معالي وزير التشغيل يكرر الأسطوانة المشروخة “عدم موائمة التخصص وسوق العمل “
الشروق / هذه البلاد ومنذ عقود درجت الأنظمة والحكومات المتاعقبة على تكرار أسطوانة مشروخة ومتجاوزة نتيجة لتقدم الذكاء الاصطناعي واحلال الآلة محل الإنسان، مما سيقضي على الكثير من فرص العمل في مجال التكوين المهني و الهندسة.
معالي وزير التشغيل والشباب والرياضة تحدث أكثر من مرة عن أن سبب البطالة المرتفعة هو عدم تناسق البرامج الدراسية مع متطلبات سوق العمل، وضعف التكوين المهني، والحقيقة أن هذا السبب ثانوي، وبعيد من الأسباب الحقيقية وراء كل أنواع البطالة التي لم يميز بينها معالي الوزير (الاختيارية، الاحتكاكية، الهيكلية، المقنعة، الموسمية إلخ ) والمنتشرة في هذه البلاد.
في اعتقادي هناك أساب كثيرة اقتصادية واجتماعية وسياسية تقف وراء ارتفاع معدل البطالة في بلادنا، وعلى رأسها الأسباب الأربعة التالية:
(1)
الفشل في تحقيق التحول الصناعي والزراعي، فجميع الدول التي فشلت في تحقيق التحول الصناعي تشهد تكدسا لطلبات التوظيف لحملة الشهادات الجامعية وشهادات الدراسات العليا بغض النظر عن طبيعة الدولة، ونظام الحكم، وهل هي دول فقيرة أم غنية، وحالة مصر، وموريتانيا، و السعودية وحتى الكويت خير دليل على ذلك.
(2)
السبب الثاني والأهم هو محدودية القطاع الخاص وتركيزه في مجالات لاتحتاج عمالة كثيفة، والأخطر من ذلك أنه لا القطاع الخاص، ولا حتى العام يستخدمان العلم في العمل، كم من رجل أعمال موريتاني يصل حجم أعماله إلى مئات الملايين، ولا يوظف محاسبا واحدا، ولا قانونيا، ولاحتى عامل نظافة؟
كم من موريتاني يلجأ إلى مهندس مدني عند التخطيط لبناء المنزل؟
كم من موريتاني أو وزارة تلجأ لمهندس ديكور مثلا عند التأثيث؟
هذا بالإضافة إلى أنه على مستوى الحكومة من المعروف أن المعرفة والعلم هما آخر الاهتمامات عند اتخاذ القرارات وأنتم تحدثم أن البلاد لم تعرف أي استراتيجة في مجال التشغيل قبل مجيئكم وهذا خير دليل.
(3)
السبب الثالث الفشل في إدارة الموارد الطبيعية بطريقة تساهم في تطوير المحتوى المحلي خاصة في مجال الشراكات مع الأجنبي سواء في المجال العدني أو في مجال الصيد، فلا شراء للسلع والخدمات المحلية، ولا نظام تكوين وتوظيف، ولا أولوية للمنتج المحلي ، ولا أولوية للمورد المحلي، ولا أولوية للعامل الوطني، ولا سياسية إحلال المحلي و الوطني بدل الأجنبي ترافق تطور القطاعين الأهم محليا.
(4)
السبب الرابع فشل الخطط التنموية الاقتصادية، وغياب التخطيط في مجال التشغيل، وإن وجد فهي خطط مبنية على تقييم خاطئ، و على سياسات معلبة خارجيا، وبتمويل خارجي، وعادة للاستهلاك الخارجي، وتتغير بتغير المسؤولين، والحكومات، وشروط المانحين.
صحيح أن التخصص مهم لكن من الناحية الواقعية خاصة في هذا العصر عصر سرعة تدفق المعلومات و المعرفة أصبح التعلم بالممارسة هو الأهم ، وفي الصين مثلا حوالي 40% يشتغلون في مجالات لا علاقة لها بتخصصاتهم.
الدكتور يربانه ولد الخراشي