أخبار كوركولكتاب ومقالات

إفريقيا والصُداع المغربي ثانية ..

الشــروق / حين يبدو العجز الدبلوماسي قدراً مغربيا لايريد أن يغادر سياسته و يُصبح الفشل مصيراً يلاحق قادته وساسته، فلا بد أن تصل الوقاحة المغربية إلى أبعد درجاتها .ولأن الدبلوماسية المغربية  لا تخرج من جلدها ولا تغادر ظلالها ،فلاباس أن تبقى وفية على ما شبت عليه وشابت، وعندما يفقد المغرب البائس صوابه ، فلا تتوقع أي نوع من الإتزان في أخذ القرارات.وإنسجاما مع  الهذيان الذي تعربد فيه الرباط  بمواقف غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الدولية،فليس بالغريب أيضا أن تضيف دبلوماسية المغرب إلى قاموس السياسة كل ما هو غريب من سلوك كان فعلا أو تصريحا ،و بالتالي ليس  من المحرج  بالنسبة لهم أن تجد وزير خارجيتهم يتحول إلى بواب ومصارع   عند مداخل المؤتمرات  الدولية ، لتبقى  الرعونة ماركة مغربية  مسجلة بامتياز يجري تحديثها بين كل ملتقى دولي  وآخر .

  كثيرون.. أصابتهم الحيرة، وقد تكون في بعض المراحل أكثر من ذلك، وهم يتابعون تلك  الممارسات المغربية  التي   تتخطى الدماثة الدبلوماسية  ،فبعد تجارب عديدة مع الدبلوماسية المغربية الهاوية  وخروجها   على النص الدبلوماسي وأدبياته  ، تأتي  الممارسات المغربية اليوم  استباقاً أواستلحاقاً لما سبقها حتى لو اقتضى الأمر هذه  المرة المبارزة الرخيصة على حافة الهاوية ، لتشكل المستوى الثاني من العربـدة الدبوماسية المغربية بعد أن وظفت سابقا وزيرا “فعفاعا” يأتي الدور هذه المرة على وزير  مختص في توزيع الأدوار على البلطجية  وأسلوب  العسس المشين ،  ليكون ثنائيا متآلفاً ومؤتلفاً على النسق ذاته من الوهم، بحيث ما     يزيد عن الأول يستعين به الثاني، وما يفيض عن الثاني قد يكون مناسباً ليستدرك ما فات الاول من رعونة. يحاول  المغرب اليوم عبثا أن يتورم ويستطيل بما لا طاقة له به،بعدما تيقن أن ما       قطعته الجمهورية الصحراوية  في طريق وجودها وحضورها  في الساحة الافريقية لم يعد ممكناً تطويقه أو محاصرته  وأن كل المحاولات  لن تعدّل في المشهد الافريقي،بغض النظر عن المواقف المتدحرجة لقليل الاصوات والتي تبقى خارج سياق التأثير.
  وتأتيك شهادات المشاركين في أشغال المنتدى السادس للشراكة بين الإتحاد الإفريقي و اليابان المنعقدة بالعاصمة الموزنبيقية مابوتو ،لتستكمل التفاصيل الغائبة،و لتدعم الكثير من الأحكام  القائمة، وهي تشهد بما رأته وما لمسته وما عايشته من تلك التفاصيل عن حادثة الوزيرالمغربي  وبلطجيته .وعلى المنوال ذاته أو الرتم عينه تأخذنا مجموعة التصريحات سوى على المستوى الرسمي ،كما هو في المداولات الجانبية أو الشخصية  التي أجمعت ان الرباط  بأسلوبها هذا قد أوغلت في عدائيتها تجاه إفريقيا ،وأن  ما كان يتم التحذير منه بات أمراً واقعاً،  وأن أهداف المغرب  وغاياته وكل الصفقات المشبوهة التي عقدها لا تخدم مصالح افريقيا و شعوبها ولا أهدافها في الوحدة والتضامن ، ولم يترك السلوك المغربي  المشين للاتحاد من خيار سوى قرار ضردهم خارج القاعة،بعدما أيقنت القمة أنه من المهم اكتشاف مخاطر هذا التوهم المغربي باكراً كي لا ينزلقوا أبعد في أوهامهم.
 إن الموقف الإفريقي هذا في القمة الإفريقية اليابانية،  وإن لم يكن جديداً في تفاصيله فقد كان لافتاً في عنوانه، وكافياً من الناحية السياسية لتسطير رسائل في إتجاهات متباينة ومختلفة، وفي مقدمتها أن الأمور وصلت إلى مرحلة لم يعد متاحاً فيها ممارسة سياسة  السكوت  عن الدور الخبيث للمغرب بالإتحاد ،وبالتالي كان لا بد من وضع حد لهذا الصداع المغربي ، وأعادت إفريقيا مجتمعة على مسامعه وأمام ناظريه من  ضيوف ووفود يابانية تحديدا والتي لزمت الصمت المطبق في الأخير ، بعدما تيقنت من الإستدارة الإفريقية وعلى أي برًرست  ،حيث   ثببت أفريقيا  نقاط مواقفها تجاه الدولة الصحراوية  وذكرت  بما تعمّد  البعض تجاهله، ولفتت النظر إلى ما حاول  الاخر أن يغض الطرف عنه.وفي هذا المقام ،لا بد من الإشادة  بموقف دولة الموزمبيق المنسجم مع روح قرارات الإتحاد الافريقي والتي اتقنت دروس الصرامة والجدية  للوفد المغربي على طريقتها  .وفي مقام أخر،قد  يكون من المفيد في هذا الوضع الإشادة بدور دبلوماستنا وإحترافيتها التي جلبت لها التقدير والاحترام  ، فدبلوماسيتنا هادئة.. هذا صحيح.. وتتسم بالنَفَس الطويل.. أيضاً هذا دقيق.. لكنها أيضاً دبلوماسية اللحظة المتقنة والدقيقة وترسم خطواتها بكفاءتها المعهودة وهي متسلحة بعدالة قضية شعب لن يتنازل عن حقه في الحرية والاستقلال .
وأخيرا ،يبقى اليقين المرتفع اليوم  لدى  قادة افريقيا  بأن ما ظهر من سلوك من وزير خارجية المغرب ومرافقيه   ليس سوى جزء متواضع من رأس جبل الجليد، وأن إفريقيا قد ملت من هذا الصُداع  المغربي ،وستكون  آخر أوراق مصداقيتة  هوبإبداء عدائية متجبرة  تجاه أي عضو من الإتحاد الافريقي ،لان ذالك سيغلق دونه  كل الأبواب، وسينتهي به  المطاف إلى أن يجد نفسه محاصرا  قبل أن يحاصِر، ومعزولا  قبل أن يعزِل ،وعند الباب الذي وجد به بوريطة نفسه مع بلطجيته  .
 لحسن بولسان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى