أخبار كوركولأخبار وتقاريرمميز

كوركول الخضراء: كيف أعادت المندوبية الجهوية للبيئة الحياة إلى الأشجار والمؤسسات”

الشروق نت – كيهيدي

لم يكن المشهد في المندوبية الجهوية للبيئة بكوركول يوم الرابع والعشرين من أبريل 2025 يوحي بالكثير من الأمل؛ مكاتب باهتة، مستودعات متآكلة، مركبات شبه معطلة، وأجهزة حاسوب تحتاج إلى أكثر من مجرد إصلاح، إضافة إلى نشاط ميداني يكاد يكون غائبًا، وطاقم نصفه من النساء في ولاية رعوية مترامية الأطراف تتطلب فرقًا ميدانية عالية القدرة على الحركة والانتشار السريع، الأمر الذي جعل توازن الأدوار بين الجنسين شرطًا ضروريًا لتحسين الأداء.

لكن مع تسلّم المندوب الجهوي الحالي السيد عبد الله حمدي عبد السلام مهامه، بدأت ملامح التحوّل تظهر تباعًا، مدفوعة برؤية واقعية تعرف حدود الإمكانات لكنها لا تستسلم لها.

أولى الخطوات كانت عملية ترميم شاملة، شملت المكاتب والمستودعات والمركبات وأجهزة العمل، ترافقها لمسات رمزية ذات أثر معنوي مثل إعادة رفع العلم الوطني على واجهة المندوبية، إيذانًا بعودة المؤسسة إلى صورتها اللائقة أمام الشركاء والمواطنين.

وفي خطوة عملية لتعزيز الفاعلية، تم دمج جهود الحماية المدنية مع فرق البيئة في بعض الأنشطة الميدانية، ما سمح بتوسيع نطاق العمل وتقليص زمن التدخل.

غير أن النقلة الأبرز جاءت مع إعادة تشغيل المشتلة المركزية، التي كانت متوقفة منذ أربع سنوات، وذلك بفضل جهد شخصي وتعبئة للموارد المحلية، شملت توفير صهريج مائي دائم لسقايتها. واليوم، تضم المشتلة ثمانية عشر صنفًا من الأشجار، بينها عشرة أنواع من الظل والزينة والمثمرة، وثمانية أصناف طبيعية متأقلمة مع مناخ كوركول والمناطق المجاورة، بطاقة إنتاجية سنوية تصل إلى ثمانية آلاف شجرة، ما يجعلها رافدًا محوريًا لحملات التشجير في المنطقة.

وقد تجلّت قدرة المندوبية على العمل الميداني في الأسبوع الوطني للشجرة لهذا العام، المنظم تحت رعاية فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وبإشراف مباشر من وزيرة البيئة، حيث تحولت كوركول إلى ورشة خضراء مفتوحة. أشرف والي الولاية على إطلاق الحملة التي امتدت إلى جميع المقاطعات، وشملت المدارس، والمحميات الاقتصادية المغلقة، والتعاونيات النسائية، والمرافق الإدارية والسياحية، إضافة إلى التوزيع المجاني على المواطنين، ليصل مجموع ما تم غرسه إلى أربعة آلاف وثمانمائة شجرة في أيام معدودة.

هذا الزخم لم يكن مجرد استجابة لمناسبة وطنية، بل انسجامًا مع التوجه الإستراتيجي للدولة نحو تعزيز الغطاء النباتي ومكافحة التصحر والتغير المناخي، وهو ما أكده حضور السلطات المحلية وتعاون الفاعلين المدنيين، في صورة تعكس أن حماية البيئة ليست ترفًا مؤسسيًا بل ضرورة تنموية واقتصادية.

هكذا، استطاعت المندوبية الجهوية للبيئة بكوركول، رغم إرث ثقيل وموارد محدودة، أن تنتقل من مؤسسة هامدة إلى ذراع بيئية نشطة، تاركة بصمات خضراء باقية، ومرسخة رسالة مفادها أن العمل الميداني المدروس قادر على تغيير المعادلات، حتى حين تهب رياح التحديات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى