أخبار كوركولأخبار وتقاريرمميز

مزارعو فم لكليتة يرفضون مصادرة أراضيهم لصالح شركة السكر… والوفد الرسمي يبلّغهم قرار المصادرة ساخرًا ومتوعدًا..

الشروق نت – فم لكليتة

شهدت بلدة فم لكليتة مساء أمس الاثنين اجتماعًا استثنائيًا بين وزير الزراعة والمندوب العام للتآزر والمدير المسؤول عن الشراكة بين القطاعين العام والخاص ووالي كوركول من جهة، ومزارعي مشروع فم لكليتة من جهة أخرى.. غير أن اللقاء لم يكن حوارًا أو مشاورة، بل جلسة إملاء لقرار نهائي يقضي بمنح أراضي المزارعين المستصلحة لصالح شركة السكر، في خطوة اعتبرها الأهالي مصادرة جائرة لحقوقهم التاريخية، وتنكرًا صارخًا لاتفاق موثق منذ عقود.

ملكية مزارعي مشروع فم لكليتة للأراضي محمية بموجب عقد رسمي موثق بين الملاك الأصليين للأرض والدولة الموريتانية سنة 1981، يتمتع بحجية قانونية كاملة، ما يجعل قرار المنح الحالي اعتداءً مباشرًا على حقوق ثابتة ومصونة لا يطالها حتى القانون العقاري الصادر سنة 1984.

كلمات الوفد الرسمي جاءت مثقلة بالتهكم والوعيد.

الوزير تحدث عن فوائد اقتصادية واستصلاح ألفي هكتار بديلة عبر برنامج تآزر، متجاهلًا جوهر القضية.

فيما وصف المندوب العام للتآزر رفض المزارعين بأنه أنانية وقلة سداد، معلنًا أن الدولة ستوزع الأراضي الجديدة عليهم كتعويض.. فردّ بعض الحاضرين ساخرًا: “لتُعطَ إذن تلك الأراضي لشركة السكر، واتركوا لنا أرضنا”.

أما مدير الشراكة بين القطاعين فقد افتتح كلمته – ساخرا – بتهنئة المزارعين على ما أسماه منح أراضيهم للشركة، مؤكدًا أن الرفض لا يغيّر شيئًا من القرار، مستخدمًا عبارات استهزاء .

وخلال كلمتي المندوب العام للتآزر ومدير الشراكة بين القطاعين، وقف المزارعون غاضبين يلوّحون بالانسحاب من الاجتماع، معتبرين حديثهما جارحًا ومشحونًا بالاستهزاء والغرور، ويتنافى مع روح المسؤولية والاحترام، لولا تدخل حاكم المقاطعة ، و العمدة هاشم ولد أعلي الملقب هادية،  والنائب جعفر الذين أقنعوهم بالبقاء.

فيما ذهب والي كوركول أبعد من ذالك، حين قال إن المواطن وما يملك ملك للدولة، معلنًا أن الاجتماع مجرد إبلاغ لا أكثر، وكان بالإمكان الاستغناء عنه، في تصريحات اعتبرها الأهالي تهديدًا مباشرًا ودليلًا على فرض أمر واقع دون اعتبار للحقوق.

المزارعون ردوا بوضوح وصرامة، إذ وقف خمسة متحدثين باسمهم أمام الوفد ليؤكدوا أنهم يرفضون رفضًا قاطعًا منح أراضيهم لشركة السكر، متمسكين بحقهم فيها، ومعتبرين أن القرار اعتداء على ملكيات فردية وجماعية محمية بالقانون الموريتاني.

وشددوا على أن القرار يترتب عليه أضرار اجتماعية واقتصادية خطيرة، ويهدد السلم الأهلي،  مطالبين الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني بالتدخل العاجل لإنصافهم عبر تعليق قرار المنح وفتح تحقيق شفاف في الموضوع.

خرج المزارعون من الاجتماع بجرح عميق في ثقتهم بالدولة، معلنين أن الأرض بالنسبة لهم ليست مجرد تراب، بل كرامة وهوية ومصدر حياة، مؤكدين أنهم سيدافعون عنها بكل الوسائل القانونية والمشروعة، بما في ذلك اللجوء إلى القضاء.

وهكذا تتحول قضية فم لكليتة من نزاع على الأرض إلى اختبار جوهري لمصداقية الدولة في احترام تعهداتها ولسلامة خطاب التنمية حين يتقاطع مع حقوق المواطنين، فالتنمية كما يقول المزارعون لا تُبنى على أنقاض الذاكرة، ولا تُقام بقرارات فوقية تتنكّر للعهود، بل تُشيَّد بالإنصاف والتشاور والوفاء بالعقود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى