موريتانيا وحدها تخرجني عن صمتي فيما يتعلق بي شخصيا …
الشــروق / لم أهتم ليوم واحد و لا حتى لساعة بما يطالني من تجريح و اتهامات و تأويلات ، لحقتني من المخابرات المغربية المنتشرة في كل مكان و من عملاء صحراويين و حتى من بعض المناضلين الذين لا أتقاسم معهم غير هم الوطن و القضية ، و لم أهتم بالرد عن التلفيق أو الدفاع عن نفسي لقناعة راسخة بعقلي و هي أن المناضل الذي يسخر نفسه و جهده خدمة لقضيته يضره جدا و مبادءه الإنشغال بنفسه .
لكن عندما بلغ الأمر ببعضهم الطعن في علاقاتنا بأشقائنا الموريتانين و اعتبار حديثنا المستمر عن وشائجنا ضرب من النفاق و التدليس ، فقد بات من المفروض ذكر بعض النقاط التي يشكل تقاطعها توضيحا لما أتاه أحدهم من إفك .
في الكويت قبل ثلاث سنوات جمع السفير المغربي عناصر من جالية بلده و احتج عند باب العمارة التي أنشط بها ندوة نوعية الحضور عن القضية الصحراوية ، و نشرت الصحافة الكويتية عن أزمة سياسية سببتها بين البلدين . و حرمت للآن من زيارة الكويت مجددا .
قبل عام و نصف زرت القاهرة ، وجدت بها إعلاميين يفقهون في كل شئ عدا القضية الصحراوية ، بعضهم يسمع عن البوليساريو. و أكثرهم اطلاعا يظنها قضية مطوية منذ زمن ، و صفوة الصفوة تعتقده صراعا جزائريا مغربيا ، و عرضت زيارة المخيمات لمن شاء منهم ، و تقبلت الرئاسة الصحراوية المقترح و بدأت رحلة الاعلام المصري الاستكشافية إلينا .
عشرات الصحفيين المصريين جلهم روؤساء تحرير و مسؤولو أقسام و عشرات الشخصيات الفكرية و الثقافية أبرزهم الدكتور حسن نافعة ، زاروا المخيمات و الأراضي المحررة ، كتبوا و دونوا في كبريات الصحف و المجلات عن قضية شعب مٌتجاهل من محيطه العربي ، و نشرت كتب عرفت الشارع المصري بتاريخ الكفاح الصحراوي ، كل هذا أثار حفيظة المخزن ، فمصر إشعاع الثقافة و الإعلام العربيين ، و من وصلها اعلاميا فقد وصل ، و القضية الصحراوية لا يعيقها عن تصدر القضايا الدولية غير التعتيم الإعلامي المضروب حولها ، فجيش نزلاء قلعة تمارة ” مخابرات المخزن ” لاستهداف من كان السبب المباشر في اختراق سياج الصمت و التعتيم .
تصدر إسمي مواقع إعلامية مغربية وازنة منها موقع le360 المقرب من ديوان ملكهم ، كتبوا عن أزمتهم و مصر التي كنت حسب زعمهم سببها المباشر ، ملفقين أني أرشي الصحفيين بدعم من الجزائر ، تجسسوا على بريدي الإلكتروني لمعرفة لمن أرسل الدعوات ، و نشروا رسائل و دعوات تبادلتها و صحفيين مصريين ، منهم أيضا من طاله التجريح و الإتهام ، و مؤخرا استطاعوا استمالة واحد من الذين زارونا من بين العشرات كي يقول بلسانهم أني أتحايل على الصحفيين و أن اللاجئين محتجزين و البوليساريو عصابة تسرق المساعدات الإنسانية .
و رغم أن المدعو هاني بوزيد لا يستحق مني أي رد ، لأن كلامه بلا دليل ، أسطوانة يكررها المخزن أعادها هو كالببغاء ، إلا أنني سأخبر هنا أن المدعو هاني علق بوفد صحفي لم يكن بينه و بينهم رابط مهني و أن كتابه المزعوم مجرد صورة ابتز بها المغرب و ضايق بها النشطاء الصحراويين و أبسط ما يمكنني القيام به لردعه و تكذيبه – لو أني أردت ذلك – هو تسجيل مقابلات تلفزيونية و إذاعية و مكتوبة مع احد الصحفيين الذين كان برفقتهم المفلس خلقيا هاني أو كلهم ، تكشفه و توضح أسباب زيارتهم للمخيمات و نتائجها ، لكن الأمر كله صنيع المخزن و مخابراته و لست انتظر منهم الكف عنا قريبا .
من تبعات حملات المخزن التشهيرية هذه ، عدول بعض الصحفيين عن زيارة المخيمات بعد عقد العزم عليها ، و رفض صناع قرار بعض المجلات و الجرائد عن نشر تحقيقات الصحفيين الزوار عن القضية الصحراوية ، و منعي شخصيا من زيارة مصر مرة أخرى .
و لأن موريتانيا ليست بالنسبة لي مصر و لا الكويت لن أقبل أبدا تغيير بوصلة تشهير مخابرات المخزن بي نحوها ، أو على الأقل لن أسكت عنها .
إستعمل أحدهم كلمات حق أراد بها باطل أبطل هو من اتهامه لنا بخلق فتن بين المغرب و موريتانيا مدعيا أن اعتمادنا أسس النسب و الروابط الثقافية و التاريخية في خطابنا نوع من الإستغلال السلبي العاطفي .
من الساذج أن نشرح ما لا يحتاج الشرح ، لمن هو ملم بتفاصيل جل قضايا العالم ، لكن لا بأس و قد دعت الضرورة أن نكرر بأن الشعب الصحراوي صاحب قضية مصيرية ، له فيها حلائب ملتهبة ؛ سياسية و إعلامية و ثقافية،،،سلاحه الوحيد فيها الحقيقة و الشرعية الدولية القانونية .
لم نقارع أي كان أحرى الموريتانيين بسبب علاقاتهم بالمغرب ، و من المهم التذكير بأنه بالجزائر التي تعتبر حليف البوليساريو الأول توجد السفارة المغربية على بعد. أمتار من سفارة الجمهورية العربية الصحراوية ، و ليس بين البلدين نظام تأشيرة .
لم نطلب ود أي كان مقابل خصامه المغرب ، لكن الدفاع عن عدالة قضيتنا يوجب ذكر محتل أراضينا و مشرد شعبنا .و تصدينا للمغالطات حول قضيتنا في مقالات بعض الكتاب ، أو فحوى برنامج تلفزيوني لا يعتبر خطأ بل واجب ، للتوضيح لا لطلب الإصطفاف .
لم أندم أندم أني من الصحراويين الذين رفعوا لواء الأخوة الموريتانية الصحراوية ، شعاري فيها التسامح و الصفح اللذين لا خيار غيرهما أمام أبناء الرحم الواحد ، لم يلهني الشرق و لا الغرب عن عمقي البيظاني ، و لن أشك في هوية البيظان التي بدأ بعضهم يسفهها ملبسا مصطلح البيظان برقع العنصرية .
إلا موريتانيا ، سأخرج دونها أظافري وأكشر فيها عن أنيابي ، فكما لا يمكنني التخلي عن والديّ و أولادي مهما حدث لا يمكنني أبدا ترك موريتانيا مهما طالني من تجريح و اتهام ، هي مني بمنزلة عائلتي .
النانة لبـات الرشيد