أخبار كوركولمميز

أمبود… مقاطعة التهميش المزمن رغم وفرة الكفاءات وغنى الموارد

الشروق نت / .. في عمق الجنوب الموريتاني، وعلى ضفاف مقدرات زراعية ومائية ومعدنية هائلة، تقف مقاطعة أمبود، إحدى أكبر مقاطعات ولاية كوركول، على هامش المشهد التنموي والسياسي، في معادلة مفارقة بين وفرة الإمكانيات وتراجع الاهتمام الرسمي. فمنذ عقود، ظلت هذه المقاطعة بمثابة “الخزان الانتخابي الصامت”، الذي يدلي بصوته في كل استحقاق، دون أن يُكافأ بتنمية توازي ثقله، أو تمثيل يعكس حجمه.

كفاءات معطّلة ومواقع قرار مغلقة

تضم أمبود نخبة معتبرة من الشباب المتعلم، في مختلف الحقول العلمية والمهنية. أطباء، مهندسون، أساتذة، إداريون وتقنيون، تخرجوا من أرقى المؤسسات الأكاديمية داخل البلاد وخارجها، غير أن الأبواب ظلت موصدة أمامهم في دوائر القرار والتسيير. وغالبًا ما تكون التعيينات التي تطال بعض أبناء المقاطعة محدودة التأثير، بعيدة عن طموحات الساكنة، وتفتقر للقدرة على الدفع بقضايا المنطقة نحو الاهتمام الجاد.

لقد تحوّل هذا التهميش، في نظر كثير من أبناء المقاطعة، إلى نمط مزمن، ومؤشر على ضعف العدالة المجالية، في الوقت الذي تشهد فيه جهات أخرى تحولات تنموية سريعة، ومشاركة فعالة في صناعة القرار.

ثروات زراعية ومعدنية… خارج الاستثمار الحقيقي

اقتصاديًا، تُعد أمبود من أغنى المقاطعات من حيث الموارد الطبيعية. فهي تحتضن أكبر مشروع زراعي في ولاية كوركول بل وفي البلاد عموماً، على امتداد مساحات خصبة، وبمقدرات ري طبيعية هائلة. ومع ذلك، لا تزال الزراعة فيها تقليدية، ضعيفة الاستثمار، مغيبة عن الخطط الكبرى التي تُطرح في المناسبات الرسمية.

كما تحتوي المقاطعة على ثروات من الذهب، لا تزال في أغلبها غير مستغلة أو موثقة بما يكفي، بينما تزداد البطالة بين الشباب، وتُطرح تساؤلات حادة حول دور الدولة في تحويل هذه الموارد إلى محركات تنموية فعلية.

بحيرة فم لكليتة… العطش على ضفاف الماء

على المستوى المائي، تكشف بحيرة فم لكليتة عن مفارقة أخرى، إذ تُستخدم لتزويد مناطق في ولاية لعصابة بالماء الصالح للشرب، بينما تعاني القرى القريبة منها داخل مقاطعة أمبود من ندرة المياه، أو الاعتماد على مصادر تقليدية وملوثة في كثير من الأحيان. هذا الواقع يثير تساؤلات ملحّة حول غياب خطط توزيع عادلة وعقلانية للموارد المائية.

البنى التحتية: عزلة وأمل مؤجل

لا تختلف الصورة كثيرًا في ما يخص البنية التحتية. فالطرقات التي تربط مركز المقاطعة ببلدياتها التسع تعاني من التدهور أو الانعدام، مما يعمّق من عزلة السكان، خاصة في فصل الأمطار. كما تعاني المدارس من ضعف التجهيز، والنقاط الصحية من نقص الطواقم والمعدات، في وقت يضطر فيه العديد من المواطنين لقطع مسافات طويلة من أجل أبسط الخدمات الأساسية.

دعم متواصل للنظام… وتمثيل لا يوازي الولاء

على مدى الاستحقاقات الانتخابية المتعاقبة، عرفت أمبود بدعمها الثابت للأنظمة المتوالية، بما في ذلك النظام الحالي برئاسة السيد محمد ولد الشيخ الغزواني. غير أن هذا الولاء لم يُترجم إلى مكاسب تنموية واضحة، أو تمثيل سياسي يتماشى مع حجم المقاطعة ومساهمتها في دعم الاستقرار الوطني.

 أبناء المقاطعة: الإنصاف لا الامتياز

في ظل هذه الوضعية، يرفع أبناء مقاطعة أمبود صوتهم بمناشدة وطنية خالصة، مطالبين الدولة بإنصاف منطقتهم، لا بمنحها امتيازات، بل بتمكينها من حقوقها المشروعة، في التنمية، في التوظيف، وفي الحضور ضمن خارطة القرار الوطني. فالمقاطعة تستحق، بكفاءاتها وثرواتها وموقعها الجغرافي، أن تكون جزءًا فاعلًا من معادلة النمو والاستقرار.

أمل في التفاتة رئاسية

وإذ يثمن سكان أمبود الجهود الإصلاحية الجارية في البلاد، فإنهم يعلّقون آمالهم على لفتة من رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، تعيد الاعتبار لمقاطعتهم، وتفتح أمامها أبواب المشاركة والتنمية المتوازنة، بما يليق بتاريخها، ويستجيب لتطلعات شبابها، ويضع حدًا لسنوات من التهميش المتراكم.

عالي أحمد سالم الملقب (البو )

 

  

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى