أخبار كوركولأخبار وتقاريرمميز

جدل حول تكلفة سد تاقو تالله..ما يقارب نصف مليار أوقية قديمة تثير تساؤلات عن شفافية مشاريع “تآزر” في أمبود

الشروق نت (خاص )

في حادثة أثارت موجة استغراب واسعة في الأوساط المحلية، أعلن المندوب العام للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء “تآزر”، الشيخ ولد أبده، أن تكلفة سد تاقو تالله، الواقع في بلدية دباي أهل كلاي بمقاطعة أمبود، بلغت 400 مليون أوقية قديمة، وذلك في تصريح موثق بالصوت والصورة، أدلى به أمام والي كوركول، وحاكم المقاطعة، ومنتخبيها، والسلطات الأمنية والعسكرية.

هذا الرقم، الذي أُعلن على الملأ، فجّر تساؤلات عميقة حول مدى تطابق التكلفة المُعلنة مع طبيعة الأشغال المنجزة، ليعود ملف شفافية ونجاعة تنفيذ مشاريع “تآزر” إلى الواجهة من جديد، خصوصًا في ظل سوابق مثيرة للجدل شهدتها المقاطعة نفسها.

أشغال محدودة وتكلفة ضخمة… أين ذهبت الملايين؟

بحسب معطيات ميدانية حصلت عليها الشروق نت، فإن سد تاقو تالله، المصنّف كسد زراعي وتُقدّر مساحة حوضه بحوالي 25 هكتارًا، لا يحمل من “الضخامة” سوى التكلفة. فبعرض يبلغ نحو 1200 متر، لم يُنجز من الأعمال الإسمنتية سوى أقل من 300 متر، بينما اكتُفي في بقية الأجزاء بحواجز ترابية مغطاة بالحجارة.

كما فُتح ممر ضيق وسط الحاجز الإسمنتي بغرض التحكم في تدفق المياه، من دون منظومة صرف متكاملة أو حماية من السيول، ما اعتبره مراقبون ثغرة خطيرة في التصميم، تُهدد بانجراف السد مع أول فيضان موسمي، في ظل هشاشة القاعدة وغياب بنية خرسانية متينة.

ووفق معاينات فنية مستقلة، فإن الأشغال المنجزة لا يمكن بأي حال أن تبرّر تكلفة تُقارب نصف مليار أوقية قديمة، ما يثير شبهات تضخيم وتقصير في تقدير ومراقبة المشروع، ويدفع إلى المطالبة بمراجعة شاملة لكيفية إدارة الأموال العمومية في هذه المشاريع.

تجربة سد مونكل… السيول تجرفه كل عام ..

الجدل حول سد تاقو تالله أعاد إلى الأذهان تجربة سد مونكل، الذي أنجزته “تآزر” ، و لم يصمد أمام السيول الموسمية، إذ انهار مرتين متتاليتين منذ إنشائه، ما استدعى زيارته خلال الأسابيع الماضية من طرف المندوب العام، و الذي تعهّد  بإصلاحه للمرة الثالثة.

ويحذر مختصون من أن الحديث عن “إصلاح” بدلًا من “إعادة تصميم أو تقييم هندسي” يكشف عن خلل منهجي في التعاطي مع البنى التحتية، ويعكس منطق “الترقيع” بدلًا من التخطيط الجاد، مما يُهدد بتحول هذه المشاريع إلى ثقوب سوداء تبتلع المال العام بلا جدوى أو استدامة.

ممارسات مثيرة للريبة… توزيع الموارد وفق علاقات لا معايير

ولم تقتصر المؤشرات المثيرة للشكوك في عمل “تآزر” بمقاطعة أمبود على مشاريع البنية التحتية، بل طالت كذلك أسلوب توزيع المساعدات، كما كشفت الشروق نت في تقرير سابق عن ماكينة طحن مُقدّمة من المندوبية لصالح بلدية تارنكة، انتهى بها المطاف في حوزة عمدة سابق لبلدية تكوبرة.

عمدة تارنكة، عثمان، برّر تصرفه باتفاق ضمني خلال لقاء جمعه مع عدد من عمد حزب الكرامة والمندوب العام الشيخ ولد أبده، حيث أُبلغ أن تلبية طلب العمدة السابق لا يمكن أن تتم إلا عبر إدراجه ضمن بلديات الحزب. هذا التبرير، بحسب مراقبين، يُعد تحايلاً موثّقًا ومخالفًا للقانون، ويكشف عن استغلال نفوذ وتلاعب بالمخصصات العمومية.

وفي تطور لافت، علمت الشروق نت من مصادر محلية أن ضغوطًا مورست لاحقًا على عمدة تارنكة لكتابة رسالة شكر إلى المندوب العام، أحصى فيها “المساعدات” المقدمة، وذكر أن ماكينتي الطحن وُزعتا على قريتي ول كرون ولمغيمظ.

وهي خطوة اعتبرها متابعون محاولة لإبعاد المسؤولية عن المندوب، لكنها أوقعت العمدة في تناقض صريح يؤكد تسليم المساعدة خارج بلديته.

دعوات لتحقيق رسمي من أعلى المستويات

في ظل هذه المعطيات المتراكمة، تتزايد الدعوات المحلية لفتح تحقيق جدي وشفاف في أداء “تآزر” بمقاطعة أمبود، من أجل تحديد المسؤوليات، وتقييم التكلفة الحقيقية للمشاريع، وتدقيق كيفية توزيع الموارد، بما يضمن وقف الهدر ومحاسبة كل من تثبت مسؤوليته عن الفساد أو الإهمال.

الشروق نت تتحرك… تقرير استقصائي مرتقب

تُعلن الشروق نت أنها بصدد تنظيم زيارة ميدانية إلى سد تاقو تالله، برفقة مهندس مدني مستقل، لتقييم مدى مطابقة الأشغال المنفذة للتكلفة المُعلنة، ورصد الجوانب الفنية للمشروع على أرض الواقع. وسيتم لاحقًا نشر تقرير استقصائي موثّق وشامل، يهدف إلى كشف الحقيقة للرأي العام الوطني.

400 مليون مقابل حاجز ترابي؟ وسيلة طحن خارج نطاقها؟

أسئلة مشروعة تطرح نفسها بإلحاح في أمبود، وتنتظر إجابات واضحة من الجهات المختصة. ففي الوقت الذي يُفترض أن تكون فيه مشاريع “تآزر” رافعة تنموية للمناطق الهشة، تتزايد المخاوف من أن تتحوّل إلى عنوان لهدر المال العام وتكريس الزبونية.

ملف “تآزر” في أمبود مفتوح… والشروق تتابع..

#البو

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى