كوركول : يقظة صحية في وجه تحديات متراكمة

الشروق نت – كيهيدي
قلب الجنوب الموريتاني، تتهيأ الإدارة الجهوية للعمل الصحي بولاية كوركول لخوض معركة موسمية ضد وباء الملاريا، الذي دأب على اجتياح الولاية مع كل خريف، محملًا معه معاناة متكررة لسكان الولاية الممتدة والمثقلة بأعباء صحية مزمنة.
ورغم امتلاك الولاية لـ73 نقطة صحية، و13 مركزًا صحيًا، ومستشفى جهوي وحيد، إلا أن هذه البنية التحتية تظل عاجزة عن مواكبة الحاجيات الصحية المتزايدة لأكثر من 400 ألف نسمة موزعين على رقعة جغرافية شاسعة، ما يجعل من معركة الملاريا هذا الموسم اختبارًا جديدًا لقدرة المنظومة الصحية المحلية على الصمود.
استعدادًا لهذه المواجهة، تحركت الإدارة الجهوية للعمل الصحي، بأوامر مباشرة من معالي وزير الصحة، لإطلاق خطة استباقية شاملة، تتضمن حملات تحسيس مكثفة في الأحياء والقرى، لرفع الوعي الشعبي بخطورة الملاريا وسبل الوقاية منها، مستندة إلى مقاربة مجتمعية تعتمد على التأطير المباشر للسكان وتكوين الطواقم الصحية المحلية على بروتوكول العلاج الجديد المعتمد وطنياً.
ووفقًا لمصادر الشروق نت، فقد شرعت الإدارة في توزيع الناموسيات المشبعة في جميع مقاطعات الولاية، كإجراء وقائي أولي، بالتوازي مع إعلانها التكفل الكامل والمجاني بحالات الإصابة المؤكدة، من فحوص وتشخيص إلى توفير الأدوية والعلاجات المناسبة، وهو ما يبعث برسالة طمأنة إلى السكان مع كل قطرة مطر تحمل احتمالا جديدا للعدوى.
ولا تقف الجهود عند حدود الملاريا وحدها؛ بل تشمل الرقابة اليومية لبؤر الأمراض المرتبطة بالموسم المطري، كحمى الضنك والحمى النزيفية، في محاولة لاحتواء أية مؤشرات تفشٍّ مبكر، قبل أن تتسع رقعتها.
لكن، وعلى الرغم من هذا الحراك، تبقى التحديات البنيوية عائقًا حقيقيًا أمام نجاعة التدخلات. فالولاية تعاني من نقص فادح في عدد القابلات، ما يؤثر بشكل مباشر على خدمات الأمومة والطفولة، إلى جانب محدودية عدد سيارات الإسعاف، التي تعجز أحيانًا عن تغطية حالات الطوارئ في الوقت المناسب، خاصة في القرى والمناطق النائية.
وتبرز الحاجة الملحة إلى مستشفى إضافي في مقاطعة أمبود، تاسع أكبر مقاطعة في البلاد من حيث عدد السكان، كضرورة صحية لا تقبل التأجيل، فوجود مستشفى وحيد في مدينة كيهيدي لم يعد كافيًا لتغطية كامل تراب الولاية، ويثقل كاهله بتدفق المرضى من مختلف الجهات، في ظل شح الكوادر والمعدات.
إن ما تقوم به الإدارة الجهوية للعمل الصحي في كوركول من تعبئة واستعداد ميداني يعكس يقظة مؤسسية تستحق الإشادة، خاصة في ما يتعلق بتعزيز الصحة القاعدية وتقريب الخدمة من المواطنين في الأرياف والمناطق الهشة. وقد برهنت الإدارة على قدر كبير من الجدية والمهنية، رغم تواضع الوسائل ووطأة التحديات. غير أن استدامة هذه الجهود وتحقيق نتائج أوسع تظل مرهونة بتوفير الدعم اللوجستي والمادي من طرف الإدارة المركزية