لا حماية للمفسدين حين ألزم رئيس الجمهورية بتطبيق توصيات أجهزة الرقابة..

الشروق نت / خطاب حمل نبرة غير مسبوقة من الوضوح والصرامة، وجّه فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، خلال إشرافه على تخرج دفعة جديدة من تلاميذ المدرسة الوطنية للإدارة، رسالة مباشرة للمفسدين ومختلسي المال العام، رسالة نارية مفادها أن زمن الإفلات من العقاب قد ولّى.
لقد قالها الرئيس بصراحة “ألزمتُ الحكومة بتطبيق توصيات أجهزة الرقابة والتفتيش بنحو لا يفلت معه متورط في ممارسات مشبوهة من المساءلة والعقوبة”، هذا التصريح القوي يمثل نقلة في الخطاب الرسمي حول محاربة الفساد، وينقل المعركة من إطارها النظري إلى مستوى الالتزام التنفيذي، وهو ما ينتظره الشارع منذ سنوات.
إذا كان الرئيس لا يتساهل مع “الصديق”، فكيف سيكون موقفه من الآخرين؟ هذا المنطق الذي تبناه ولد الشيخ الغزواني يقطع الصلة مع ثقافة الحماية السياسية التي طالما شكلت عائقًا أمام ملاحقة رموز الفساد في الأنظمة السابقة.
منذ وصوله إلى الحكم، رفع ولد الغزواني شعار “محاربة الفساد”، لكن هذا الخطاب، بشكله الصريح وتوقيته، قد يكون مؤشرًا على دخول البلاد مرحلة جديدة من الجدية في محاربة الفساد، مدعومة بإرادة سياسية واضحة.
حين يُعلن رئيس الجمهورية أن توصيات أجهزة الرقابة والتفتيش يجب أن تُنفذ حرفيًا، فذلك يعني أن التقارير التي كانت تُرَكَّن في الأدراج، ستُفتح، وستُحوّل إلى النيابة، وسيمثل على ضوئها كل من أجرم أو تلاعب بالمال العام أمام القضاء.
إن من سجن صديقه ورفيق دربه، ووضعه خلف الأسوار بسبب الفساد، لا يُنتظر منه أن يحمي أي مفسد آخر، ومن أعلن الحرب على الفساد بهذه الصراحة، فهو يفتح الباب لإصلاح عميق طال انتظاره، فخطاب رئيس الجمهورية واضح المضامين لكل من أكل المال العام، أو أساء استخدام السلطة… فأيام الحماية ولّت، فاستعدوا للحساب…
نوح ولد محمد محمود