أخبار دولية

صحراء “تينيري” ..صحراء التيه والموت بين الجزائر والنيجر ..ميئات الموتى وآلاف المفقودين

الشــروق / توجد عند الحدود بين الجزائر والنيجر إحدى أقسى الصحاري في العالم.. إنها صحراء تينيري، وهي جزء من الصحراء الإفريقية الكبرى. في هذا المكان الذي يمتد عبر الحدود بين الجزائر والنيجر، قتل المئات من أبناء المنطقة، ومن الغرباء، بعضهم ما يزال في تعداد المفقودين منذ أكثر من 20 سنة.

شوهد عراص إبراهيم آخر مرة في مدينة آرليت، شمالي النيجر، في العام 1993، وكان يرغب في التوجه إلى الجزائر، وكان ذلك في شهر جوان، لكن إبراهيم و3 أشخاص كانوا على متن شاحنة من نوع “جي أل أم”، لم يعثر لهم على أثر إلى اليوم. وكل ما تم استرجاعه من آثارهم، هو هيكل الشاحنة الذي اكتشف في عام 2005، أي بعد 12 سنة من تاريخ فقدان إبراهيم ومرافقيه.

يقول المهاجر غير الشرعي، موكي عبد الله، وهو من جنسية نيجيرية: “لدي أخ مات في الصحراء أثناء محاولته التنقل من النيجر إلى الجزائر. وفي قريتي والتي تقع على مقربة من منطقة زيندير النيجيرية، التي ينتمي إليها كل المهاجرين السريين الذين ماتوا عطشا في الصحراء أثناء محاولتهم الوصول إلى الجزائر، يوجد ما لا يقل عن 8 شباب، لم تصل أخبارهم أبدا إلى أسرهم، بعد أن غادروا القرية قبل 6 سنوات في رحلة نحو الجزائر، والأغلب أنهم ماتوا جميعا في الصحراء.. بالنسبة لأي مهاجر سري، يعني الوصول إلى تمنراست النجاة من الموت الأكيد. لأن مجرد اختراق الصحراء الكبرى يعني بالنسبة لنا أن المهاجر السري نجا من الموت، ووصل إلى مبتغاه. أما باقي الرحلة نحو أوروبا فهي مغامرة أخرى”.

محمدو مات عطشا في الصحراء أو قتل في ليبيا
يشير عبد الله موكي، الذي يقيم حاليا في تمنراست، إلى رحلة طويلة قضاها متنقلا بين ليبيا والجزائر بحثا عن شقيقه محمدو، الذي غادر القرية قبل ثورة ليبيا في شهر جانفي 2011 بحثا عن عمل في ليبيا. يقول عبد الله موكي: “غادر محمدو قرية نوينور في شهر جانفي 2011، وكان متزوجا وله طفلة صغيرة، بحثا عن عمل في ليبيا. وسمعنا في قريتنا، حينها، أنباء عن اندلاع الثورة الليبية، عن طريق الأخبار، وأدركت منذ البداية أن محمدو إذا نجح في الوصول إلى ليبيا فإنه سيواجه ظروفا شديدة الصعوبة في ليبيا التي تشهد حربا أهلية. وفي العادة، فإن أي مهاجر سري سيتصل بأسرته فور وصوله إلى ليبيا أو الجزائر، لكن وبعد مرور 10 أشهر لم يرد أي اتصال من شقيقي محمدو، وبدأنا في البحث عنه عن طريق الاتصال بالهاتف مع مهاجرين سريين من منطقة زيندر، كنا نعلم أنهم يقيمون في ليبيا. وصرح لنا الجميع أن المهاجرين السريين إما أرغموا بالقوة على حمل السلاح والانخراط في قوات القذافي، أو أنهم قتلوا في المواجهات بين قوات القذافي والثوار، أو أسروا وأعدموا من قبل القوات النظامية آنذاك”. ويضيف محدثنا “في شهر جوان عام 2012، قررت بإلحاح من أسرتي المخاطرة والتنقل إلى ليبيا للبحث عن شقيقي محمدو. وكان قد قال لي قبل المغادرة إنه سيتجه إلى مدينة سبها الليبية، لأن عددا كبيرا من أبناء منطقة زيندر يعملون في هذه البلدة، وقد بقي عدد قليل منهم فيها بعد الثورة بحماية من بعض أسر قبائل التبو الليبية.. غامرت وتنقلت من أجل هدفين: الأول هو العمل لإعالة الأسرة، والثاني هو الوصول إلى أي معلومة حول مصير شقيقي محمدو..”.

يواصل عبد الله: “بعد أن وفرت المال الضروري، تنقلت من زيندر إلى بلدة تانوت، ثم إلى صحراء تينيري عبر شاحنة لنقل البضائع على مسافة 700 كلم، ووصلت إلى مدينة سيقدين. من هذه المدينة التي تقع على بعد 700 كلم من الحدود الليبية، كان علي التنقل إلى مدينة القطرون على مسافة تتعدى 1500 كلم مع مهربين محترفين. ومنذ الثورة الليبية كان أغلب المهربين يرفضون التنقل إلى ليبيا، لأن الوقوع في يد الثوار يعني الإعدام رميا بالرصاص، وفورا ودون أي تحقيق أو محاكمة. لكنني كنت أحمل معي صورة محمدو، وأسأل السائقين عن أي حادثة موت مهاجرين سريين عطشا في الصحراء بين ليبيا والنيجر تكون حدثت شهر جانفي 2011، فأخبرني أحد سائقي سيارات التهريب أن أكثر من 30 مهاجرا سريا ماتوا عطشا في صحراء هضبة جادون، شمالي النيجر في الأشهر الأولى من عام 2011. وهنا بدأت قناعتي تترسخ بأن محمدو قد يكون من بين الثلاثين الذين ماتوا، بعد أن تعطلت السيارة التي كانت تقلهم في صحراء جادون، أو في صحراء جنوبي ليبيا”.

عبد الله الموجوع بفراق شقيقه يحكي “في مدينة القطرون بدأت صورة مأساة المئات من المهاجرين السريين القادمين من الدول الإفريقية تتضح أمامي، حيث أرغم عدد كبير منهم على حمل السلاح مع قوات القذافي أثناء الحرب ومن كان يرفض كان يعتقل. ثم قرر ثوار ليبيا الانتقام من كل من يحمل البشرة السمراء. وهكذا تعرض عدد غير معروف من المهاجرين السريين الذين لم يتمكنوا من الفرار للموت أو الاعتقال في سجون غير معروفة”. ويضيف عبد الله “أكثر ما أخشاه أن يكون محمدو مسجونا في موقع سري لدى المليشيات التي خاضت الثورة ضد القذافي”.

تزايد عدد المهاجرين السريين المقيمين في الجزائر بعد حربي مالي وليبيا
ارتفع عدد المهاجرين السريين الموجودين في الجزائر بشكل تصاعدي بعد حربي ليبيا ومالي. وكان سبب تزايد عدد المهاجرين السريين في الجزائر بعد عام 2011، هو أن الحرب في ليبيا دفعت الآلاف من الأفارقة الذين كانوا يقيمون في هذا البلد، برعاية معمر القذافي، للهجرة إلى الجزائر. أما بالنسبة للحرب في مالي، فإن أكثر من 10 آلاف مواطن مالي اخترقوا الحدود بين الجزائر ومالي بعد اندلاع الحرب في إقليم أزواد، ثم توقفت عمليات ترحيل المهاجرين السريين من الجزائر بعد اندلاع الحرب بسبب إغلاق الحدود الدولية مع كل من مالي والنيجر. ونزح حسب مصدر أمني في أقصى الجنوب منذ بداية عام 2013 أكثر من 2000 مقيم غير شرعي من جنسيات إفريقية.

أكثر من 30 ألف مهاجر سري في الجزائر
يتراوح عدد الأجانب المقيمين بصفة غير شرعية في الجزائر بين 30 و50 ألفا. حيث يوجد، حسب مصدر أمني، ما لا يقل عن 8 آلاف في ولاية تمنراست، وعدد مماثل في ولاية أدرار، و4 آلاف في ولاية غرداية، و5 آلاف في ولاية إليزي، ولا يقل عدد المهاجرين السريين في ورڤلة والوادي عن 2000.
وتتوقع مصالح الأمن أن تستقبل الجزائر ما لا يقل عن 100 ألف مهاجر سري في السنوات القليلة القادمة، بعضهم يريد الهجرة إلى أوروبا عبر السواحل الجزائرية، والباقي يرغب في العمل والاستقرار بالجزائر التي تشهد نموا في مشاريع الإنشاءات والبناء. وحذرت تقارير أمنية من نزوح مئات الآلاف من المهاجرين السريين من جنسيات إفريقية ومصريين مقيمين في ليبيا بصفة غير شرعية، إلى الجزائر، إذا تواصلت الفوضى والتدهور الاقتصادي في مالي والنيجر.

وكانت منظمات دولية متخصصة في الهجرة قد توقعت عام 2011 أن نسبة لا تقل عن 10 بالمائة من مجوع الحراڤة المقيمين في ليبيا، البالغ عددهم مليونا، سيلجؤون إلى الجزائر، بحثا عن العمل وعن الهجرة السرية إلى إيطاليا، إذا تواصل تدهور الأوضاع الأمنية في دول الساحل وليبيا. وتشير مصادرنا إلى أن السلطات الجزائرية بدأت في إعداد العدة للتعامل مع أكثر من 100 ألف مهاجر سري أو 10 بالمائة من مجموع الحراڤة المتواجدين في ليبيا.

غياب مراكز الإيواء وإجراءات غير واضحة
تعد المناطق الحدودية في تمنراست وأدرار أكثر المناطق التي تستقبل المهاجرين السريين، لكنها لا تتوفر إلى اليوم على مراكز لإيواء المهاجرين السريين، كما أنها لا تضم أي مركز طبي متخصص في علاج المهاجرين السريين. ورغم تزايد عدد المهاجرين السريين في الجزائر في السنوات الأخيرة، فإن السلطات العمومية لم تقرر إلى اليوم إستراتيجية واضحة في مواجهة نزوح آلاف المهاجرين السريين. ورغم أن الآلاف من المهاجرين السريين يحتاجون لتكفل إنساني، فإن تسيير الملف ما يزال مسؤولية أمنية، بتدخل طفيف من الهلال الأحمر ووزارة التضامن. وفي مواجهة هذا الوضع، قررت السلطات الأمنية والإدارية المتابعة لملف الهجرة السرية، في إطار لجنة وزارية مكوّنة من وزارات الداخلية والدفاع والخارجية والصحة والتضامن، بالتنسيق مع المسؤولين الإداريين المحليين في أقصى الجنوب، تشديد الرقابة على الحدود، لمنع أكبر عدد ممكن من المهاجرين السريين من الوصول إلى الجزائر.

وكشف مصدر أمني بأن الدرك الوطني وحرس الحدود في إقليم الناحية العسكرية الرابعة الذي تتبعه ولاية إليزي، وإقليم الناحية السادسة الذي تتبعه مناطق شرق ولاية تمنراست، أوقفوا خلال أسبوعين من 22 فيفري إلى 6 مارس الماضيين 820 نازح من جنسيات إفريقية، أغلبهم لا يملك وثائق إثبات هوية، و200 آخرين يملكون وثائق هوية لكن دون أي إثبات لإقامتهم بصفة قانونية.

وكشفت مصادرنا بأن عدد المهاجرين السريين من جنسيات إفريقية ارتفع خلال الأشهر العشرة الماضية. ما يؤشر لحدوث أزمة إنسانية قريبا، خاصة وأن بعض النازحين الأفارقة كانوا برفقة أسرهم. وتوقعت مصالح الأمن، المتابعة لملف الهجرة غير الشرعية، أن يرتفع عدد المهاجرين السريين النازحين من النيجر ومالي ودول إفريقية جنوب الصحراء إلى الجزائر في 3 أشهر القادمة، إلى أكثر من 4 آلاف، إذا تواصل الوضع الإنساني السيئ في دول المنطقة، والناتج عن عدم توفر فرصة للمهاجرين السريين للوصول إلى ليبيا.

وينحدر المهاجرون السريون من أكثر من 14 دولة إفريقية، ويبحث المئات من هؤلاء عن العمل وعن التنقل عبر البحر الأبيض المتوسط عبر الجزائر ثم تونس ثم مالطا أو لامبيدوزا في ‏جنوب إيطاليا‏.

ونقل شهود عيان، من المراكز الحدودية، أن حرس الحدود نقلوا عشرات النازحين مشيا على الأقدام من المهاجرين السريين القادمين من ليبيا يومي الجمعة والسبت الماضيين، بعد رصد تسللهم عبر الحدود. وحسب مصدر أمني، فإن حرس الحدود والوحدات العسكرية المرابطة على الحدود الجنوبية الشرقية للجزائر، شرعت منذ بداية شهر مارس الماضي في تنفيذ نظام عمل ميداني جديد، يقوم على رصد جموع المهاجرين والنازحين عبر الحدود برا قبل دخولهم إلى الإقليم الجزائري. ونجح هذا النظام في إنقاذ حياة العشرات من النازحين، كانوا قد انقطعت بهم السبل عند الحدود.

وقالت مصادر أمنية محلية من ولايتي أدرار وتمنراست، إن الحواجز الأمنية عبر الطرق المعبدة عبر كامل إقليم الولاية تلقت تعليمات بتشديد إجراءات الرقابة على المركبات المتجهة نحو الغرب والشمال، للحد من تسلل المهاجرين السريين، وفي الحواجز الأمنية عند المدخل الشمالي لمدينتي الدبداب وإليزي. وتلقى عناصر الدرك الوطني تعليمات صارمة لمنع تنقل المهاجرين السريين نحو الشمال في انتظار البت في وضعيتهم.

تكليف الجيش بإنقاذ التائهين في الصحراء

❊ يحتاج إنقاذ التائهين في الصحراء، حسب مصدر أمني من ولاية تمنراست، لتدخل مباشر من الجيش الوطني الشعبي، ولأمر مباشر من قيادة القطاع العملياتي العسكري. وتشير المعلومات المتوفرة إلى أن أي قرار بالبحث لا بد أن يتخذ في إطار مجموعة تدخل تتكون من الجيش والدرك. ويستعين القادة العسكريون بالخرائط الدقيقة للصحراء التي تتوفر لدى الجيش، بالإضافة إلى أجهزة الرؤية الليلية والطائرات المروحية.

وقد تراكمت الخبرة في مجال إنقاذ التائهين في الصحراء لدى وحدات وقيادات الجيش المحلية في تمنراست وأدرار، حيث تعمل مجموعات تدخل إنسانية في ولايات الجنوب تستعمل مروحيات عسكرية تابعة لقيادة القوات الجوية من أجل إنقاذ التائهين في الصحراء. في إجراء يهدف لمنع تكرار مآسي تيه الأشخاص في الصحراء وموتهم عطشا. ويشمل الإجراء مساحة واسعة تمتد من الحدود بين الجزائر ومالي والنيجر جنوبا وصولا إلى ولايات: البيض، الأغواط وبسكرة في الشمال.  وشكلت قيادات الجيش الوطني الشعبي على مستوى القطاعات العسكرية في ولايات الجنوب، بالتعاون مع الدرك الوطني، فرقا للتدخل للبحث عن التائهين في الصحراء، وإنقاذهم ومنع موتهم عطشا. وقال مصدر من قيادة الدرك الوطني في تمنراست إن قيادة قطاعات العمليات العسكرية في الجنوب شكلت، في بداية شهر جوان، مجموعات بحث وإنقاذ، تضم وحدات من الدرك الوطني والجيش الوطني الشعبي، تتحرك فور تلقي بلاغ حول اختفاء أشخاص في الصحراء أو في محيط المدن والقرى والقصور في الجنوب. ويمكن للوحدات الاستعانة بالطائرات المروحية لنقل وحدات البحث. كما تضم خبراء في تقفي الأثر. والإجراءات الخاصة التي باشرتها قيادات الدرك الوطني المحلية في ولايات الجنوب، بالتعاون مع الجيش، تتضمن إجراءات وقائية وأخرى للتدخل.
وقال مصدر من قيادة المجموعة الإقليمية الجهوية للدرك الوطني، في الناحية العسكرية السادسة بتمنراست، إن قيادة الدرك الوطني أصدرت تعليمات للنواحي العسكرية الرابعة في ورڤلة والسادسة في تمنراست والثالثة في بشار تتضمن إجراءات لمنع تيه الأشخاص وموتهم عطشا في الصحراء، بتشكيل مجموعات في المناطق الأكثر خطورة في الجنوب التي تتكرر فيها حوادث التيه والموت عطشا، ومراقبة الممرات والطرق غير المعبدة بواسطة حواجز أمنية لمنع السيارات القديمة من عبورها، وإلزام المتنقلين عبر هذه الطرق بحمل كميات كافية من الماء والوقود ومراقبة المركبات، ثم إجراءات للتدخل تبدأ فور تلقي البلاغ حول الاشتباه بتيه شخص أو مجموعة أشخاص في الصحراء عبر الخطوط الخضراء، وأحيانا بعد تلقي إخبارية مباشرة من ذوي الضحايا، بعدها يتم على الفور تعيين قائد لعمليات البحث التي تشمل منطقة جغرافية شاسعة، ويتم استدعاء طائرات مروحية عسكرية للمشاركة في عمليات البحث عند اقتضاء الضرورة. كما تضم كل مجموعة بحث خبيرين اثنين من خبراء تقفي الأثر على الأقل.

وفي عام 2016، تشير المعلومات المتوفرة إلى أن وحدات الجيش والدرك نفذت 9 عمليات تدخل لإنقاذ أشخاص تائهين في الصحراء، نجحت 7 عمليات منها في إنقاذ حياة مواطنين جزائريين ورعايا دول إفريقية تاهوا في الصحراء، بينما تم تسجيل وفاة شخصين تائهين في الصحراء قبل أيام في منطقة تينزاوتين.

أمريكي وفرنسي سارا 7 أيام في الصحراء

في مدينة المنيعة، التقينا بأحد أبرز المشاركين في عمليات إنقاذ التائهين في الصحراء اسمه قادة بوني، ويبلغ من العمر سبعين عاما، عمل مرشدا مع الجيش في سنوات الإٍرهاب، كما يعتبر أحد أشهر المرشدين في الصحراء.

يقول عمي قادة: تبدأ عملية البحث بتفقد المكان الأخير الذي فقد فيه أثر التائهين، بعدها مباشرة نتجه إلى الوديان الجافة الصحراوية القريبة من الموقع.. لماذا الوديان الجافة، يقول عمي قادة، لأن الوادي تبقى فيه في العادة آثار أقدام الأشخاص لفترة أطول نسبيا بسبب عدم انكشافه للرياح. وفي حالة اكتشاف آثار أقدام التائهين، يمكنني تتبعها من خلال تحديد الاتجاه. وتكمن المشكلة، حسب عمي قادة، في أن تتبع آثار التائهين في الصحراء يحتاج للسير على الأقدام، إلا أن كل دقيقة من البحث لها ثمن، لأن التائه في الصحراء يكون في حالة يأس، وأحيانا يموت قبل الأوان.
ويضيف عمي قادة: “أغلبية عمليات البحث انتهت باكتشاف التائهين في الصحراء بعد موتهم وليس قبله. وفي حالات قليلة جدا أنقذنا حياة التائهين”.

ويروي عمي قادة تفاصيل إنقاذ أمريكي وفرنسي في صحراء شمال عين صالح في عام 1992.. يقول: في شهر أفريل عام 2012 تم استدعائي من قبل الدرك الوطني للبحث عن شخصين أجنبيين فقدت آثارهما في منطقة وادي “ميا” جنوب المنيعة عين صالح، وتم إطلاق عملية البحث بعد أن كشف أحد عابري السبيل سيارة “لاند روفر” مهملة، واستغرقت عملية البحث 7 أيام، حيث سار الأمريكي والفرنسي 80 كلم، وهما يبحثان عن منفذ من الصحراء دون جدوى. السر في إنقاذ الأمريكي والفرنسي كان في أن الرجلين حملا معهما كمية من الماء، حوالي 5 لترات تقريبا وأنفقاها بذكاء. وكانا ذكيين حيث تعمدا السير في اتجاه واحد دون أي انحراف.. ويضيف المتحدث “في العادة يدور التائه في الصحراء في دوائر كبيرة دون أن يدري وهو باق في مكانه تقريبا”.

نقلا عن الخبر الجزائرية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى