“العشوائيات تُجمّد عصرنة نواكشوط… والمشروع رهين ترحيل مؤجل

الشروق نت / أن مشروع عصرنة نواكشوط بات واقعًا يُنتظر اكتماله بفارغ الصبر، إلا أن الأحياء العشوائية ما تزال تُشكّل عقبة كأداء أمام تحوّل العاصمة إلى مدينة حديثة تُلبّي تطلعات سكانها.
ففي الوقت الذي شُرع فيه منذ سنوات في تأهيل مساحات شاسعة لترحيل السكان المسجلين في مناطق “كزرة أمبود” و”كزرة الشباب”، لا يزال الترحيل الفعلي متعثرًا، ما يُجمّد تنفيذ المرحلة الأهم من هذا المشروع الطموح.
بداية الأمل بإشراف رئاسي مباشر
بدأت معركة القضاء على العشوائيات بإشراف مباشر من رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، في عهد وزير الإسكان السابق سيد أحمد ولد محمد، ضمن رؤية وطنية لإعادة الاعتبار للعاصمة، وتحسين جودة الحياة فيها.
وتم خلال المرحلة الأولى ترحيل آلاف الأسر إلى مناطق سكنية جديدة في (حياة جديدة)، وُفّرت فيها خدمات أساسية من ماء، وكهرباء، ومدارس، ومراكز صحية، في خطوة وصفت آنذاك بأنها “نقلة حضرية غير مسبوقة”.
لكن، ورغم ما تحقق، لا تزال الصورة غير مكتملة.
واجهات غير عصرية ومشروع يتعثر
عند المرور ببعض أحياء نواكشوط، لا تخطئ العين التناقض الصارخ بين الطموح الحضري والمشهد الواقع: أكواخ الصفيح والمساكن الهشة ما تزال تقف على أطراف المشروع العصري، وكأنها تُقاوم الإزاحة… ما يؤجل – عمليًا – اكتمال الوجه الحديث لنواكشوط.
المفارقة أن المناطق البديلة جاهزة: الأراضي تم تجهيزها، والخدمات مُدّت، بل إن السكان المستهدفين قد تم إحصاؤهم بدقة.
إلا أن عقبة التنفيذ ما تزال قائمة.
وزارة صامتة .. وتعهد غير مؤكد
وفي المؤتمر الصحفي الأسبوعي للحكومة مساء أمس، تجنّب وزير الإسكان الحالي أنيانغ مامودو تقديم أي موعد واضح لترحيل السكان المتبقين من العشوائيات، رغم أن هذا السؤال كان من أبرز ما طرحته الصحافة.
تضارب التصريحات لم يقف عند هذا الحد، فقد سبق أن تعهد والي نواكشوط الجنوبية لبعض سكان تلك المناطق بتسوية وضعيتهم “في أقرب وقت”، وهو وعدٌ لم يجد له تأكيدًا في حديث الوزير، مما يعمّق منسوب القلق في أوساط المستفيدين المنتظرين.
مشكلة سكن مؤجلة… ومشروع معلق
وبينما يُراهن المواطنون على حل جذري يُنهي مأساة السكن غير اللائق، ويتطلعون إلى العيش في بيئة حضرية محترمة، يبقى مشروع عصرنة العاصمة، بكل ما يختزنه من طموح عمراني وتنموي، رهينة التنفيذ المتعثر.
إن استمرار وجود آلاف الأسر في أوضاع سكنية هشة – رغم إحصائها، وتجهيز مواقع ترحيلها، وتخصيص ميزانيات ضخمة للمشروع – يُثير أكثر من تساؤل حول الإرادة السياسية، وفعالية التنسيق بين القطاعات المعنية.
تبقى نواكشوط، كعاصمة لمليوني نسمة، في أمسّ الحاجة إلى مشروع حقيقي لإعادة تشكيل وجهها الحضري، بما يعكس تطلعات سكانها، ويعزّز من جاذبيتها كعاصمة حديثة لدولة تسعى إلى النهوض التنموي.
لكن هذا الطموح يظل معلقًا ما لم تُطوَ صفحة العشوائيات نهائيًا، وتُفعّل الوعود على أرض الواقع… فالعواصم لا تُبنى بالنوايا، بل بالتنفيذ الصارم، والقرارات الجريئة، والشفافية في الوفاء بالعهود.