أخبار كوركولأخبار وتقاريرمميز

أمبود : بين حرص الرئيس غزواني وواقع الأشغال… سد تاقو تالله ينهار أمام 70 ملم

الشروق نت – أمبود

قبل أسابيع فقط، زار المندوب العام للتآزر، الشيخ ولد أبده، سد تاقو تالله، ووقف على ترابه الغضّ، ليعلن – بكل ثقة – أن المشروع تم إنجازه بحرص من رئيس الجمهورية، وأنه لم يأتِ لتدشين السد، بل لـ”التأكد من مطابقته للمعايير الفنية”، مضيفًا أن التدشين الحقيقي سيأتي لاحقًا، بعد أن يثبت السد صموده أمام السيول.

لكن السيول لم تنتظر حفلات التدشين، ولا عدسات الكاميرا. 70 ملم فقط من المطر، كانت كافية لتحكم على السد، وتفتح فيه أربعة ممرات كل منها بعرض مترين، وتُغرق معه كل الكلام الإنشائي الذي رافق المشروع منذ الإعلان عنه.

ما إن هطلت الأمطار حتى انهار الحاجز، وجرفت السيول 400 مليون أوقية قديمة، هي – بحسب الشيخ ولد أبده نفسه – تكلفة المشروع، كما جرفت معها أحلام عشرات الأسر في بلدية دباي أهل كلاي، الذين كانوا يترقبون موسمًا زراعيًا مرويًا مبكرًا.

وما هو أكثر مدعاة للسخرية المرّة، أن يُقال للرأي العام إن رئيس الجمهورية “حرص على أن يُنشأ السد بهذه الطريقة”.

فالحرص الرئاسي – إن صح التعبير – يجب أن يُوجه لضمان الجودة، لا على التوقيع ضمنيًا على طريقة بناء لم تصمد أمام أبسط اختبار طبيعي في منطقة معروفة بقوة أمطارها.

الواقع أن ما حدث هو فشل فني مدوٍّ، لا تبرره العواصف، ولا تخفيه التصريحات. والأسوأ من الانهيار، هو احتمال أن تتطلب إعادة بناء السد مبالغ مالية إضافية قد لا تكون عادية، في وقت ما زلنا في بداية موسم الأمطار، مما يعني أن أي محاولة إصلاح ستكون مكلفة ومتأخرة، وربما محفوفة بالمخاطر ذاتها.

أمام هذا المشهد، لم يعد مقبولًا الاكتفاء بالتصريحات الفضفاضة والمواكب الميدانية العقيمة.

ما نحتاجه اليوم هو فتح تحقيق عاجل وجدي في هذه الفضيحة، ومساءلة الجهات المشرفة عن إهدار المال العام في مشروع انهار قبل أن يُفتتح، ومحاسبة المقاولين، والمهندسين، والمسؤولين الذين مرّوا على هذا الحاجز وكأنهم مرّوا على سد من ورق.

أما أن يقول الشيخ ولد أبده، إن رئيس الجمهورية حرص على إنشاء سد بهذه الطريقة ،  لم يصمد أمام 70 ملم، فتلك شهادة لا تليق لا بالرئيس، ولا بالدولة، ولا حتى بالماء الذي قال كلمته بوضوح: لا مشاريع تُبنى بلا ضمير، ولا فشل يمكن تغطيته بخطاب منمّق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى