الوزير الأول يستعرض برنامج الحكومة أمام البرلمان (نص الخطاب)
الشروق / قدم الوزير الأول محمد ولد بلال، صباح اليوم الخميس، حصيلة عمل حكومته خلال العام 2021 المنصرم، وبرنامج عملها خلال العام الجاري.
وفيما يلي نص البرنامج الذي أعلنه الوزير الأول، خلال جلسة علنية للجمعية الوطنية.
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم
السيد رئيس الجمعية الوطنية
السادة والسيدات النواب
يشرفني، عملا بمقتضيات المادة 73 من الدستور، أن أخاطب اليوم جمعيتكم الموقرة لأعرض حصيلة عمل الحكومة لسنة 2021 والخطوط العريضة لبرنامجها لسنة 2022.
وأغتنم الفرصة لأعرب لكم عن صادق التهانئ بمناسبة العام الجديد، ولأبارك لكم مقرَّ جمعيتكم الجديد، راجيا أن يساهم بِسِعَتِه الأكبرْ وتجهيزاته الأفضلْ في تخفيف أعباء العمل المُضْنِي الذي تقومون به دون كَلَلٍ في خدمة الدولة والأمة.
كما أحرص على أن أجدد لكم جزيل الشكر على الدعم الثمين الذي تفضلتم بمواصلته للإجراءات المتخذة من طرف الحكومة، تطبيقا لتوجيهات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، لمواجهة استمرار جائحة كورونا التي ما زالت تضرب العالم للسنة الثانية على التوالي.
وفي هذا المَقام أسأل المولى جلَّت قدرتُه الرحمةَ والغفران لأحِبَّتِنا الذين فقدناهم والشفاءَ العاجل لمرضانا المصابين بهذا الفيروس البغيض.
ولقد واصلت الحكومة العمل بدَأَبٍ من أجل التخفيف من آثار هذه الجائحة السلبية على المواطنين وخاصة أشدِّهم ضعفا، من جهة، كما عَمِلتْ، من جهة أخرى، على دفع الاقتصاد بغية إحداث نمو شامل، قادر على خلق فرص عمل وفِيرةٍ وعلى الحد من مختلف أشكال الغبن.
وكما كان الحال سنة 2020، فقد ظلت الحكومة يقِظَةً على عدة جبهات، خلال السنة الماضية.
حيث واصلنا، على أحسن وجهٍ مُتَاح، تدبيرَ إشكالية ارتفاع أسعار المواد الأساسية، وتأمين اللقاحات للمواطنين، ومعالجة المشكلات الأمنية في مُدنننا، وكلُّ ذلك دون مَسَاسٍ بالجهود المبذولة من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية، ومكافحة الفقر والهشاشة والظلم والإقصاء، فضلا عن مواصلة تعزيز الاقتصاد الوطني لجعله أكثرَ صلابةً وقدرةً على الصمود.
وبطبيعة الحال، وعلى الرغم من الوضعية الدولية الصعبة، فقد عَكَفَت الحكومة على العمل بعزيمة من أجل تنفيذ البرنامج السياسي الذي انتَخَب الشعب على أساسه رئيس الجمهورية.
وعلى سبيل التذكير، فإن هذا البرنامج يرتكز على رؤية اقتصادية، اجتماعية ومجتمعية طموحة تقوم على المحاور الرئيسة التالية:
– دولة قوية وعصرية، في خدمة المواطن؛
– اقتصاد مَرِن، صامد وصاعد؛
– تثمين رأس المال البشري لتحقيق التنمية؛
– مجتمع معتز بتنوعه ومتصالح مع ذاته.
ويستعرض التقرير الحالي حصيلةً لأهم النشاطات المُقام بها في كل محور من هذه المحاور سنة 2021 والخطوط العريضة للورشات التي ستنطلق، أو تُتابع أو تُستكْمَل خلال سنة 2022.
السيد الرئيس، السادة والسيدات النواب
إن بناء دولة قويةٍ تضمن حوزةَ البلاد وتَصُون استقلالها، عصريةٍ تنْهَضُ بتنميتها الاقتصادية والاجتماعية المتوازنة، وقريبةٍ من المواطن، تخْدُمه وتضمن له التمتع بحقوقه، كل ذلك يشكل أساسَ مشروع المجتمع الذي حدَّدَه رئيس الجمهورية.
ومن أجل تجسيد هذا المشروع تم إيلاء الأولوية لإرساء مؤسسات قوية، واعتماد حكامة قائمة على استمرارية العمل العمومي والبناء على التجارب والمكاسب الإيجابية التي تحققت على أيدي الأجيال المتلاحقة.
وفي هذا المعنى، عبر فخامة رئيس الجمهورية عن هذه القناعة حيث قال: “إن تطور المجتمعات يعتمد على المكانة والدور الذي تَضْطَلِع به المؤسسات ذاتُ الجودة، باعتبارها الضامنةَ الأولى لسيادة الاستقرار ونشرِ العدل”، مُرْدِفا: سأوجه “مزيدا من الجهد صوْبَ تعزيز المؤسسات، وإرساءِ آليات للتعاون والتآزر في ما بينها لضمان سير عملها بسلاسة وانسجام، لصالح مواطنينا ومجموعتنا الوطنية.”
كما عبر فخامته عن إيمانه بقوة القانون وأهمية احترامه، بقوله في وادان: ” وأود بالمناسبة تشديدَ التأكيد على أن الدولة ستظل حاميةً للوحدة الوطنية والكرامة وحرية ومساواة جميع المواطنين بقوة القانون وأًّيا تَكُن التكلفة، كما أنها لن تُرتِّب حقا أو واجبا على أيِّ انتماء إلا الانتماء الوطني.”
وقد عكس العمل الحكومي في مجال العدالة هذه الرؤية التي يعبر عنها التِزام رئيس الجمهورية المتعلق ” بإعداد الشروط الضرورية لتمكين السلطة القضائية من الاضْطِلاع الكامل بدورها في إطار دولة القانون” وبشكل أكثر تحديدا، وفي إطار تعزيز استقلالية القضاء، تم تحديث التشريعات الموضوعية والإجرائية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان ومحاربة الجريمة، وإدخال التقنيات الحديثة في الإدارة القضائية، إضافة إلى تفعيل التفتيش القضائي.
ومن أجل تحسين تسيير نفاذ الفئات الضعيفة إلى العدالة، تم تفعيل مكاتب المساعدة القضائية على مستوى عواصم الولايات، إضافةً إلى تقديم المساعدة القانونية للأطفال المتنازعين مع القانون، وكذا مراجعة النظام القانوني والمؤسسي للمُصْلِحين ورصْد الموارد المالية لتحسين ظروفهم.
كما تمت مراجعةُ النصوص لمعالجة الاختلالات المتعلقة بالمسار المهني للقضاة ونظام ترقيتهم وتحقيق مطالبهم المتعلقة بسن التقاعد وتحسين ظروفهم المادية.
وفي الوقت نفسه، تم تعزيز الطواقم البشرية للمُرفق العدْلي عبر اكتتاب القضاة وموظَّفِي كتابات الضبط وانتقاء مساعدي المُحَلَّفين بمكاتب التوثيق.
وفي إطار إصلاح نظام السجون تم استكمال خطةِ عملٍ تتضمن إعداد مشروع قانون إطاري ينظم هذه المؤسسات، ويشجع على إعادة إدماج نُزلائها في المجتمع.
كما عملت الحكومة على تحسين ظروف الاعتقال، عبر رفع المستوى المعيشي والصحي للسجناء، وحمايةِ حقوقهم الأساسية، واتخاذ التدابير العملية للحدِّ من ظاهرة الاكتظاظ التي تعاني منها العديد من مراكز الاعتقال.
وستواصل الحكومة جهودها في سنة 2022 من أجل توطيد استقلال القضاء، وذلك بالرفع من كفاءات القضاة وتخصصهم القانوني، وتعزيز المساعدة القضائية وإعادة النظر في التوزيع الجغرافي للمحاكم، ومراجعة الخريطة القضائية، بما يُخفف الأعباءَ على المحاكم ويُيَسِّر الولوجَ إلى العدالة.
وستواصل الحكومة تشجيع استخدام الوسائل البديلة لحل النزاعات، وتطوير نظام إدارة الدَّعْوَى المدنية، كما ستعكف على تطوير السياسة الجنائية وتحديثها بما يضمن مكافحة الجريمة بمختلف أنواعها وأساليبها.
