قمة العرب في أرض شنقيط ..أخيرا / د. محمدو ولد محمد المختار
بون كبير بين عقدها الأول وعقدها الحالي، إذا ما تعلق الأمر بالحديث عن مراحل تطور العلاقة بين موريتانيا وأشقائها العرب، في العام 1960 حصلت موريتانيا على استقلال مشروط ، كان عليها فيه أن تظل وإلى الأبد جزء من الغرب الإفريقي وأن تكبح كل جموح أو تطلع مهما كان خافتا إلى تعزيز العلاقة بأشقائها العرب، كما كان عليها أن توغل في التعمية على هوية السواد الأعظم من شعبها وذلك بالتمكين – وبصورة غير مسبوقة على مدى عقود الاستعمار الستة – للغة أبناء العم سام في مشروعها التربوي الأول بعد الاستقلال ، حيث كان على هذا المشروع أن لا يتيح لأبناء أهل لغة الضاد “لغة أهل الطر” أكثر من ساعتين من هذه اللغة أسبوعيا.
وكان على القادة العرب آنذاك أن لا يقبلوا بعضوية موريتانيا في الجامعة العربية ليس لأن لهجة معظم أبنائها “الحسانية” الأكثر رطانة وبعدا عن اللغة العربية المحدد الأول لهوية الجامعة ، وإنما بحجة أنها جزء من المغرب، وهي الحجة التي سرعانا ما تم تجاوزها مطلع سبعينات القرن الماضي بسبب تأثيرات القضية الصحراوية ، لتصبح موريتانيا منذ العام 1973 عضوا في الجامعة، ولكنها عضوية فحسب، وصفها أحدهم مرة بأنها العضو الذي إذا حضر لا يستشار وإذا غاب لا ينتظر .
ومع أن هذه العضوية جلبت لموريتانيا الكثير من الدعم وجعلتها تتفاعل رسميا وشعبيا مع أشقائها العرب، فإنها ظلت دون مستوى التطلعات، ولم تتمكن موريتانيا خلال العقود الماضية من علاقاتها بالجامعة العربية من التأثير كثيرا في قرارات القمم العربية، ولا حتى من تسجيل حضور بارز فيها.
من هنا ربما تظهر بوضوح أهمية القرار الموريتاني الأخير وغير المسبوق باستضافة القمة العربية القادمة، فموريتانيا التي لم تعد تقبل في ظل نظامها الحالي بدور المتفرج على تفاعلات المسرح الدولي والإقليمي الراهن، وهو ما بدى جليا من خلال تصاعد الحضور الدبلوماسي الموريتاني على المستويين الاقليمي والدولي، حيث ترأست منذ العام 2009 العديد من لجان تسوية النزاعات الافريقية والعربية، وأشرفت على إنشاء واستضافة بعض القمم والتجمعات الإقليمية، كما تمكنت من قيادة الدبلوماسية الافريقية خلال مأمورية كاملة، لن يكون كثيرا عليها بعد كل هذا الحضور الدبلوماسي اللافت أن تستضيف أخيرا القمة العربية القادمة ، تتويجا طبيعيا لمسار دبلوماسي حافل تميز خلال السنوات الأخيرة بالكثير من العطاء والتفاعل الايجابي مع مجمل القضايا الاقليمية والدولية .
ولعل الرهان الأبرز في ظل العديد من التحديات أن تتمكن بلادنا من جعل القمة العربية القادمة فرصة لتجاوز العديد من الاشكالات التي تمر بها العلاقات العربية العربية وأن تفتح أملا لأمتنا في ظرف عربي ودولي بالغ التعقيد .