أخبار كوركولأخبار وتقاريرمميز

فضيحة : عمدة بلدية تارنكه يمنح معدات عمومية لعمدة سابق لبلدية تكوبره و يبرر تصرفه باتفاق سابق مع مندوب تآزر

الشروق نت – أمبود

في واحدة من أكثر الفضائح إثارة في ملف المساعدات التنموية، تفجّرت في بلدية تارنكه  التابعة لمقاطعة أمبود أزمة حادّة، عقب إقدام عمدة البلدية عثمان سيد أعمر ، على تسليم ماكينة طحن حبوب – موجّهة أصلًا للفئات الهشة من السكان – إلى العمدة السابق لبلدية تكوبره حمه سيدي أحمد ،  في خطوة أثارت سخطًا واسعًا واستنكارًا شعبيًا عارمًا، واعتُبرت دليلاً صارخًا على استغلال النفوذ وتسييس موارد الدولة.

الماكينة المسلّمة كانت واحدة من حزمة معدات حصلت عليها ثلاث بلديات فقط تنتمي لحزب الكرامة  – تارنكة، سوفه، وشلخت التياب – ضمن مساعدات مقدّمة من المندوبية العامة للتآزر خلال الأسابيع الماضية ، وهي المساعدات التي تم استثناء بلديات حزب الإنصاف الحاكم منها.

تصريحات تثير العاصفة

وفي محاولة لتبرير تصرّفه، قال عمدة تارنكه عثمان ، إن ما قام به جاء بناءً على اتفاق ضمني خلال لقاء جمعه وعددًا من عمد حزب الكرامة بـالمندوب العام للتآزر، الشيخ ولد أبده، في مكتبه بنواكشوط، وحضره كذلك عمدة بلدية تارنكة السابق.

وخلال اللقاء – بحسب العمدة عثمان – طلب العمدة السابق إدراج اسمه ضمن لائحة المستفيدين، غير أن المندوب أوضح له أنه “لا يمكنه تلبية طلبه إلا عبر إضافته لطلبات إحدى بلديات حزب الكرامة”، وهو  ما اعتبره العمدة عثمان “مبررًا كافيًا” لإضافة طلب العمدة السابق إلى ملف تارنكة وتسليمه ماكينة طحن من حصة البلدية.

تناقض صارخ… وتحايل موصوف

غير أن هذا التبرير سرعان ما انهار أمام المعطيات الميدانية، حيث تبيّن أن جميع البلديات الثلاث المستفيدة تسلّمت ماكينتين للطحن، بما فيها بلدية تارنكة، ما يفنّد مزاعم “دمج الطلب ” ، إذ لم تزد حصة بلدية تارنكة عن حصص بلديات سوفة و شلخت التياب .

الأخطر من ذلك، أن تصريحات العمدة تضمّنت اتهامًا مباشرًا للمندوب العام للتآزر بالتشجيع على التحايل وتبديد المال العام، من خلال اقتراحه إدراج طلب غير رسمي في ملف بلدية أخرى، فقط بسبب علاقات شخصية ،  وهو ما دفع مراقبين إلى وصف ما جرى بأنه “ استغلال النفوذ والتلاعب بأموال الدولة”.

سياسة توزيع أم سياسة إقصاء؟

وتأتي هذه التطورات في سياق حساس تشهده البلاد، حيث تتسع الانتقادات حول أداء بعض المؤسسات الحكومية في الداخل، وتحديدًا تلك المكلفة بالتوزيع الاجتماعي للمساعدات، إذ أن استبعاد بلديات حزب الإنصاف – رغم كونها حاضنة انتخابية للرئيس – يُنظر إليه بوصفه رسالة  مبطنة، تنسف حقيقة دعم المندوب للرئيس غزواني..

دعوات متصاعدة للتحقيق

في ظل هذا المشهد المربك، تعالت أصوات المطالبين بـفتح تحقيق شامل ومستقل لا يقتصر على مساءلة العمدة، بل يمتد إلى دور المندوب العام للتآزر ومسؤوليته المباشرة في توجيه هذه المساعدات وتسييرها على أسس شخصية .

أزمة ثقة… ومواطنون خارج الحسابات

ووسط هذه التداعيات، يجد المواطن الموريتاني نفسه – خاصة في المناطق الداخلية – ضحية معادلة شخصية مغلقة، تُوزَّع فيها أدوات الدولة وفق العلاقة الشخصية لا الاستحقاق، وتُدار فيها التنمية بالمزاج لا بالاحتياج، وتبقى الفئات الهشّة خارج الحسابات الحقيقية، رغم أنها العنوان الأول لمهام مؤسسات كـ”تآزر”.

الفضيحة، كما يقول أحد الفاعلين المحليين، “لم تعد تخص بلدية تارنكة وحدها، بل تكشف نمطًا مقلقًا في تسيير المال العام، وضرورة مساءلة من يديرون المشاريع التنموية بمنطق العلاقات الشخصية بدل المصلحة العامة.”

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى