تصريح نائب “تواصل” عن مستشفى كيهيدي… مفارقات بين خطاب الحزب وإشادة ميدانية تثير الجدل

الشروق نت (كيهيدي)- شهدت مدينة كيهيدي مفارقة سياسية لافتة حين خرج نائب حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية “تواصل” إسلكو ولد أبهاه بتصريح من أمام مستشفى كيهيدي يشيد فيه بأداء الإدارة، وذلك بعد ساعات فقط من خطاب قوي لرئيس الحزب الدكتور حمادي ولد سيدي المختار في المدينة نفسها، انتقد فيه الوضع الصحي في البلاد بلهجة حادة واعتبره أحد أبرز مواطن الخلل.
هذا التباين بين خطاب رئيس الحزب وتصريح ممثله في الميدان فتح الباب أمام تساؤلات عديدة حول خلفيات الموقف وطبيعة الرسالة التي أراد النائب توجيهها.
النائب الذي زار المستشفى لم يجد مديره الدكتور محمد المصطفى ولد إبراهيم، الغائب منذ أكثر من عشرة أيام عن مقر عمله، ليُستقبَل بدلًا عنه من طرف المدير المساعد.
ورغم ذلك، سجّل إشادة واضحة بالإدارة والتحسينات التي قال إنه لمسها خلال زيارته، وهو ما اعتبره متابعون مجاملة سياسية لمدير جمعته مع حزب تواصل مؤخرا علاقة تحالف خلال انتخابات التمثيل النقابي الأخيرة.
وفي تصريح لافت، قال النائب إسلكو ولد أبهاه إن المستشفى يعاني من متأخرات مالية تصل إلى 55 مليون أوقية قديمة، وهي متأخرات موثقة فعلاً، لكنها تعود لسنوات 2020 و2021، أي قبل وصول المدير الحالي الذي تسلّم مهامه في 1 أغشت 2022.
اللافت أن حديث النائب أغفل المتأخرات الحديثة التي تراكمت في ظل الإدارة الحالية، وتشمل مستحقات المداومة الليلية لأشهر من 2022 و2023 و2024 و2025، إضافة إلى علاوة التشجيع المتأخرة لسنوات 2023 و2024 و2025، وهي تأخيرات سبق أن دفعت العمال إلى التظاهر احتجاجاً.
كما أشار ولد أبهاه إلى إلغاء عقد الصيانة، لكن الوثائق تؤكد أن ما ألغي هو تجديد العقد فقط، وذلك بعد ملاحظات سجّلتها بعثة تفتيش حول خروقات في عقود الصيانة، وهي نقطة مهمة لم يتطرق إليها التصريح بالتفصيل.
ويرى مراقبون أن النائب إسلكو ولد أبهاه بدا مطلعاً على بعض تفاصيل وضع المستشفى، لكنه اختار توجيه النقد نحو الوزارة، متجاوزاً مسؤوليات الإدارة الحالية التي أثنى عليها رغم غياب مديرها عن مكتبه.
وتتعقد الصورة أكثر حين يُلاحظ أن مدير مستشفى كيهيدي كان قد انسحب من حزب تواصل سنة 2014، وهو اليوم فاعل نشط في حزب الإنصاف ضمن حلف الوزير الأول المختار ولد أجاي، قبل أن يبرز مؤخراً تقارب جديد بينه وبين حزب تواصل على خلفية التنسيق خلال انتخابات التمثيلية النقابية الماضية.
وتأتي هذه التطورات في وقت أنهت فيه بعثة تفتيش من وزارة المالية أعمالها في المستشفى قبل أيام، ضمن متابعة حكومية لملفات التسيير في المؤسسات الصحية.
وهكذا، جاءت زيارة نائب “تواصل” لتكشف مشهداً سياسياً معقداً تختلط فيه الحسابات والولاءات ومواقع النفوذ، بين خطاب مركزي ينتقد وضع الصحة في البلاد، وتصريح ميداني يقدم صورة مختلفة لا تزال مثار استغراب وتساؤل في كيهيدي وخارجها.




