تقرير محكمة الحسابات يكشف فوضى وفسادًا في محطات الوقود: تشغيل دون تراخيص وسرقة في الكيْل

الشروق نت (نواكشوط)
كشف تقرير محكمة الحسابات الصادر حديثًا عن واقع خطير يطبع قطاع توزيع الوقود في موريتانيا، حيث أكد أن غالبية محطات الوقود – البالغ عددها 725 محطة، منها 386 في نواكشوط – تعمل دون رخص تشغيل، وعلى أراضٍ لا تملكها، ووسط غياب شبه تام لمعايير السلامة ومعدات مكافحة الحرائق كالأكياس الرملية، وعبوات الإطفاء، والخوذات، والقفازات، والنظارات الواقية.
وأوضح التقرير أن العديد من المالكين اكتفوا بوصل تصريح إنشاء وبدؤوا التشغيل دون رخصة رسمية، في مخالفة صريحة للمواد 5 و6 من المقرر رقم 348/2019. وأقرّ مسيرو القطاع بهذه التجاوزات، مبررينها بما وصفوه بـ”التوترات في قطاع التموين” التي دفعت الإدارة إلى “التريث” في تطبيق الإجراءات القانونية.
وأشار التقرير إلى أن المحطات تفتقر لشهادات المطابقة المطلوبة وفق المادة 15 من نفس المقرر، بما في ذلك شهادات إحكام المعدات وتكوين العمال في السلامة ومكافحة الحرائق، وهي وثائق أساسية للحصول على شهادة المطابقة من الإدارة المكلفة بالمحروقات المكررة. كما لا تتوفر أغلب المحطات على بوليصات تأمين ضد المخاطر رغم إلزام القانون بها، وهو ما يشكل سببًا قانونيًا لتعليق نشاطها.
وفي جانب آخر، سجلت المحكمة عدم احترام المسافات القانونية بين المحطات، إذ أقيمت العديد منها في مخالفة للمسافات الدنيا المحددة (300 متر داخل المدن، 500 متر في عواصم المقاطعات، و1000 متر بين محطات الشركة الواحدة)، مؤكدة وجوب تطبيق هذه المعايير بأثر رجعي منذ صدور المقرر سنة 2019، وإغلاق المنشآت المخالفة مؤقتًا أو نهائيًا.
كما كشفت المحكمة عن تلاعب خطير في المكاييل يصل أحيانًا إلى 0.28 لتر لكل 10 لترات، أي ما يعادل سرقة منظمة من المستهلكين، إذ تبين وجود هذا النقص في 38 محطة بشكل واضح، وفي 151 محطة بنسبة أقل. وقد حاول المسير التنصل من المسؤولية بإلقاء اللوم على شركة “سومير”، المسؤولة عن مراقبة الأحجام وفق المرسوم 214/2019، غير أن المحكمة شددت على أن وزارة البترول تتحمل بدورها مسؤولية الرقابة والمتابعة بموجب المواد 23 إلى 26 من المرسوم رقم 199/2013 المحدد لهياكل الوزارة.
كما رصدت المحكمة اختلافات في جودة ولون المحروقات في بعض المناطق، ما يرجح – بحسب التقرير – تورط بعض المحطات في شراء الوقود المهرب. وقد أقرّ المسير بأن مراقبة جودة المنتوج تتم فقط عبر شركة “سومير”، دون إشراف كافٍ من الوزارة.
وبحسب التقرير، فإن ما يجري في هذا القطاع يجسد فوضى تنظيمية ورقابية أفرزت بيئة تسمح بتجاوز القوانين و”سرقة” المستهلكين في وضح النهار، تحت ذريعة ضمان التموين.