حين صعدت جندا المنصة.. كان الحلم أكبر من الجائزة..

الشروق نت- كيهيدي
في القاعة الكبيرة التي ازدانت بلافتات “المؤتمر الوطني الأول لتمكين الشباب”، كان الحضور يتابعون بترقب إعلان الفائزين. على المقاعد الأمامية جلست جندا الاصان با، شابة من مقاطعة مونكل، تتأمل لحظة لطالما حلمت بها. أصابعها تتشابك، وعيناها تلاحقان الميكروفون الذي سيحمل خبرًا قد يغيّر مسار حياتها.
*”المركز الأول… جندا الاصان با”*، دوّى الاسم وسط تصفيق حار. نهضت بخطى ثابتة، رغم خفقان قلبها، وصعدت المنصة بابتسامة تجمع بين الفخر والتأثر.
لم تكن جندا مجرد متسابقة، بل حكاية كفاح بدأت قبل سنوات. بعد أن اضطرتها الظروف الاجتماعية لترك مقاعد الدراسة، وهي حاصلة على شهادة ختم الدروس الإعدادية ومستوى الباكلوريا، قررت ألا تكون النهاية. من غرفة صغيرة في منزل العائلة، انطلق مشروعها: متجر لتوفير مستلزمات النساء، يلبي حاجات نساء مونكل اللواتي يقطعن مسافات طويلة لاقتناء أبسط احتياجاتهن.
أمام لجنة التحكيم، لم يكن عرض جندا مجرد أرقام وخطط، بل كان خطابًا من القلب. تحدثت عن نساء المقاطعة، عن معاناتهن في الوصول للخدمات، وعن كيف يمكن لمشروع صغير أن يختصر عليهن المسافة والوقت. كان الحماس يسبق كلماتها، والعزم يتسلل إلى ملامحها.
الجائزة – 200 ألف أوقية قديمة – لم تكن بالنسبة لها سوى حجر صغير في بناء كبير، لكنها كانت الحجر الأول الذي وُضع بمساعدة الآخرين. تقول وهي تتسلم الشيك: “هذا المبلغ لن يغطي كل التكاليف، لكنه دعم مهم. الأهم أنه إشارة واضحة إلى أن جهدي يستحق، وأن هناك من يثق بي. أشيد بالشفافية التي سادت المسابقة، وأشعر أني خرجت اليوم أكبر من مجرد فائزة”.
بعد انتهاء التصفيق، عادت جندا إلى مقعدها وهي تحمل الجائزة، لكن داخلها كانت تحمل شيئًا أثمن: يقين أن حلمها ممكن، وأن الطريق الذي بدأته بخطوة وحيدة، صار اليوم يضم رفقة تؤمن بها. في عينيها، كان المستقبل أقرب مما تظن، وفي قلبها كانت مونكل كلها تبتسم.