كتاب ومقالاتمميز

موريتانيا تعبر إلى المستقبل: بنية تحتية متطورة، زيادات في الأجور، وسلم اجتماعي مستدام

الشروق نت / منذ أن تسلّم فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني مقاليد الحكم في أغسطس 2019، وضعت البلاد قدمها على مسار تنموي جديد، يجمع بين الواقعية في الرؤية والنجاعة في الإنجاز. ففي وقت تتشابك فيه التحديات الاقتصادية والاجتماعية إقليميًا ودوليًا، برز النموذج الموريتاني كاستثناء إيجابي، استطاع أن يحقق تقدمًا نوعيًا على أكثر من صعيد، من خلال بنية تحتية حديثة، وإصلاحات اجتماعية جادة، وسياسات متوازنة أعلت من شأن السلم والاستقرار.

 

هذا المقال يُسلّط الضوء على ثلاث ركائز تشكّل جوهر هذا التحول: الجسور كرمز لعمران متجدد، الزيادات في الأجور كترجمة لعدالة اجتماعية، ومناخ السلم كحاضنة لكل تنمية مستدامة.

 

الجسور… جسور نحو التقدم

 

في بلدٍ لم يعرف البنى التحتية المتقدمة لعقود، شكّلت مشاريع الجسور التي أُنجزت خلال السنوات الأخيرة في نواكشوط تحوّلًا عمرانيًا غير مسبوق. لم تكن هذه المنشآت مجرد “إصلاح حضري”، بل مثّلت قفزة نوعية في تخطيط العاصمة وربط أطرافها، وتحسين جودة حياة سكانها.

 

افتتاح جسر باماكو، كأول جسر حضري في تاريخ موريتانيا، كان بمثابة إعلان دخول العاصمة مرحلة عمرانية جديدة. لم يأتِ المشروع في سياق تجميلي، بل كان حلًا عمليًا لعقدة مرورية مزمنة. تلته مشاريع كبرى أخرى، مثل جسر ملتقى مدريد، الذي أعاد تنظيم حركة وسط المدينة، وجسر الحي الساكن الذي أنهى معاناة سكان الشمال مع التنقل.

 

واللافت أن هذه الإنجازات لم تتوقف عند المعلن، بل تستمر عبر مشاريع قيد الإنجاز في “عين الطلح”، و”دار النعيم”، و”عرفات”، بما يعكس تخطيطًا استراتيجيًا يراعي الامتداد العمراني ويخدم كافة الفئات.

 

هذه الجسور، رغم رمزيتها الهندسية، تحمل دلالات أعمق: فهي تجسير حقيقي بين وعود انتخابية طُرحت في حملات 2019، وواقع ملموس اليوم يشهد به المواطن والخبراء والشركاء الدوليون على حد سواء.

 

القدرة الشرائية… أولوية الإنسان

 

رغم الأزمات الاقتصادية العالمية، اتّخذت الحكومة الموريتانية تحت قيادة الرئيس الغزواني قرارات حاسمة لرفع الأجور وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين. فقد استفاد الموظفون، لا سيما في قطاعي التعليم والصحة، من زيادات معتبرة، كما رُفعت المعاشات التقاعدية، وتم توسيع مظلة الحماية الاجتماعية لتشمل الفئات الهشة

 

هذه الإجراءات لم تكن معزولة عن واقع السوق، بل جاءت ضمن سياسة اقتصادية توازن بين العدالة الاجتماعية والقدرة على ضبط العجز وتحفيز الإنتاج، ما يعكس مقاربة تراعي الاستدامة والبعد الإنساني معًا

 

السلم الاجتماعي… رصيد استراتيجي

 

في بلد اعتاد أزمات سياسية متكررة، تميزت السنوات الخمس الأخيرة بمناخ سياسي هادئ وانفتاح غير مسبوق. تبنّى الرئيس الغزواني خطابًا تصالحيًا، وفتح أبواب الحوار مع كافة الطيف السياسي، بمن فيهم معارضون تقليديون، مما وفّر بيئة خصبة للبناء المؤسساتي والتقدم التنموي.

 

لا يُمكن الحديث عن تنمية مستدامة دون استقرار سياسي، وهو ما تنبهت له القيادة مبكرًا، فعملت على تجنيب البلاد التوتر، وتقديم نموذج موريتاني في إدارة التعدد والاختلاف.

 

نحو أفق تنموي متجدد

 

هذه الإنجازات المتراكمة لا تمثّل نهاية الطريق، بل بداية مسار إصلاحي طموح. فخطة الرئيس، الممتدة حتى أفق 2029، تتضمّن مشروعات بنى تحتية أوسع، ونظمًا اجتماعية أكثر شمولًا، ورؤية لاقتصاد منتج لا يعتمد فقط على الموارد، بل على الإنسان كمحرك أول لكل نهضة.

 

من أعلى الجسور التي تعبر شوارع نواكشوط، إلى أعماق السياسات التي تمس معيشة المواطن، تبدو ملامح التغيير في موريتانيا واضحة وثابتة. إنها قصة قيادة اختارت أن تبني بهدوء، وتحكم برصانة، وتنجز بصمت. وبينما تنمو الثقة بين المواطن ومؤسساته، يبقى الأفق مفتوحًا أمام مزيد من الإنجاز، في ظل رئيس اختار أن يكون قرب الناس، لا فوقهم.

 

مسؤولية الجميع في حفظ المكتسبات

 

غير أن هذه الإنجازات، على ما فيها من دلالات مشرفة، تبقى بحاجة إلى وعي جماعي يقدّر ما تحقق، ويحرص على استدامته. فالمواطن، كما هو المستفيد الأول من هذه المشاريع، هو أيضًا الشريك الأساسي في حمايتها وتثميرها. ولا يمكن لمسار التنمية أن يكتمل إلا إذا اقترن بالحس الوطني، الذي يجعل من صيانة المكتسبات وحسن استغلالها واجبًا يوميًا، ومسؤولية يتقاسمها الجميع، كلٌّ من موقعه.

 

الصحفي أمير سعد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى