أخبار وتقاريرمميز

جمارك نواذيبو… يقظة قانونية وصرامة ميدانية تعيد رسم ملامح الحماية الاقتصادية في موريتانيا

الشروق نت / منذ أن تولّى المفتش الرئيسي محمد الأمين ولد أبوه الإدارة الجهوية للجمارك في ولاية داخلت نواذيبو سنة 2020، شهدت المنظومة الجمركية في الولاية تحولًا نوعيًا في أسلوب أدائها، وفي مستوى جاهزيتها وقدرتها على حماية الحدود الاقتصادية للبلاد، ترجمةً لرؤية إصلاحية قوامها الانضباط واليقظة وتفعيل النصوص القانونية بروح من المهنية والمسؤولية.

فقد برزت الجمارك تحت قيادته كجهاز يحارب التهريب دون هوادة، ويقف سدًا منيعًا أمام المواد الضارة، ويسهر على حماية المستهلك، مستندًا إلى مقاربة أكثر ديناميكية وانفتاحًا وشفافية.

ولم يكن هذا التحول مجرد انطباع أو تقييـم مجامل، بل أكدته الوقائع المتتابعة التي عرفتها الولاية خلال السنوات الأخيرة، بدءًا من سلسلة عمليات التفتيش النوعية، ووصولًا إلى الضبطيات الكبرى التي شكلت محور اهتمام الرأي العام، سواء تعلق الأمر بضبط المواد المنتهية الصلاحية، أو مصادرة العملة الصعبة، أو إحباط محاولات تهريب المخدرات.

ففي 19 نوفمبر 2024، تمكن مكتب جمارك المنطقة الحرة من حجز ما يقارب 95 ألفًا و868 لترًا من الألبان الفاسدة، تمثل حمولة أربع حاويات كاملة، قبل أن يجري إتلافها قرب مدينة نواذيبو، وهي عملية وصفها المدير الجهوي حينها بأنها “جزء من الجهد الوطني لحماية المستهلك، نظرًا لخطورة هذه المواد على الصحة العامة”.

وبعد أقل من عام، عادت الجمارك لتؤكد حضورها الاستباقي حين أتلفت، في 23 أغسطس 2025، حوالي 27 طنًا من الجزر الفاسد، في خطوة جديدة عكست استمرارية النهج ذاته المبني على صرامة الرقابة وحماية صحة المواطنين.

وفي موازاة ذلك، عرفت الولاية إحدى أكثر الفترات نشاطًا في مجال مكافحة تهريب العملة الصعبة، حيث أسفرت عمليات التفتيش الروتينية الصارمة عن ضبط مبالغ كبيرة من اليورو، كانت في طريقها للخروج أو الدخول بطرق احتيالية.

ففي 24 مايو 2025، ضبطت الفرق الجمركية 20 ألف يورو بحوزة أحد الركاب في سيارة نقل أشخاص، ثم عادت بعد أقل من عشرة أيام، في 4 يونيو 2025، لتصادر 20 ألف يورو أخرى في عملية مماثلة. ولم يكد يمضي شهر واحد حتى تمكنت الجمارك، في 17 مارس 2025، من إحباط واحدة من أكبر عمليات تهريب العملة خلال العام، حيث صودِر مبلغ 200 ألف يورو كان مخبوءًا بعناية تحت المقاعد الخلفية لسيارة يقودها مواطن موريتاني عند النقطة الحدودية 55، في مشهد عكس احترافية نادرة ويقظة ميدانية عالية.

أما على مستوى مكافحة المخدرات والمواد المحظورة، فقد سجّلت الفرق الجمركية عدة عمليات نوعية تمكنت خلالها من ضبط شحنات من القنب الهندي وغيره من المواد الضارة، وإحالة المتورطين إلى الجهات المختصة. وجاءت هذه النجاحات تتويجًا لعمل ميداني مضنٍ، يعتمد على المتابعة اليومية وتبادل المعلومات وتفعيل الدوريات المتقدمة والرقابة على منافذ الولاية البرية والبحرية على حد سواء.

وفي سياق يتداخل فيه الأمن بالاقتصاد، وُجهت الجهود كذلك إلى تطبيق النظام الجمركي الخاص بمنطقة نواذيبو الحرة، بما يخدم مناخ الاستثمار ويسهّل حركة البضائع في إطار القانون، عبر تبسيط الإجراءات، وتقريب الخدمات من الفاعلين الاقتصاديين، واعتماد مقاربة أكثر شفافية، تستجيب لتوجيهات السلطات العليا الرامية إلى إرساء بيئة اقتصادية سليمة ومنضبطة.

وقد تزامن هذا الحضور الميداني القوي مع قفزة معتبرة في المداخيل الجمركية، كانت ثمرة للصرامة في تحصيل الرسوم، وللحد من التهرب، ولتطوير آليات المراقبة الإدارية والفنية، وهو ما أشاد به متابعون رأوا في الأداء الحالي للجمارك بنواذيبو نموذجًا متقدمًا لما يمكن أن تصنعه القيادة حين تتوافر الإرادة الجادة والكفاءة المهنية.

فقد عمل المفتش الرئيسي محمد الأمين ولد أبوه على إعادة تنظيم العمل الداخلي، ورفع مستوى الجاهزية، وتطوير روح الالتزام لدى عناصر الجمارك، مما انعكس مباشرة على جودة النتائج ووتيرة الإنجازات.

وتجمع هذه الحصيلة — بما تضمنته من ضبطيات ضخمة، وعمليات نوعية، وإتلاف مواد خطرة، وتطبيق صارم للقوانين، وتحسين ملموس في الموارد — على أن الجمارك في نواذيبو تعيش اليوم مرحلة جديدة في مسارها، مرحلة يتصدرها الانضباط والصرامة وحماية المصلحة العامة، ويرسم ملامحَها مديرٌ جادٌّ يعرف كيف يقود ويُتابع ويحاسب، ويمنح المثال قبل الأمر.

إنها تجربة سلطت الضوء على قدرة الجهاز الجمركي، حين تتوافر له قيادة يقظة، على حماية الأمن الاقتصادي، وصون صحة المستهلك، وتعزيز موارد الدولة، وتثبيت هيبة القانون في أرض هي بوابة البلاد البحرية والاقتصادية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى