مستشفى تيرس الزمور… واقع يضيق وحلّ جذري يقترب

الشروق نت (أزويرات)- يشكّل المستشفى الجهوي بولاية تيرس الزمور منذ سنوات ركيزة المنظومة الصحية في الولاية، غير أنّ حجمه المتواضع وبُنيته التحتية المحدودة باتا خارج القدرة على مواكبة الطلب المتزايد على الخدمات الطبية، في منطقة تشهد توسعًا ديمغرافيًا وحركية اقتصادية متنامية بفعل النشاط الأهلي للتعدين. فقد أُنشئ المستشفى الحالي في ظروف استعجالية ووفق معايير فنية لا تتناسب مع متطلبات مستشفى جهوي يُفترض أن يكون قطبًا علاجيا متكاملا، حيث ضاقت غرفه الصغيرة عن استيعاب تدفق المراجعين، وتتحمّل بعض مرافقه ضغطًا غير مسبوق، إلى حدّ أنّ ثلاثة أخصائيين اضطروا للتعاقب على غرفة واحدة، في مشهد يلخص حجم الإكراهات القائمة.

ورغم هذه المحدودية، تعمل الدولة منذ سنوات على دعم المستشفى بالكفاءات الضرورية، فحُوّل إليه ما يناهز 10 أخصائيين في مختلف التخصصات، مما عزّز جودة الخدمات الطبية، لكنه ضاعف في الوقت نفسه الضغط على البنى التحتية الضيقة. وأمام هذا الزخم البشري وتزايد المراجعين – حيث يسجّل المستشفى نحو 2700 استشارة طبية شهريًا – بات من الواضح أن البنية الحالية لم تعد قادرة على الاستيعاب أو التطور، رغم جهود التوسعة التي تباشرها جهة تيرس لزيادة غرف الحجز وتحسين الطاقة الاستيعابية.

ويمثّل وضعُ حجر الأساس للمستشفى الجهوي الجديد – وهو الحدث المرتقب غدًا بإشراف رئيس الجمهورية – نقطة تحول حاسمة في تاريخ الخدمات الصحية بولاية تيرس الزمور. فالمستشفى الجديد سيشكّل الحل الجذري الذي طال انتظاره، إذ سيُقام وفق معايير هندسية حديثة، ويوفر بنية تحتية متكاملة تستجيب لحاجيات مختلف التخصصات، كما سيستوعب الطاقم البشري الكبير الذي تتمتع به الولاية حاليًا، ويوفّر بيئة مهنية أكثر ملاءمة تسمح بتقديم خدمات صحية تليق بالمواطنين، وتخفف الضغط عن الهيكل الحالي بشكل نهائي.

ورغم ضيق المساحة والإكراهات الفنية، استطاع المستشفى الجهوي خلال السنوات الأخيرة أن يتحول إلى أهم مرجع صحي في الولاية، وذلك بفضل ديناميكية إدارته وكفاءة طواقمه. فقد قاد مديره أشريف أحمد ولد معاذ مسار تطوير ملحوظ، استطاع خلاله أن يرفع مستوى الخدمة، وينظم العمل الطبي، ويوسع نطاق الرعاية لتشمل مختلف المراجعين، بما في ذلك ذوو الإعاقة والمعوزون الذين يتكفّل المستشفى بعلاجهم بشكل كامل، في خطوة إنسانية تعكس روح الخدمة العمومية.

وبين مستشفى قائم تجاوز حدوده، ومستشفى جديد سيُشيَّد بمعايير العصر، تقف ولاية تيرس الزمور اليوم على أعتاب مرحلة صحية أكثر اتساعًا وأعلى جودة، مرحلة يعوّل المواطنون على أن تعيد رسم خريطة الرعاية الطبية، وتمنح الولاية منشأة قادرة على مواكبة حاضرها المتسارع ومستقبلها الواعد.