مهرجانات كيهيدي وتولل.. بروباغندا الهيمنة الزائفة في ذكرى مأمورية غزواني..

الشروق نت- كيهيدي
لم يكن إعلان وزير الإسكان أنيانغ مامودو عن تنظيم مهرجان سياسي في بلدية تولل بمناسبة الذكرى الأولى للمأمورية الثانية للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني حدثًا عابرًا في المشهد السياسي الجهوي، بقدر ما مثّل حلقة جديدة من حلقات الصراع المكتوم بين الأقطاب المحلية، وتجليًا صارخًا لمعضلة “الهيمنة الوهمية” التي تحاول بعض المجموعات تكريسها عبر مهرجانات شكلية لا تنطوي على قاعدة شعبية صلبة.
المهرجان الذي ينطلق مساء اليوم ، يأتي بعد أسبوع فقط من مهرجان مماثل نظمه جالو مامادو عبد الله، مدير ديوان الوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، في مدينة كيهيدي، عاصمة ولاية كوركول.
غير أن اختيار أنيانغ لبلدية تولل، ذات الغالبية السوننكية، بدلًا من مقامة عاصمة المقاطعة، أو البلديات المحسوبة على حاضنته الاجتماعية، أو حتى دوائر نفوذ حليفه السياسي النائب هاشم ولد الساموري، يكشف حجم التراجع المضطرد في نفوذ الرجل وحلفه السياسي، وهو التراجع الذي برز بشكل جلي خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، بعد أن خسر المرشح غزواني فيها غالبية أصوات تلك الدوائر.
من الناحية السياسية، يقرأ مراقبون مهرجان أنيانغ باعتباره ردة فعل متأخرة على مهرجان غريمه جالو، أكثر من كونه مبادرة جديدة أو ديناميكية فاعلة داخل المشهد. فالوزير الذي بالكاد انتزع فوزًا صعبًا في التشريعيات الماضية بعد شوط ثانٍ شاق، يجد نفسه اليوم في موقع دفاعي، يلوّح باستعراضات خطابية أقرب إلى رقصة الديك المذبوح منها إلى تجديد ثقة القواعد الشعبية.
اللافت أن هذه المهرجانات – سواء في كيهيدي أو مقامة أو تولل – تظل محصورة في أطر ضيقة، أحادية التنظيم، لم يُشرك فيها بقية داعمي الرئيس غزواني، ولم تسبقها مشاورات جادة مع مختلف الأطراف الموالية. وهو ما يجعلها، في جوهرها، مجرد مسرحيات سياسية، هدفها تضخيم الحضور الإعلامي وإيهام الرأي العام بوجود هيمنة كبرى للمكونة الاجتماعية التي ينتمي إليها المنظمون.
لكن الواقع الميداني والانتخابي أثبت أن هذه الهيمنة المزعومة ليست سوى كذبة سياسية كبرى، سرعان ما تتهاوى أمام صناديق الاقتراع. فالمكاتب الانتخابية في مقاطعات نفوذ الوزير أظهرت تراجعًا دراماتيكيا في شعبيته، في حين لم تنجح المهرجانات الاحتفالية في إعادة ترميم الصورة المهزوزة.
ما يجري اليوم في كوركول ليس سوى إعادة إنتاج لنفس أدوات الماضي: بروباغندا مهرجانية، محاولات استعراض زائفة، وصراعات شخصية تُقدّم في ثوب الولاء للرئيس غزواني. غير أن الحقيقة التي لا يمكن حجبها أن هذه المهرجانات تكشف أكثر مما تخفي: تكشف تآكل نفوذ بعض الأقطاب، وتفضح وهم “الهيمنة الاجتماعية”، وتؤكد أن السياسة في موريتانيا لم تعد تقاس بعدد الكراسي في المهرجانات، بل بمدى القدرة على كسب ثقة الناخبين عبر البرامج والنتائج.
#البو