كيهيدي تستذكر بطولات الكتيبة 72 قبيل موسم الأمطار

الشروق نت – كيهيدي
على ضفاف نهر السنغال، وفي قلب ولاية كوركول، تنبض مدينة كيهيدي بقلق موسمي مألوف، كلما اقتربت الغيوم وتلبدت السماء بماء الغيث المنتظر.
غير أن خلف هذا القلق، تتوالى خطوات صامتة ومبكرة؛ حيث شرع المكتب الوطني للصرف الصحي خلال الأيام الأخيرة في تنفيذ حزمة من الإجراءات الوقائية الاستباقية، تستهدف تخفيف الضغط على شبكة الصرف، واستباق تداعيات أي ارتفاع مفاجئ في منسوب المياه.
لكن، وفي الذاكرة الحيّة لسكان مقاطعة كيهيدي، لا تقتصر الحماية على أنابيب ومضخات، بل تتجسد في وجوه رجالٍ اعتادوا المجازفة بأرواحهم قبل أن يصل الخطر.. إنها الكتيبة 72، تلك الوحدة العسكرية التي تحوّلت في أعين السكان من تشكيل نظامي إلى رمز وطني للإنقاذ والصمود.
ففي موسم الأمطار الفائت، حين اجتاحت السيول العارمة أحياء متعددة في عدة بلديات ، وارتفع منسوب مياه النهر ليغمر مناطق واسعة في بلديات توفندى سيفه ونيروالو، كان لعناصر الكتيبة 72 حضور فارق، لا تخطئه العين ولا ينساه القلب.
و في خريف 2022 و تحديدا يوم 19 أغسطس ، بادرت الكتيبة إلى إجلاء عشرات الأسر المحاصرة بالمياه في عدة أحياء من مدينة كيهيدي، وتدخلت بسرعة خاطفة لإنقاذ الأرواح، وسط ظروف استثنائية بلغت فيها كميات الأمطار 148 مم في أقل من 24 ساعة.
ولم تكن تلك مجرد عمليات إنقاذ عابرة، بل كانت ملحمة إنسانية موثقة، تناقلتها المواقع الإخبارية والمنصات الاجتماعية، حيث ظهرت صور لجنود يحملون الأطفال وكبار السن على أكتافهم، وينقلون النساء والمصابين عبر ممرات موحلة، أقاموها بأجسادهم وسط فيضان المياه.
وفي وقتٍ كانت فيه منازل تتهاوى، ومدارس تغمرها السيول، ومواطنون يقضون ليلهم على أسطح البيوت، كانت الكتيبة 72 تسهر دون كلل، تصنع من الانضباط العسكري رافعة للرحمة والنجدة.
وإلى جانب دورها في مواجهة الكوارث الطبيعية، تؤدي الكتيبة 72 مهام أمنية بارزة في مكافحة التهريب والهجرة غير النظامية وحماية الحدود الجنوبية، ما يجعلها نموذجًا للتكامل بين الجوانب الإنسانية والعسكرية.
وتتعالى الأصوات اليوم مطالبة بتكريم هذه الكتيبة رسميًا، مع تعزيز الجاهزية الوطنية لمواجهة مواسم الأمطار المقبلة، تأكيدًا على أهمية التنسيق بين المؤسسة العسكرية والجهات المدنية في حماية السكان.