مصلحة التنظيم .. الكفة الراجحة !! / محمد ولد معزو
الشــروق / في كل مرة يفاجئنا أنصار التنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين في موريتانيا بسلوك غريب يعبر عن حالة فطرية من التقديس الأعمى لكل قول أو فعل ختم بخاتم التنظيم حتى ولو تعارض مع المصالح العليا للوطن والقيم المثلى .!
ما ضر هؤلاء وهم المدافعون عن الأقصى المقدس – وفق زعمهم – لو اعترفوا لرئيس الجمهورية بأهمية قراره القاضي بطرد سفير الكيان الصهيوني الذي كان مطلبا لكل الأحرار والمدافعين عن القدس والأراضي العربية المحتلة، خصوصا وأنهم استغلوا هذه القضية بالذات أكثر من غيرها، وكسبوا بها عواطف الجماهير في أكثر من مناسبة يلقون فيها الكلمات والأحذية والحقائب في دار الشباب القديمة والجديدة، حتى لا يكون هنالك تناقض يشكك في جدية دفاعهم المزعوم عن القضية الفلسطينية ..
لكن الظاهر هو أن المصلحة في هذه الحالة قد اجتمعت مع مصلحة أخرى – أكبر – تخص الخصم السياسي وسمعة الوطن فألغيتا معا وفضل عدم العدل في القول .
إنها الازدواجية في الأقوال والأفعال وحتى في التطبيع عندما نجدهم يمجدون تطبيع تركيا مع الكيان الصهيوني ويصنعون منه فتحا عظيما وهو في تقدير أغلب المراقبين عبارة عن آمال إخوانية ذهبت مع دماء الأتراك في قاع المحيط مقابل 21 مليون دولار لذوي القتلى من الأتراك، وفي المقابل مكاسب اقتصادية وأمنية هائلة يجنيها العدو الإسرائيلي ولغزة الحصار المطبق والإرهاب .
لنلقي نظرة على سلوك آخر غريب لا يعبر هذه المرة عن الحنان والعطف تجاه مصالح التنظيم بقدر ما يعبر عن علاقة تصل حد الكره والعداء للوطن !!
كيف لا ونحن على أعتاب تنظيم قمة لا أحد يشكك في أنها إنجاز ومكسب كبير للدبلوماسية الوطنية ويعتبر نجاحها نجاحا للموريتانيين جميعا كما تبدو الحاجة ماسة إلى تكثيف الجهود من أجل تقديم صورة حسنة عن البلاد تاريخا وحاضرا، نجد من بين أنصار التنظيم من يدعون إلى إفشالها عبر دعوات لتكثيف المظاهرات وبث الفوضى وإزعاج الضيوف الذين تربطهم علاقة سيئة بالتنظيم مثل وفد مصر برئاسة عبد الفتاح السيسي، وعبر دعوات كذلك توجهها جمعيات خيرية تابعة للتنظيم لشخصيات أجنبية مثل طارق رمضان حفيد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين من أمه ونجل سكرتيره سعيد رمضان؛ للقيام ببعض النشاطات كإلقاء محاضرات حول مواضيع معينة وتوزيع بعض الملابس على سكان حي لمغيطي، خطوات الظاهر أنهم يسعون من خلالها إلى البرهنة على أن خصمهم السياسي غير مؤهل لإدارة البلاد لكن الهدف الكامن وراء ذلك ما كان ليخفى على متتبع وهو الثأر لرفقائهم الذين قضوا في رابعة والنهضة، وإعلان ولائهم التام لهذه الجماعة عبر أي فرصة تتاح أمامهم، ملقين بذلك مصلحة الوطن عرض الحائط بتقديمه للعالم كبلد فاشل وغير منظم ولا يصلح للاستثمار ولا للاستمرار .
يأتي هذا في وقت يبارك فيه هؤلاء ما حصل في موقعة حائط أهل الشيخاني – رغم خطورته – وذلك حينما عبث بعض المخربين بالأمن واعتدوا على الشرطة الوطنية وعلى ممتلكات المواطنين، واصفين ذلك بالعمل النضالي الشريف .!
الذي أريد أن أخلص إليه هو أنه بصرف النظر عن هوة الخلاف بيننا في التوجه والطرح هناك وطن واحد يجمعنا ،ومن الجرم أن ننازع هذا الوطن مصلحة تخصه لمصلحة وهمية تخصنا، فالوطن لنا ومصالحه مصالحنا، وفي مثال القمة العربية المرتقبة لن يقال قمة نظام محمد بن عبد العزيز بل سيقال قمة انواكشوط بعد أيام من الآن وبعد سنة ومائة سنة .