أخبار وتقاريرمميز

الجالية الموريتانية في ساحل العاج بين التشرذم والإهمال.. فشل السفارة يفاقم الأزمة

الشروق نت – ساحل العاج

تعيش الجالية الموريتانية في ساحل العاج، وهي الأكبر عددًا بين الجاليات الموريتانية المقيمة في الخارج، وضعًا صعبًا يتسم بالتشرذم والانقسام التنظيمي، في ظل ما يوصف بأنه إخفاق واضح للسفارة الموريتانية في أبيدجان في أداء واجبها الدبلوماسي والخدمي، بل وتحولها إلى عامل أزمات بدلاً من أن تكون مظلة حماية ورافعة تنسيق.

فقد أفرزت حالة الفوضى الداخلية تعددًا لافتًا في هياكل الجالية، إذ يوجد ما يقارب سبعة رؤساء لمكاتب مختلفة، إضافة إلى سيدتين على رأس مكاتب موازية، أربعة منهم برزوا خلال فترة السفير محمد عبد الله ولد خطره.

ويعتبر العديد من الموريتانيين المقيمين أن هذا التعدد ما هو إلا انعكاس مباشر لسياسة السفارة، التي عززت البعد القبلي و الشخصي  في تعاملاتها ، على حساب المصلحة العامة.

وعلى المستوى الإداري، تفتقر السفارة إلى قنصل رسمي يتولى الملفات الخدمية الحساسة، ومع ذلك تفرض السفارة مبلغ ستة آلاف فرنك إفريقي على كل من يرغب في الحصول على بطاقة قنصلية.

ورغم أن هذه الرسوم باتت تشكل دخلًا كبيرًا بحكم الكثافة العددية للجالية، فإن البطاقة لا تحمل وزنًا إداريًا حقيقيًا، ولا تضاهي في قيمتها البطاقات القنصلية الصادرة عن دول أخرى.

الأمر الذي جعل كثيرين يصفونها بأنها مجرد عبء مالي إضافي عليهم و بلا مردود يذكر .

في المقابل، تواجه الجالية تحديات أمنية ومعيشية مرتبطة بالإقامة والعمل في بلد أجنبي، غير أن السفارة تغيب عن أداء دورها، بل تكتفي بالتنصل من مسؤولياتها،  بحجة أن معالجة تلك القضايا لا تدخل ضمن صلاحياتها.

هذا الموقف دفع عددًا متزايدًا من أفراد الجالية إلى مقاطعة السفارة وتجنب مراجعتها، لقناعتهم بأن طرق أبوابها لا يفضي إلى أي حل ملموس.

وتزداد خطورة الوضع في ساحل العاج بالنظر إلى أن التشرذم والإهمال يأتيان في لحظة حساسة، إذ يقف البلد على أعتاب حوار سياسي وطني يفترض أن يكون للجاليات فيه صوت موحد وموقف جامع، فضلًا عن الحديث عن تنظيم مهرجان رسمي في نواكشوط مخصص للجاليات الموريتانية في الخارج.

غير أن السفير محمد عبد الله ولد خطره لم يقدم للجالية في أبيدجان ما يوازي هذه التطلعات، ولم يسعَ إلى حلحلة مشاكلها، بل ظل أداؤه الدبلوماسي ضعيفًا انعكس سلبًا على وحدة الجالية وفاعليتها، وعمّق من حالة العزلة التي تعيشها بعيدًا عن التوجه الرسمي للدولة.

هذا الإخفاق يتناقض مع التوجه الرسمي للدولة الموريتانية، حيث يولي الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني اهتمامًا خاصًا بالجاليات في الخارج، ويحرص على الاستماع إليهم وفتح قنوات مباشرة معهم.

لكن، وبخلاف هذا التوجه الرئاسي، تبدو السفارة في أبيدجان بعيدة عن روح المبادرة وغائبة عن الانسجام مع السياسة العليا، ما جعلها عائقًا بدل أن تكون حلقة وصل.

إن أزمة الجالية الموريتانية في ساحل العاج لم تعد مجرد مسألة تنظيمية داخلية، بل تحولت إلى قضية سياسية ودبلوماسية و حتى اخلاقية، تستوجب تدخلًا عاجلًا من السلطات العليا لوضع حد لفشل السفارة وتصحيح المسار، حتى تستعيد الجالية وحدتها و مكانتها ، وتلتحق بالنهج الوطني العام الذي يضعها في صلب الاهتمام والرعاية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى