أخبار وتقاريركتاب ومقالاتمميز

الكَركَرات: خطؤك الأول هوخطؤك الأخير

الشروق / العسكريون يعرفون جيدا أن أبسط خطإِ في التعامل مع اللغم هو النهاية، أي بترالأعضاء إن لم تكن الموت المحققة.

أصوغ هذا الكلام على ضوء التحركات المتسارعة و المتصاعدة باضطراد التي تقودها أكثر من جهة من انيويورك الى موسكو الى اديس أبابا مرورا بأكثر من عاصمة أوروبية و إفريقية، تصب جميعها في ممارسة الضغط الكبيرعلى جبهة البوليساريو لإرغامها على التراجع عن غلق ثغرة الكَركَرات و لاشك انه في المقابل هناك وعود من جهات دولية بزحزحة الملف و إخراجه من الجمود. 

إن الرضوخ لهذه الضغوطات او الإنصياع للوعود أي كان مصدرها و مهما كان نوعها والتفكير في التخلي عن الغلق النهائي لثغرة الكركرات مجرد التفكير في ذلك سيكون مصير الجبهة الشعبية، مصير صاحب اللغم، إن لم يكن الموت البتر، وسيكون ذلك “خطــأ استــــراتجي” و أسطر تحت كلمة استراتجي وماتحمل الكلمة من حمولة سياسية ،عسكرية و نفسية على مسقبل القضية الوطنية وعلى مصير الشعب الصحراوي برمته.

إن الصحراويين بكافة اطيافهم ومن مختلف اماكن تواجداتهم و بصوت واحد، وجهوا الى العالم أجمع رسالة واضحة لا غموض فيها ولاغبار عليها مضمونها لاتعامل مع منظمة الأمم المتحدة ولامع شرطة مرورها المسماة “مينـوسو” – بدون حرف الراء- إلابشرط واحد هو تحديد تاريخ اجراء الإستفتاء إعتمادا على لوائح المصوتين المحددة سلفا و التطبيق الفعلي للمشروع الأصلي لإتفاق السلام و تنفيذ ماجاء في البيان الأول لمعتصمي الكركرات، شيء آخر هو استهزاء بالعقل الصحراوي و مضيعة للوقت. الإنتظار أكثرمن 29 سنة منذ سنة 1991 هو مهزلة وفضيحة يُفرض محوها.

إن المحمية الفرنسية المملكة المغربية التي وجدت نفسها بين صُبح و عشية محاصرة برا و لا منفذ لها الى افريقيا لتمرير منتوجات الشركات الفرنسية و ما تجود به منطقة “اكتامة” من كيف و حشيش إلا عبرالبحر، وربما يكون ذات المنفذ الذي روج له الملك نفسه في شبه خطابٍ بالحديث عن مناء الداخلة كبديل عن الممر البري هو الآخرسيصبح عرضة للمنع و الغلق خاصة أن المياه الأقليمية الصحراوية قُبالة منطقة “لكويرة” هي محررة بالكامل وشواطئها يتواجد فيها جيش التحرير الشعبي، بمامعنى أن وحدات البحرية الصحراوية ذات التاريخ المُشرف، ستكون على أتم الإستعداد لمنع استحداث أي ممربحري عبر المياه الوطنية الصحراوية المحررة و تلك مصيبة أخرى لم يحسب لها العدوحساب فربما سنسمع غدا” قراصنة البحر عوض قطاع الطرق.”

إن غوتيرس الأمين العام الأممي لم يتحرك، كما لم تتحرك أكثر من عاصمة في العالم الا بعد عودة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان من الرباط يوم الثلاثاء الماضي وإطلاعه على الورطة الكبيرة التي وجد فيها محميته، التي أربكتها الخطة المحكمة التي نفذها المجتمع المدني الصحراوي في الكركرات ومن ورائه جبهة البوليساريو التي استنفرت كل النواحي العسكرية على طول جدار العار وأقرت على لسان أمينها العام الأخ ابراهيم غالي أن أي مَسٍ بسلامة أحد المعتصمين المدنيين هو إعلان للحرب. إن رأس الأفعى فرنسا تسارع الخطى لإنقاذ المملكة من حرب وشيكة ستأتي على الأخضر واليابس في المغرب وهي الحرب التي ستضيف اليها متاعب أخرى على متاعبها في حربها في الساحل الأفريقي و تدخلها في ليبيا و مواجهتها لتركيا في حوض البحر المتوسط وفشلها الى جانب ارمينيا، إضافة الى ذلك تأثيرات حملة المقاطعة الواسعة للمنتوجات الفرنسية من لدن المستهلك العربي والإسلامي.

 إن فرنسا و إسبانيا تدفعان بكل قوة الى ليِّ ذراع جبهة البوليساريو وإرغامها على التراجع عن استراتجيتها المصادق عليها في مؤتمرها الأخير القاضية بمراجعة التعامل مع خطة التسوية الأممية، بدءا بفتح ثغرة الكركرات مرة اخرى كما كان الحال عند مرور رالي باريس- دكار سنة 2001. ربما يُطلب من مجلس الأمن الإنعقاد في دورة طارئة ليسلط غضبه على البوليساريو وهوالذي لم يستطع حتى الإشارة الى انتهاك حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وعجز عن ردع المعتدي المغربي الذي رمى بخطة التسوية التي انشئت من اجلها المينوسو في المزبلة، وربما سنسمع نداءات ضبط النفس من الإتحاد الإفريقي الذي لم ينبس ببنت شفة أمام تجاوز دولٍ لميثاقه بفتح قنصليات لها بأرض هي مِلكٌ لدولة عضو في هذا الإتحاد و من بين مؤسسيه: الجمهورية الصحراوية وربما تظهر وساطات من هنا وهناك تهدف جميعها الى إعادة الوضع الى ماكان عليه. كل ذلك لن يفيد في شيء أمام الهَبة الشعبية التي فاجأت قيادات جبهة البوليساريو نفسها و أبهرت الأصدقاء و زادت من حِدة الخوف و الإرتباك لدى العدو و أكثر من ذلك انها أكدت للقاصي و الداني أن الشعب الصحراوي يَتجدد في ذاته و يُبدع في خططه ويعرف من طول تجربته و حسه القتالي أين تكمن مَقَاتِل الخصم والأمكان التي تُوجعه.

يبقى القرارالشجاع المتمثل في غلق ثغرة الكَركَرات ،هوالبداية لنهاية الإحتلال البغيض لأرض الصحراء الغربية وأية مساومة او تفكير في فتح هذه الثغرة ثانية يعد “خطـــأ إســـــتراجيا”.

بقلم: محمد فاضل محمدسالم 

باحث وإعلامي صحراوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى