وصف “سوزجو” لموريتانيا بـ”الدولة القبلية” يثير موجة استنكار في تركيا: إساءة تمس شريكًا استراتيجيًا

الشروق نت / أثار وصف صحيفة سوزجو التركية اليومية لموريتانيا بـ”الدولة القبلية” موجة من الانتقادات الحادة في الأوساط الإعلامية والدبلوماسية التركية، وسط استغراب واسع من استخدام هذا التعبير الذي اعتُبر تقليلاً من شأن دولة تربطها علاقات متينة وتاريخية مع تركيا.
جاء الوصف المسيء في تقرير للصحفية دينيز أيهان نُشر بتاريخ 25 مايو 2025، ضمن تغطية لزيارة وزير التعليم التركي يوسف تكين إلى العاصمة الموريتانية نواكشوط، والتي أسفرت عن توقيع اتفاقيات ثنائية في مجالات التعليم والسياحة والتجارة، إلى جانب تعزيز التعاون في مجالات متعددة أخرى.
وقد أثار تعبير “كابيليه دولتي” (الدولة القبلية) المستعمل في التقرير، موجة انتقادات لاذعة، حيث وصفه عدد من الصحفيين والمسؤولين الأتراك بأنه “مهين” و”غير مهني”، ويتنافى مع الأعراف الصحفية وأسس الدبلوماسية الثقافية.
عبد الباقي كوني، مسؤول في إدارة الهجرة التركية، قال عبر منصة X إن “وصف موريتانيا بالدولة القبلية تقزيم غير مقبول… لا يليق لا بأخلاقيات الصحافة ولا بجديّة الدبلوماسية”، مشددًا على ضرورة احترام شراكات تركيا الخارجية.
من جانبه، رأى الإعلامي التركي آيبارس آتلي أن هذا النوع من المصطلحات “يمثل إهانة ليس فقط لدولة صديقة، بل أيضًا لكرامة الشعوب وحرية اختياراتها”، مؤكدًا أن “أخلاقيات المهنة لا تسمح بمثل هذه التوصيفات، خصوصًا من صحيفة وطنية”.
أما الصحفي مصطفى صافا فقد انتقد بشدة مضمون التقرير، مغرّدًا: “من يصف موريتانيا بالدولة القبلية لا يفهم شيئًا عن القارة الإفريقية ولا عن مفهوم القوة الناعمة. موريتانيا كانت من أوائل الدول التي دعمت تركيا في معركتها ضد تنظيم FETÖ”.
ويأتي هذا الجدل في وقت تتنامى فيه العلاقات بين تركيا وموريتانيا بشكل ملحوظ، حيث تسعى أنقرة إلى توسيع حضورها في غرب إفريقيا عبر شراكات استراتيجية وتعاون متنوع. وقد وصف وزير التعليم التركي علاقته بموريتانيا خلال زيارته الأخيرة بأنها “علاقة أخوة وكأنني في وطني الثاني”، مشيدًا بحفاوة الاستقبال والرغبة المتبادلة في تطوير التعاون الثنائي.
يُشار إلى أن صحيفة سوزجو تُعرف بمواقفها القومية وانتقاداتها الحادة للحكومة التركية، غير أن مراقبين يرون أن ما ورد في التقرير الأخير تجاوز حدود النقد المشروع ليصل إلى الإساءة المباشرة لشعوب تتمتع بتاريخ وهوية مستقلة.
ويرى خبراء في الإعلام الدولي أن استخدام توصيفات استعلائية وغير لائقة في التغطيات الخارجية لا يخدم صورة تركيا كقوة دبلوماسية ناعمة، بل قد يضر بمساعيها لبناء علاقات متوازنة قائمة على الاحترام المتبادل، خاصة في القارة الإفريقية التي تولي لقيم الكرامة أهمية قصوى.
ورغم اتساع رقعة الاستياء، لم تصدر الصحيفة حتى الآن أي اعتذار أو توضيح رسمي، في ظل دعوات متزايدة لإعادة تقييم الخطاب الإعلامي التركي تجاه الدول الشريكة، بما يعكس احترامًا لثقافاتها وسيادتها، ويعزز مكانة تركيا كشريك جدير بالثقة.