أخبار كوركولأخبار وتقاريرمميز

لقاء مع الرئيس غزواني..

رنّ الهاتف في حدود التاسعة صباحًا، كأن الصوت يطرق باب القدر.

– ألو؟

– نعم.

– أنتم الصحفي عالي أحمد سالم؟

– نعم.

– معكم رئاسة الجمهورية. الرئيس يريدكم في مكتبه عند الثانية عشرة.

انقطع الخط، تاركًا قلبي يرفّ بين الدهشة والفضول. خرجت، وفي صدري مزيج من قلق وحماسة، كأن كل خطوة إلى القصر تقربني من سرّ لم يُكشف بعد.

عند البوابة، رحب بي العسكري بوقار، ورفع الحاجز بابتسامة رسمية. دلّني على الموقف، ثم تسلّمني رجل أمن بلباس مدني، رافقني إلى المصعد. صعدنا، وكل طابق يمر كأنه صفحة من رواية لم تُكتب بعد.

في الطابق الثاني، فتحت قاعة رحبة، أثاثها يئنّ أناقة، وألوانها تهدهد الروح. جلست أراقب عقارب الساعة، وهي تلهو ببطء، كأنها تعرف أن لحظة اللقاء ستستحق الانتظار.

في تمام الثانية عشرة، دخل رجل آخر:

– تفضل، رئيس الجمهورية ينتظركم.

دخلت، فإذا أنا وجهاً لوجه أمام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني. وقف من وراء مكتبه، صافحني بحرارة، وقال:

– أهلاً، كيف حال أهل كوركول؟

ابتسمت وقلت:

– بخير، سيادة الرئيس، ممتنون لإنجازاتكم، لكنهم يتطلعون إلى ما هو أكثر.

ابتسم ثانية وقال:

– وماذا عن كيهيدي ولكصيبة؟

قلت في نفسي: هل قرأ الرئيس تقاريري عن الولاية؟

ثم أفقت على صوته الهادئ، داعيًا بالاستمرار:

– ماذا عن لكصيبة وكيهيدي، أعطيني الأخبار…

كانت عيناه مرآة، دعوة وتشجيعًا، ثم أضاف:

– أنت عندك لخبار…

قلت:

– السيد الرئيس، أنتم رئيس البلاد وتعرفون كل شيء…

أجاب مبتسمًا:

– أهيه، يغير نبق نسمع منك أنت أمل لخبار…

استجمعت شجاعتي، وبدأت أسرد ما في قلبي: آفطوط الشرقي، مشاريع تآزر، التحويلات النقدية، تمثيل المكونات الاجتماعية في كوركول، غبن واستئثار، لكن دون لوم، بل بصوت يسعى للحق.

رفعت بصري، وكنت أراقب صمت الرئيس، ثم قال بهدوء، كأنه ينسج دستورًا من الكلمات:

– يا عالي، ما تطرحه هو لبّ المسألة. كوركول ليست مجرد ولاية، إنها مرآة لموريتانيا. وإذا اعتدل ميزانها، استقام الوطن كله.

ثم بدأ صوته يتدفق، لا إليّ فقط، بل نحو كل أرجاء الوطن، كنسيم يملأ الغرف والحقول، يلمس القرى والمدن، كأنه إعلان عهد جديد:

– سنحقق في آفطوط الشرقي، وسنحقق في كل ما قامت به تآزر في كوركول، بل في كل موريتانيا.

– سنشرك كل مكونات كوركول الاجتماعية في التوظيف والتعيين، كل حسب مكانته، لن يقصى أحد.

– كل مواطن سيجد مكانه، كل ولاية وكل قرية ستنال نصيبها من المشاريع والخدمات، ولن تُترك أسرة معدمة أو قرية محرومة بلا دعم.

كانت كلماته تتسلل إلى قلبي كهبّة صباحية تفتح نافذة الأمل، شعرت بعظمة الوطن وهي تتجلى في كل حرف، كأن الأرض نفسها تصغي، وتنبض بالحياة والعدالة، بلا ادعاء أو اتهام، بل بمشاعر وطنية صافية متينة.

ثم أضاف بجدية:

– سيكون هنالك تغيير، أو على الأصح تصحيح شامل…

أردت أن أسأله عن هذا التصحيح الشامل، لكن قبل أن أتمكن، هزّ أحدهم كتفي قائلاً:

– عالي… قم لصلاة الفجر!

فتحت عيني، الضوء الرمادي يتسلل من النافذة، والهدوء يملأ الغرفة. ابتسمت وأنا أهمس:

“كان مجرد حلم… لكنه حلم ينبض بالعدل والشراكة، ويزرع في القلب طاقة للعمل من أجل وطن يجمع الجميع.”

#عالي أحمد سالم الملقب البو 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى