كرامر ضد اكرامر/ سيدي محمد ولد ابه
عنوان فلم أمريكي عرض سنة 1979، فحاز العديد من جوائز الأوسكار. يعالج الفلم قضية حضانة طفل وحيد، تطلق والداه بهجران الأم لزوج مشغول بعمله في شركة دعاية. لقي الفلم نجاحا جماهيريا كبيرا لأن ممثليه أفلحوا في إيصال رسالته البسيطة: معاناة الأطفال القصر من طلاق الأبوين وما ينتج عنه
من مشاكل، وصراع حول حق حضانة الطفل…
ذكرتني المسيرة التي نظمتها بعض أحزاب المنتدى بذلك الفلم. فالهدف من المسيرة هو البرهنة على أن تلك الأحزاب هي الممثل الشرعي للمنتدى، والدليل على ذلك "نجاحها" في حشد جماهير المعارضة الذين كانوا مشغولين بالتبضع في سوق العاصمة، حتى إذا مرت بهم ثلة المعارضين انساقوا معها إلى مواقف التاكسي، ومحطات الحافلات… بدت التظاهرة إذن صراعا بين أحزاب المعارضة على حضانة المنتدى الذي يعاني طلاقا عصيا على التصنيف بين الرجعية والبينونة. فمن قائل إن أسرة المنتدى نتجت عن زواج مصلحة بين أشخاص تختلف أمزجتهم وأهواؤهم، وتتضارب مصالحهم، تزوجوا في داكار دون شهود، على يد مأذون علماني بلا سابقة في الإسلام، ولا لاحقة في الفتح. أشهر الزواج في نواكشوط لتعصف به الانتخابات، فكانت الطلقة الأولى التي تبادل فيها الأزواج الاتهامات بالعجز والنشوز. لكن حبال الود لم تنقطع بينهم تماما؛ فكان الليل كنفا لهم، حتى إذا أسفر الصبح تدابروا. واستمر أمر السرية على هذه الحال حتى جاءت الانتخابات، فجد الخصام العلني معلنا الطلاق الثاني دون استبراء… ثم ولد المنتدى، فحار الناس في أمره بين مدع أنه "أمخسور" من زواج داكار العرفي، وقائل إنه ثمرة سريات متعددة، فكثر الخصام في المولود، حتى جره الفراش إلى رجل مغترب فعهد به إلى أحد المقربين منه. لكن ذلك لم يزد الأمور إلا تعقيدا داخل العائلة العتيدة المنقسمة حول تنشئة الوليد. فوكيل المغترب الذي ليط به الغلام يرى وضعه في رعاية الحكومة مع أخواته في الفراش، ليتخلص من أعبائه، ونسبته إليه وهو الذي لم يشتهر بالتردد على "دار المعارضة"، ولا باستضافتها في أسفارها الكثيرة. هذا التوجه أدى إلى انقسام أخوال الوليد بين أم تشعر بالحرج بسبب الخطأ الفاضح الذي وقعت فيه بإنجابها من سرية وهي التي أفلحت دائما في الخروج من سرياتها العديدة هضيم الكشح. يؤازر الأم أحد أخوال الوليد مشهور باصطياد الفرص، صباحه للمعارضة، ومساؤه للموالاة، يتآمر على الأولى ويقبض من الثانية. أما الخال الثاني فهو على خصومة قديمة مع أم الغلام التي يرتاب في سلوكها لكثرة سرياتها، ومخالفتها الجمهور في احتساب العدة. وحين وضعت "المنتدى" ارتاب الخال في جنسه أول الأمر، ثم شكك في نسبه المزعوم، لكنه سكت عنه وقرر ترك مؤسسة المعارضة التي ولد فيها الدعي…
ظل الدعي ينمو دون رعاية تذكر، فقد أهملته أمه لانشغالها بأخته مؤسسة المعارضة التي اعترف بها والدها، وقرر لها نفقة معتبرة. تنقل المنتدى بين أخواله يضمه هذا إليه، غير مكرم، ليحتفل بتسليمه إلى آخر يعد الأيام للتخلص منه. عرف التشرد وحياة الشارع حتى إذا قررت الحكومة عده من الفئات الهشة التي ترعاها، فدعت أهله (أخواله)، إلى النظر في ما يصلح أمر اليتيم، اختلفوا وادعى كل منهم حقه في حضانته ليفوز بالنفقة المأمولة…
عادت الأم وأخوها باليتيم إلى الشارع يوم الجمعة حين انتشر الناس في السوق فدعوهم إلى التصدق عليه بتشييعه إلى مثواه الأخير في ساحة ابن عباس. سار الناس في جنازة المنتدى طلبا للثواب، وأبنه المحامي الذي عهد به إليه…انفض المشيعون لتبدأ المعركة حول التركة…