فلسطين والصحراء الغربية الحق مقابل التطبيع
الشروق / في إطار تبادل المصالح قرر الرئيس الامريكي المنتهية ولايته ترامب ان يكمل صفقة القرن بين الكيان الصهيونى و المملكة المغربية في مقايضة قائمة على مبدأ الهيمنة والسيطرة والاحتلال والسياسة الخبيثة التي أحاطت بكل شئ وجاءت بالصحراء الغربية مقابل فلسطين.
وبهذه المناسبة لابد أن نتوقف قليلا في مقارنة بين المصلحتين ونقرأ وجهي العملة التي اخذها ترامب مقابل هذه الصفقة، لا يخفى على أحد أن فلسطين و منذ اكثر من سبعين عاما، كانت ولازالت تعتبر أراضي محتلة من الكيان الصهيونى، وستبقى كذلك الى ان تنتصر فلسطين او يفنى الشعب الفلسطيني عن بكرة ابيه، اتخذت الحركة التحرير الفلسطينية علم الثورة العربية كرمز لها لتكسب ود الأشقاء، وتوحد كلمتهم في موقف تجاه قضية اعتبرها كل العرب – على الأقل شعبيا – قضيتهم المركزية.
اما الوجه الآخر من العملة الترامبية فهو الصحراء الغربية، هذه الأرض الواقعة في أقصى غرب الوطن العربي، تعرضت هي الأخرى منذ اكثر من خمس وأربعين سنة لطعنة في الظهر، لازالت تتألم منها الى يومنا هذا، كانت مستعمرة اسبانية وحيدة في تلك المنطقة، وبعد بزوغ فجر التحرر في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، قرر أبناء الصحراء الغربية ان ينتفضوا لشعبها ويطردوا المستعمر الإسباني فكانت جبهة البوليساريو (الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب) هي الحركة الوحيدة التي استقر عليها الرأي الوطني في الصحراء الغربية، والتي أعلنت في العاشر من ماي/ايار 1973 واتخذت علم فلسطين بإضافة نجم وهلال في وسطه كرمز لها عسى ان تجسد هي الاخرى شعار العروبة الذي كان يتقدم المشهد التحرري آنذاك.
وبعد إعلانها بعشرة ايام، اي في 20 من نفس الشهر أعلنت اندلاع الكفاح المسلح ضد المستعمر الإسباني، حتى أخرجته يجر اذيال الهزيمة في 27 فبراير/ شباط 1976، وبعد خروج آخر جندي اسباني أعلنت عن قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية على كامل التراب الوطني الصحراوي.
لكن الأشقاء المغاربة اتفقوا مع الاستعمار الإسباني في السر قبل ذلك بشهور، واجتاحوا المناطق الصحراوية بمسيرة سميت مغربيا (بالمسيرة الخضراء) وكانت هي وسيلة الاحتلال لتلك الأراضي، في إطار تنفيذ اتفاقية مدريد المشؤومة التي وقعها المغرب مع كل من إسبانيا ونظام موريتانيا آنذاك.
استمرت الحرب بين المغرب وجبهة البوليساريو لأكثر من عقدين ونصف، حتى جاءت الامم المتحدة بمشروع سلام منحه الشعب الصحراوي ثقة كبيرة في إطار جنوحه للسلام وصبر ثلاثة عقود كي يصل الى مبتغاه في الخرية وتقرير المصير ولم يتحقق ذلك، حتى اخترق المغرب وقف اطلاق النار في الثالث عشر من نوفمبر المنصرم، وحينها أعلنت جبهةالبوليساريو العودة إلى حمل السلاح، وخروجها من اتفاقيات وقف اطلاق النار المبرمة مع المغرب تحت إشراف البعثة الاممية المينورسو وتعهدت باستمرار ذلك حتى تحقيق مطالب الشعب الصحراوي في الحريةو الاستقلال.
لقد حاول إسرائيل والمغرب ان تستعيد علاقات التطبيع بينهما بطريقة خبيثة تؤكد للعالم استغلال القضيتين لتحقيق مآرب الرباط والكيان الصهيوني من خلال المقايضة الفاشلة بين الطرفين.
إن القضية الفلسطينية و فضية الصحراء الغربية تلتقيان في الكثير من أوجه التشابه، و من ذلك هو تشريد الاف اللاجئين الفلسطينيين و الصحراويين، الذين يعيشون اليوم في الشتات يحلمون كل يوم بعودتهم الى أوطانهم المغتصبة المحتلة، سواء من الصهائنة في بلاد المقدس أو من المخزن الملكي في الصحراء الغربية.
إن الكثير من الأشقاء العرب لا يدركون حقيقة النزاع في الصحراء الغربية، وينظرون إليه بنظرة ريبة، ليس حبا في المغاربة ولا كرها في الصحراويين وانما انسجاما مع الإعلام العربي المغالط، الذي اصبح موضوعه الأساسي هذه الأيام هو التطبيع والصحراء الغربية، ان الإنسان الصحراوي يشعر بالقبطة والفرح عندما يرى القنوات العربية تناقش قضية الصحراء الغربية وعيتو الكثير عندما يسمع كلاما جديدا يصدر من أفواه المحللين والإعلاميين العرب في التأكيد على أن المغرب اعطى فرصة ثمينة للتعريف بالقضية الصحراوية العادلة على مختلف القنوات والمواقع الأجنبية والعربية.
واذا ما ناقشت مع مثقف عربي – الا من رحم ربي- فإن جملته الثالثة أو الرابعة ستكون لماذا لا تتوحدون مع المغرب وتشكلون دولة واحدة، ولكنه لا يدري ان دخول المغرب الى الصحراء الغربية كان من أجل الثروات والأرض وليس من أجل اكتساب قلوب الصحراويين.
ولتعلم ايها العربي، ان احد المسؤولين المغاربة قال ذات يوم، عندما زار شيخ صحراوي طاعن في السن في منزله بالعيون المحتلة، وقدمه مرافقه للشيخ قال هذا الأخير، ومن دون شعور” أنتم لازلتم هنا” في إشارة إلى الإحتلال المغربي، و أسرها المسؤول المغربي وعندما خرج قال لمرافقه اكثر مايؤلمني هو ان الحسن الثاني دخل إلى الصحراء ولكنه لم يدخل الى قلوب الصحراويين.
كلا الجانبين عانى من ويلات التشرد والقصف والابادة صبرا وشاتيلا وام ادريكة، سجون الإحتلال الإسرائيلي تقص من المناضلين الفلسطينيين وكذلك المعتقلات والسجون المغربية بالنسبة للصحراويين، اكدز ومكونة يحملون ذكريات مؤلمة للصحراويين.
وتبقى قضية الصحراء الغربية بالنسبة للمغرب لا تقل أهمية عن القضية الفلسطينية بالنسبة لإسرائيل فهما قضيتنا وجود ويسعى كلا الاحتلالين الى إثبات وجوده مهما كلفه الثمن حتى ولو كان من خلال التحالف مع الشيطان.
اذا عندما تتشابه القضايا و الجراح فأعلم أن العدو واحد بوجوه متعددة سواء في الشرق او في الغرب.
بقلم بلاهي ولد عثمان
مدون وإعلامي من الصحراء الغربية