أخبار وتقاريرمميز
انتخابات 13 مايو.. أحلام النخبة وخيارات الرئيس / سيد أحمد ولد باب
تعيش الساحة السياسية المحلية على وقع جدل متصاعد، وحرب كلامية بين المعارضة والأغلبية من جهة، وبين أطراف الأغلبية الداعمة لرئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى من جهة أخرى، وسط ترقب لما ستؤول إليه الأمور بعد السابع والعشرين من مايو 2023، (آخر موعد لظهور النتائج النهائية للإستحقاقات الحالية).
وقد زاد من أوار الحرب الدائرة بين النخبة السياسية انخراط الأطراف الممسكة بالقرار داخل حزب الإنصاف الحاكم فى حرب كلامية مفتوحة ضد شركاء الأمس، منتقلين من مربع قيادة الأغلبية، وزعامة ائتلاف أحزاب الأغلبية، وأبوة منسقية الأحزاب الداعمة لرئيس الجمهورية، إلى صراع عنوانه التشكيك فى الولاء للرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى، واتهام البعض بالمغالطة وتزوير الولاء وتفنيد ما يدعيه الشركاء من علامات القرب من رئيس الجمهورية، والتخويف من مآلات الننائج المترتبة على المواقف الحالية لدى البعض، وتوجيه الشتائم عبر وسائل الإعلام والندوات الحوارية بكل صراحة ووضوح، فى مشهد لم يتوقعه أسوء المتشائمين داخل معسكر السلطة، قبل فاتح ابريل 2023، والذى شكل لحظة تحول فى تاريخ حزب أجهزت عليه لجنة التسيير المكلفة بالمسار الإنتخابى، وتغولت عليه السلطة التنفيذية، وغيبت لجانه المركزية عن صناعة القرارات المتعلقة بالإنتخابات التشريعية، وأقصى مجمل قادته من خوض استحقاقات يونيو 2023، بعدما أكتفى رئيسه ماء العينين ولد أييه بقراءة لائحة الترشيحات على أعضاء المكتب التنفيذى الثانية فجرا، بعد دعوة وجهت على عجل عبر الهاتف للموجود منهم فى العاصمة نواكشوط قبل يومين فقط من بداية الآجال القانونية المقررة لطرح اللوائح الإنتخابية على عموم التراب الوطنى.
وفى مواجهة طوفان التشكيك الصادر من حزب الإنصاف يحاول معسكر أحزاب الأغلبية التمسك بالرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني كواجهة للحراك الذى يتزعمونه، وإعلان المواقف غير المطلوبة فى مستهل المهرجانات الإنتخابية، بل إن البعض دفعه الحماس أو القلق إلى طرح المتجاوز من القول، والمعلوم من السياسية، والمحسوم من آليات تدبير السلطة، وهو الإعلان عن ترشيح رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى لمأمورية ثانية، وكأن فى الإعلان جديد يطرح فى الساحة، أو خيار آخر محتمل، فى ظل شروط قانونية تسمح للرجل بخلافة نفسه بنفسه (السن القانونية، والمأموريات الدستورية) ، وظروف سياسية مواتية تجعل منه المرشح الوحيد المحتمل داخل الأغلبية الرئاسية، بل وللعديد من الأطراف السياسية المعارضة فى الوقت الراهن، بحكم الأجواء الإيجابية داخل الساحة السياسية بالبلد منذ توليه مقاليد السلطة، والحصيلة الإيجابية لمجمل مشاريع التنمية فى عهده (المياه/ الصحة/ التعليم/ الإسكان/ الزراعة) ، والمشاريع ذات الصبغة الإجتماعية التى تميزت بها صدارة المأمورية الأولى ؛ كالتأمين الصحى و المساعدات الإنسانية، والبرامج الموجهة لمكافحة الفقر، والقروض الميسرة للمزارعين والمنمنين وتطوير الصناعة التقليدية، وترقية نفاذ الفقراء إلى الخدمات العمومية.
إن الزج برئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزوانى فى السجال الحاصل من قبل قادة حزب الإنصاف، هو تعبير مكشوف عن ضعف فى المنظومة الحاكمة للحزب، وإفلاس فى الخطاب السياسي، ومحاولة يائسة من البعض لجر الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى لمربع الصراع القائم، وكأن البعض داخل الحزب لايكيفه إجهاز الرئيس بأخلاقه وإنجازاته وإنفتاحه على الطيف المعارض، بل لابد من الاستعانة به أيضا فى معركة الإجهاز على الأغلبية ليكون بمقدور بعض معاونيه العيش داخل الساحة السياسية دون منازع، أوالظهور بمظهر المقنع للرأي العام ، أو الشرط اللازم لتحقيق نتائج مقبولة، بعدما قادوا الحزب والحكومة إلى ورطة غير مسبوقة، بفعل الخيارات الخاطئة فى مجملها، والترشيحات العابرة لكل المعايير المتعارف عليها.
لقد بلغ التخبط أوجه فى صناعة الموقف وإعداد اللوائح، وكانت اللوائح الوطنية جد كاشفة لما آلت إليه الأمور، بعدما أقصيت ثلاثة جهات وازنة من حيث التصويت والتمويل من المناصب، فالثلاثة الأوائل من كل لائحة لا يوجد من بينهم أي سونونكي أو ولفي ولا أي منحدر من ولايات الشمال – الترارزة- الحوض الغربي – گيدي ماقا، ، بينما مثلت احدى القرى الهادئة فى الداخل بثلاث عمد، ونائبين فى الجمعية الوطنية، ومنحت قيادة اللوائح الثلاثة لولاية لبراكنه فى تصرف لم يتوقع أي مراهق فى عالم السياسية.
لم يقبل الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى – وهو غير مسبوق فى ذلك- أن يترك الأمور للصدفة والتخمين، بل سطر رسالة راقية من حيث الأسلوب، والمضمون إلى كل التشكيلات السياسية بالبلد، مؤكدا وقوفه على مسافة واحدة من كل الأطراف، وقناعته الراسخة بأهمية بناء المؤسسات الديمقراطية، ورغبته الصادقة فى بسط قيم العدل والنزاهة والتعامل بأخلاق رافية مع مجمل القضايا الخلافية، لكن ضجيج بعض الموالين له فى الحكومة ولجان الحملة، أفرغ الرسالة الرئاسية من رمزيتها السياسية ، وخالف مضمونها بلغته التصعيدية، ولم تجد الرسالة حظها من التداول فى الإعلام العمومي خلال انطلاقة الحملة ، أما الإعلام الخصوصي فعلاقة السلطة التنفيذية به جد ضعيفة، إن لم نقل فى أسوء أيامها، بحكم العقلية التى تدار بها الوزارة الأولى منذ فترة، وانشغال القائمين على بعض القطاعات المعنية بالإعلام بالخلافات الداخلية عن التعاطى مع صناع الرأي، وأصحاب التأثير، واستغلال المتاح من الوسائط للتمكين لمشروع رئيس الجمهورية.