أخبار كوركولأخبار وتقاريرمميز

كوركول.. نموذج صحي متكامل بين السياسات الوطنية والتنفيذ الجهوي المتميز

الشروق نت / بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لعيد الاستقلال الوطني، تعد «الشروق نت» سلسلة تقارير ميدانية موسعة عن الإدارات الجهوية في ولاية كوركول، لتسليط الضوء على الإنجازات التنموية والخدمات الحيوية التي توفرها للمواطنين، ورصد الجهود المبذولة لتعزيز حضور الدولة في كل ربوع الولاية.

الشروق نت (كيهيدي) – تسجّل ولاية كوركول خلال العام الجاري تحولًا لافتًا في جودة خدماتها الصحية، نتيجة التناغم المحكم بين السياسات الطموحة لوزارة الصحة والتنفيذ الميداني الدقيق الذي تتولاه الإدارة الجهوية للصحة. فقد نجح هذا التكامل في بناء منظومة صحية أكثر حضورًا في حياة المواطنين، وأكثر قدرة على تلبية احتياجاتهم في المدن والقرى على حد سواء، وهو ما جعل الولاية نموذجًا متقدمًا في تجسيد البرامج الوطنية على مستوى القواعد.

وتبرز ملامح هذا التحول بدءًا من المستشفى الجهوي المصنف H3، الذي يشكل المحور المركزي للبنية الصحية في الولاية، بعد أن شهد خلال السنة الحالية عملية تطوير شاملة شملت البناء والتجديد والتجهيز، ليصبح مؤسسة قادرة على استقبال الحالات ذات التعقيد العالي، مدعومًا بطاقم طبي يضم عشرة أطباء عامين وممرضين وقابلات بأعداد تمكن من تلبية الطلب المتزايد على خدمات الرعاية. كما تم تدعيمه بسيارات إسعاف جديدة جاهزة على مدار الساعة، مع تقديم خدمة النقل الصحي المجاني، ما عزز انسيابية الإحالة العلاجية ورفع ثقة المواطنين في المرفق الصحي المرجعي.

وتُكمِل هذه المنشأة مرجعيتها شبكة واسعة من المراكز والنقاط الصحية المنتشرة في عموم الولاية، حيث تتوزع 12 مركزًا صحيًا بين فئتي “أ” و”ب”، إلى جانب 77 نقطة صحية وأكثر من 200 وكيل صحي يعملون في القرى والتجمعات التي لا تتوفر فيها منشآت ثابتة. وتوفر هذه البنى خدمات أساسية تشمل الاستشارات والفحوص ومتابعة صحة الأم والطفل والتلقيح ومراقبة الأوبئة والتغذية وطب الأسنان، إضافة إلى التكفل الشهري بالمرضى المعوزين في جميع المنشآت، حتى في العمليات الجراحية والقيصرية، وهو ما يعكس بعدًا اجتماعيًا واضحًا في السياسة الصحية المعتمدة داخل الولاية.

وقد شهدت السنة الجارية سلسلة من التدخلات النوعية التي أطلقتها وزارة الصحة ونفذتها الإدارة الجهوية، وشملت تزويد جميع المنشآت بمعدات متخصصة في مجال صحة الأم والطفل، وتعزيز أسطول النقل الصحي بسيارات إسعاف جديدة، وتكوين كامل الطاقم الطبي في الولاية، إلى جانب تدريب عشرات الممرضين والقابلات. كما تم ترميم خمس وثلاثين نقطة صحية ومركزين صحيين، وتكوين ثمانين وكيل صحة لدعم خدمات القرى والتجمعات البعيدة، مع تنفيذ حملات تحسيس واسعة في مختلف المقاطعات حول أهمية ولوج الحوامل والأطفال دون الخامسة إلى المرافق الصحية. واستفادت جميع المنشآت الصحية من برنامج “عناية”، كما شهدت لكصيبة وفم لكليتة بناء مركزين صحيين جديدين، إضافة إلى ثلاث نقاط صحية وصلت الأشغال فيها إلى مراحل متقدمة.

ويتواصل هذا المسار من خلال البرنامج الاستعجالي لتعميم النفاذ إلى الخدمات الأساسية، الذي سيغير وجه القطاع الصحي في الولاية ابتداء من سنة 2026 عبر مشاريع كبيرة تشمل بناء مستشفى مقاطعي في أمبود، وإنشاء سبعة مراكز صحية جديدة، وترقية نقطتين صحيتين إلى مستوى المراكز الصحية، وترميم مركز صحي آخر، واقتناء ثلاث وعشرين سيارة إسعاف، وتعزيز الطواقم الطبية، وتزويد جميع المنشآت الصحية بمعدات حديثة متقدمة.

ويُعدّ الدور اليومي للإدارة الجهوية للصحة عاملًا حاسمًا في تحويل هذه المشاريع إلى واقع ملموس، فهي الرابط الفعلي بين الوزارة المركزية والمنشآت الصحية في المدن والبلدات والقرى. ومن خلال مهامها في تنسيق الأنشطة، وضبط الجودة، وتأطير الطواقم، ومتابعة الوقاية، والاستجابة للطوارئ الوبائية، تضمن استمرارية الخدمات وفاعلية تنفيذ البرامج، وتفتح المجال أمام رفع مستوى الأداء في جميع الوحدات الصحية.

وقد تعزز تأثير هذه الإدارة خلال الفترة الأخيرة بفضل المتابعة الدقيقة التي يضطلع بها المدير الجهوي للصحة الدكتور اطول عمرو ولد سيدي هيبة، الذي اعتمد أسلوبًا يقوم على الالتزام الميداني المستمر، وزيارات التفقد اليومية، وإعداد تقارير تقييمية منتظمة عن وضعية المؤسسات الصحية. هذا الحضور العملي ساهم في بناء انسجام مهني داخل القطاع، وتحسين الانضباط داخل المنشآت، ورفع جودة الخدمات، واستباق الإشكالات، وتوفير استجابة فورية للحالات الطارئة، مما جعل السكان يلمسون تحسنًا واضحًا في مستوى الخدمة الصحية.

وبفضل هذا التلاقي بين الرؤية المركزية والتنفيذ المحلي الفاعل، تتحول كوركول تدريجيًا إلى مساحة صحية مكتملة الأركان، تتطور بنيتها التحتية بوتيرة ثابتة، ويتعزز كادرها البشري باستمرار، وتتقارب خدماتها من المواطنين، بما يرسّخ نموذجًا صحيًا متقدمًا يعكس حضور الدولة ويستجيب لتطلعات السكان على امتداد الولاية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى