أخبار دولية

الرئيس الفرنسي يحد من نفوذ الجزائر في مالي

الشروق / الجزائر ــ تعمل الدبلوماسية الفرنسية على طرح مشروع قرار النظام العام للعقوبات من أجل مالي، للتصويت عليه في مجلس الأمن الدولي الثلاثاء، رغم معارضة بعض الأعضاء الدائمين وغير الدائمين.

 

وتعكس الخطوة مدى الاهتمام الذي توليه باريس للوضع المتأزم في مالي، ومساعيها لانتزاع الملف من أيادي الدبلوماسية الجزائرية.

وكانت فرنسا أعدت قرار نظام العقوبات العام من أجل مالي، وطرحته على مجلس الأمن الدولي للمصادقة رغم تحفظ بعض الأعضاء الذي أعطى انطباعا بأن عملية التصويت ستتأجل إلى موعد لاحق، إلا أن الدبلوماسية الفرنسية اشتغلت بقوة من أجل تزكية المشروع في أقرب الآجال.

وظل تضارب المقاربات بين باريس والجزائر في منطقة الساحل ومالي تحديدا، مصدر تجاذب دبلوماسي وخلافات ثنائية غير معلنة، رغم ما يظهر من تطابق في وجهات النظر في مختلف الملفات والاهتمامات المشتركة.

وتولي إدارة الإليزيه الجديدة اهتماما كبيرا بالوضع في القارة السمراء، وهو ما يتجلى في توجهها نحو التكفل ببؤر التوتر، والحفاظ على نفوذها في مستعمراتها القديمة.

ويرى مراقبون في الجزائر أن انكماش الدبلوماسية الجزائرية في الملفات الإقليمية على غرار مالي وليبيا، ناجم عن حالة هشاشة السلطة الداخلية والغياب المستمر لرئيس البلاد عن المحافل والملفات الدولية والإقليمية. وبحسب هؤلاء فإن تفرد فرنسا بالملف المالي سيفاقم التجاذبات المسجلة في المنطقة، وينهي دور القوى والمؤسسات الأفريقية في حلحلة أزمات ومشاكل القارة.

ذكرت مصادر دبلوماسية أن “دولا مثل روسيا وإثيوبيا، كانت شككت في مضمون مشروع القرار الفرنسي، ما طرح احتمال تأخير التصويت لأسابيع”.

وتابعت “لكن المفاوضات تسارعت لعرضه على التصويت، إذ سيتم التصويت على النص قبل أن يعقد سفراء الدول الأعضاء في المجلس لقاءهم السنوي مع الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا”.

ونقلت مصادر إعلامية عن مساعد السفير الروسي بيوتر إيليتش تحذيرات بلاده من مشروع القرار، إذ أنه سيسرّع نهاية اتفاق السلام الموقع في 2015 بالجزائر، لا سيما في ظل الخلافات داخل السلطة التنفيذية المالية. وهو ما يمهد لإجهاض المسار الذي سلكته الجزائر لحلحلة الأزمة في باماكو، والتوصل إلى اتفاق السلام بين الفصائل المسلحة والسلطات المركزية بعد أشهر من المشاورات والاتصالات.

وقال إيليتش لوسائل إعلام “نقف دائما ضد أي نظام عقوبات، خصوصا في هذا الوضع الخاص، حيث يطلب كل من الأطراف الموقعة على اتفاق السلام والمصالحة فرض عقوبات على الطرفين الآخرين، وعندما يطلب طرف معاقبة طرف آخر، يمكننا أن نتوقع انهيارا لهذا الاتفاق”.

وينص الاتفاق الموقع في الجزائر العام 2015، بين فصائل مسلحة والسلطات المركزية على توسيع المشاركة المحلية في الحكم، ودمج مقاتلي الجماعات المسلحة بالجيش الوطني، وتنظيم مؤتمر عام للمصالحة خلال سنتين من توقيع الاتفاق.

إلا أن جهود عقد المؤتمر تعثرت بسبب التجاذبات الإقليمية، وتردد بعض الجماعات المسلحة في تنفيذ الاتفاق.

وتمر مالي بوضع سياسي وأمني متدهور منذ العام 2012، لما شن تنظيم القاعدة هجمات مسلحة واسعة أفضت إلى سقوط عدة محافظات في قبضتها وتقليص نفوذ السلطات المركزية، وساهم نشاط التنظيمات المسلحة المعارضة بمنطقة الشمال في تعقيد الوضع أكثر.

ولم يتحقق الاستقرار النسبي إلا بعد تدخل قوات عسكرية فرنسية لمحاربة الإرهاب، ومباشرة الجزائر لمسار وساطة توج بتوقيع اتفاق السلام في يونيو 2015.

واعتبرت الجزائر حينئذ أن “التوصل إلى التوقيع على الاتفاق هو بدء لعمل جبار”، معربة عن أملها في “أن تستمر كل الأطراف بهذه الخطوة لتحقيق التقارب في أجواء السلم والازدهار”.

إلا أن المبادرة الفرنسية تعتبر محاولة حقيقية لسحب البساط من الجزائر بخصوص ملف مالي، لا سيما وأن فرنسا تتواجد عسكريا في البلاد منذ يناير 2013.

وكان ماكرون أجرى اتصالا مع الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة عشية زيارته لمالي فور تنصيبه، لطمأنته حول ما أسماه بـ”تكامل الجهود من أجل إحلال السلام في مالي”.

لكن رعاية باريس لمشروع إنشاء قوة عسكرية أفريقية لمحاربة الإرهاب في غياب الجزائر، وإعداد مشروع قانون نظام العقوبات العام من أجل مالي وتأهبها لعقد قمة أخرى أفريقية فرنسية خلال الأسابيع

المقبلة، كلها عوامل تعزز من طموحاتها للتفرد بالملف والقارة وسحب البساط من أي مبادرة أخرى بما فيها اتفاق السلام الموقع في الجزائر.

المصدر: العربي + وكالات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى