه وأنه لن يستثني أحدا ولن يحظر فيه أي موضوع.

وفي أكثر من مناسبة، دعت المعارضة إلى تنظيم حوار مع الحكومة يهدف إلى عدم إقصاء المعارضة من التعيينات والمناصب العليا وبعض الشؤون العامة.

وطرحت “منسقية الأحزاب الممثلة في البرلمان” (12 حزبا من المعارضة والموالاة)، في مارس الماضي، وثيقة تضمنت خريطة طريق لتنظيم حوار سياسي مع الحكومة.

ووفق الوثيقة، فإن مواضيع الحوار يجب أن تركز على “المسار الديمقراطي، والإصلاحات الدستورية والتشريعية، وتعزيز دولة القانون، وتطبيع الحياة السياسية، ومعالجة إشكالية الرق ومخلفاته، ومكافحة الفساد، وإصلاح القضاء، والإصلاح الإداري والعقاري، وحماية المصالح العليا للبلد”.

وفي أغسطس الماضي، دعت 3 أحزاب معارضة، هي “التجمع الوطني للإصلاح والتنمية” و”التحالف الشعبي التقدمي” و”المستقبل”، ولد الغزواني إلى اتخاذ “إجراءات عاجلة وفورية للقضاء على كل أشكال الإقصاء والتهميش في السياسيات الحكومية”، في إشارة إلى عدم التشاور مع الأحزاب بشأن تلك السياسات.

وبدأ ولد الغزواني مطلع أغسطس 2019، ولاية رئاسية من 5 سنوات، إثر فوزه بنسبة 52 بالمئة في انتخابات أُجريت في 22 يونيو من ذلك العام.

(الأناضول)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى