هل تجر حرب “إكواس” على النيجر.. مالي وبوركينافاسو ؟
الشروق نت / حتى وإن حاولت دول “إكواس” تغليف تدخلها العسكري ضد المجلس العسكري في النيجر بأنه مجرد “عملية جراحية” تهدف إلى إنقاذ الجندي “بازوم” وإعادته إلى الحكم، غير أن تهديد دولتي مالي وبوركينافاسو بالاصطفاف إلى جانب النيجر في هذه المعركة من شأنه أن يفتح ساحة الحرب في منطقة الساحل برمتها.
موازاة مع إعلان قيادة أركان جيوش مجموعة دول غرب إفريقيا أنها حددت موعد تدخلها العسكري في النيجر، قامت دولتا النيجر وبوركينافاسو بحشد عتادهما العسكري تضامنا ومساندة للمجلس العسكري في النيجر، في سياق تحالف ثلاثي اعتبر أن “الاعتداء على النيجر يعتبر اعتداء عليهما”.
فهل أخذت مجموعة “إكواس” هذا المستجد في المنطقة بعين الاعتبار؟
أم أن حساباتها وضعت لمواجهة دولة النيجر وحدها؟
إن تصور بعض دول مجموعة “إكواس” أن مخططها للتدخل العسكري سيكون مجرد “عملية جراحية” حتى يسهل عليها تسويقه محليا وخارجيا يفقد كل معناه بعد دخول مالي وبوركينافاسو كلاعب إلى قاعة العمليات، ما يوسع من نطاق الحرب الجغرافي ومن الحشد العسكري ومن صعوبة تحمل أعبائها المالية والبشرية، وبالتالي فإذا كانت دول “إكواس” تعرف تاريخ بدايتها فإن لا أحد بمقدوره توقع كيفية نهايتها.
وهذا يعني أن منطقة الساحل على موعد مع حرب قادمة إليها وليس “عملية جراحية” كما يراد إيهام الرأي العام المحلي في إفريقيا لتحييد المعارضين لهذا التوجه، لأن عدد المشاركين فيها سيكون مجموعة “إكواس” من جهة، رغم رفض دولتي الرأس الأخضر وتوغو لهذا الخيار العسكري، في مواجهة مالي، بوركينافاسو والنيجر، وستكون هناك أيضا أطراف أخرى مدعمة لوجيستيكيا لهذه الحرب أو مستفيدة منها، على غرار التنظيمات الإرهابية النشطة في الساحل، التي ستغتنم الفوضى الناجمة عنها والسلاح المنتشر فيها لإعادة انتشارها وتعزيز نفوذها في المنطقة.
الدول التي أعلنت رفضها التدخل العسكري وحذرت من عواقبه الوخيمة، على غرار الجزائر، تملك من المعطيات ما يجعلها تقف ضد هذا التوجه “الانتحاري” لدى مجموعة “إكواس” التي تريد معالجة خطأ دستوري بخطأ آخر عسكري أكثر خطورة ليس على النيجر فحسب بل على كل دول القارة، وهو ما يعيد سيناريو تداعيات الحرب الغربية على ليبيا إلى الواجهة، حيث كان التدخل العسكري الفرنسي والغربي بها سببا مباشرا في الوضع المتأزم في منطقة الساحل.
فإذا كانت شظايا حرب ليبيا أحدثت كل هذا الخراب في منطقة الساحل والصحراء، فكيف سيكون الأمر لو أشعلت “إكواس” حربا جديدة في النيجر، مالي وبوركينافاسو، يصفها المراقبون بأنها ستكون طويلة المدى ومرشحة لتلهب نيرانها شرق إفريقيا وغربها، انطلاقا من السودان، مرورا بالتشاد ووصولا إلى غينيا وكوت ديفوار.
وعندما تلتقي دول كبيرة تعارض العمل العسكري، منها روسيا وأمريكا التي تميل إلى الحل الدبلوماسي بدلا من التصعيد، ففي ذلك أكثر من مؤشر على أن الحل ليس كما تتصوره “إكواس”، لأنه سيضع المنطقة بمعية التوازنات الإقليمية والدولية على أعصاب مشتعلة، الخاسر فيها أمن واستقرار إفريقيا.