أخبار كوركولأخبار وتقاريرمميز

غياب كمبا با.. حين يفقد كوركول صمام توازنه السياسي

الشروق نت / في لحظات التحوّل السياسي، لا يكون الغياب دومًا غيابًا عادياً، بل قد يُحدث اختلالًا في ميزان القوى ويكسر معادلات اجتماعية استقرت طويلاً ، هذا ما حدث بالفعل بعد إقصاء الوزيرة والسياسية كمبا با من التشكيلة الحكومية الأولى في مأمورية الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني الثانية، حيث بات المشهد السياسي في ولاية كوركول يسير على حافة أزمة صامتة، يتنامى وقعها يومًا بعد آخر.

مثّلت كمبا با لأعوام عدة صوت الحكمة والتوازن في كوركول، وقادت لجنة جهوية جامعة لمختلف التيارات والشرائح، ما جعلها الواجهة الموثوقة للنظام في استحقاقات مفصلية ،لكن تغييبها فجأة عن المشهد السياسي، من دون بديل بحجمها وتأثيرها، أحدث فراغاً قيادياً عجز الوزراء الجدد عن ملئه، وانعكس ذلك في كل جوانب الحياة العامة في الولاية، وآخرها ما ظهر جلياً خلال فيضانات 2024، حين اتسم أداء المعنيين بالضعف والتردد.

الأزمة تتجاوز مجرد غياب شخص، بل تتصل بمشكلة أعمق.. اقتصار واجهة النظام في كافة مقاطعات كوركول على شريحة واحدة هي الفلان، في تغييب واضح لبقية مكونات الولاية من الشرائح الأخرى ، هذا الإقصاء الممنهج ولّد حالة غبن واسعة، وفتح الباب لصراعات حادة، بعضها بلغ حد القطيعة بين موظفين كبار وسياسيين داخل الشريحة نفسها، ناهيك عن تصدع الثقة بين الدولة وقاعدتها الشعبية في مناطق متعددة من الولاية.

اليوم، تعيش كوركول ركودًا سياسيًا غير مسبوق، تجلى في فتور التفاعل مع المبادرات الحكومية، وانعدام الحماسة بين الناخبين المحتملين، وهو مؤشر سلبي في ولاية ظلت حتى الأمس القريب واحدة من أبرز قلاع الدعم للنظام ،وقد يكون هذا الركود مقدمة لنتائج انتخابية مخيبة، ما لم تتدارك الجهات العليا الأمر، وتعيد الاعتبار للتوازن الاجتماعي والسياسي.

لم يكن غياب كمبا با حدثاً عادياً، بل كان لحظة تحوّل سلبي في مسار ولاية بأكملها. لقد فقدت كوركول صوتها الجامع، وشخصيتها السياسية التي كانت تقرأ تعقيدات النسيج الاجتماعي وتعيد ضبط الإيقاع عند كل احتقان ، فهل يُعيد النظام حساباته، أم يواصل المجازفة بخسارة ولاية كانت أحد أعمدته الانتخابية؟

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى