جباية بلا قانون: مائة مليون فرنك تُستنزف من جيوب الجالية في ساحل العاج باسم البطاقة القنصلية

الشروق نت – ساحل العاج
منذ أن أطلقت سفارة موريتانيا في ساحل العاج ما سمّته “البطاقة القنصلية” في أكتوبر 2024، مقابل 6000 فرنك إفريقي، والجدل لا يهدأ بين أفراد الجالية.
فالمشروع الذي رُوِّج له في حفل رسمي ترأسه السفير محمد عبد الله ولد خطره، لم يُثمر سوى غضب مكتوم واستفهامات معلّقة، بعدما تحوّل في نظر كثيرين إلى ضريبة إجبارية لا أساس لها من الشرعية.
المعطيات صادمة : أكثر من 16 ألف بطاقة بيعت حتى الآن، بعائدات تناهز 100 مليون فرنك، أموال لا تدخل الخزينة العامة، ولا يعترف بها أي نص قانوني.
محاسب السفارة نفسه – حسب مصادر الشروق- رفض استلام عائدات بيع البطاقة بدعوى عدم مشروعيتها، فما كان من السفير إلا أن أحالها لمستشار مقرّب، في ترتيب أثار كثيراً من الريبة، وكشف هشاشة الرقابة على موارد عامة تُجمع باسم الدولة، لكنها لا تُصرف في قنواتها الرسمية.
أفراد الجالية الذين تكدح أيديهم في الغربة، وجدوا أنفسهم أمام عبء إضافي يثقل جيوبهم كل عام. بطاقة لا تقدّم امتيازاً، ولا تفتح خدمة، ولا تصلح حتى لتسجيل شريحة هاتف، فما قيمتها إذن سوى أنها “إيصال دفع” لضريبة انتساب صامتة؟
أمام هذه الوقائع، تتضاعف الأسئلة الحارقة:
من يقرر وجهة هذه الأموال؟
ولماذا لا تتحرك وزارة الخارجية أو مفتشية الدولة للتحقيق؟
وكيف تُترك الجالية رهينة مبادرات ارتجالية بلا سند قانوني واضح ولا محاسبة؟
إن استمرار هذا الوضع لا يسيء فقط إلى ثقة الموريتانيين في ساحل العاج بمؤسساتهم، بل يلطخ سمعة الدولة ويصوّرها وكأنها متواطئة مع جباية غير شرعية تمارس باسمها.
الجالية اليوم لا تحتاج إلى بطاقات فارغة، بل إلى إدارة شفافة تحمي حقوقها وتصون كرامتها. وما لم يُفتح تحقيق جدي يكشف الحقيقة ويوضح أين ذهبت مئات الملايين، فإن الغضب الشعبي قد يتحول إلى أزمة مفتوحة تعصف بما تبقى من ثقة بين المهاجرين ودولتهم الأم.