وفي الوقت نفسه، سيتواصل تنفيذ برنامج تشييد مباني المحاكم وقصور العدالة وتجهيزها، وفي هذا الإطار، سيتم بناء مقرَّاتِ أكثر من عشرين محكمةِ مقاطعة، وقصريْ عدل في نواكشوط.
وفي مجال حماية وترقية حقوق الإنسان، أطلقت الحكومة مسارا لإعداد استراتيجية وطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان يُراد لها أن تكون المرجعَ الرئيسي للسياسة العامة للحكومة في مجال تنفيذ الحقوق المدنية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية.
وبخصوص محاربة الاتِّجَار بالبشر، واصلت الحكومة العمل على تنفيذ خطة العمل الوطنية ذات الصلة، وذلك من خلال تنظيم 19 ورشة تكوينية وتمويل ستِّ حملات تحسيسية حول القوانين المجرمة للعبودية والاتجار بالأشخاص لصالح وكلاء الدولة المعنيين وفاعلي المجتمع المدني على المستوى الوطني.
أما في مجال محاربة الأشكال المعاصرة للاسترقاق، فقد تم تنظيم طاولة مستديرة مع الشركاء والفاعلين المعنيين حول تطبيق القانون المتضمن تجريم العبودية ومعاقبة الممارسات الاستعبادية.
وأسفرت هذه الطاولة المستديرة عن توصيات مهمة بدأ تنفيذُها بإصدار تعميم يَحُث أعوان القضاء ووكلاءَ إنفاذِ القانون على التطبيق الصارم له.
وستتم متابعة تنفيذ هذه التوصيات بصورة جدية.
السيد الرئيس، السادة والسيدات النواب؛
يَحْظَى تعزيزُ اللُّحمة الاجتماعية بِضَافِي اهتمام الحكومة.
ولذلك، تم إنشاء جائزة حقوق الإنسان واللُّحمة الاجتماعية، وهي الجائزة التي تشكل تعبيرا عن تقدير السلطات العليا في البلاد لجهود المدافعين عن حقوق الإنسان والمساهمين في توطيد الوحدة الوطنية.
وقد أسفر مرور بلادنا الناجح أمام مجلس حقوق الإنسان السنة الماضية عن قبول 76% من التزاماتنا الدولية في هذا المجال.
وفي 2022، سيتم إنشاء هيئة وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين غير الشرعيين، كما سيتم إطلاق برنامج “تعايش” من خلال مشاريع تستهدف الشباب والمرأة وذلك بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني.
وفي المجال الدبلوماسي، عكفت الحكومة على تجسيد التزام فخامة رئيس الجمهورية المتعلق ” بتطوير دبلوماسيةٍ ديناميكيةٍ وفاعلة، تسْعى دوما إلى تحقيق التوافق والعملِ من أجل الحفاظ على السلم والأمن، علما بأن انتماءنا في آن واحد للمغرب العربي ولإفريقيا بصورة أعم يُمْلي علينا التضامن مع المنظومة العربية الإفريقية”.
وفي هذا السياق، تم التركيز على تنشيط التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف ودفع التشاور على أعلى مستوى مع البلدان الشقيقة والصديقة، مع إعطاء الأولوية لمحيطنا الساحلي الصحراوي حيثُ جعلنا من مجموعة دول الساحل الخمس ركيزةً أساسية للتعاون شبه الإقليمي من شأنها ترقيةُ السلام والاستقرار في المنطقة.
وبخصوص الموريتانيين في الخارج، تم بذل جهودٍ هامة عبر تذليل العقبات التي كانت تَحُول دون ازدواج الجنسية، الأمر الذي أنهى الوضعية التي طالما عانى منها أبناءُ جالياتنا وعقَّدت ظروف حياتهم في الخارج.
وسيتم تدعيمُ جميع هذه الإنجازات ومواصلتُها خلال سنة 2022 وذلك ضمن ديناميكية استباقية يُراد لها أن تُعزز التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف، مع التركيز على قنوات التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي، وعلى تثمين رؤيتنا ومساهمتنا في ميدان الديمقراطية والتنمية والثقافة والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان.
وفي ما يخص الدفاعَ والأمن، تركزت الجهود في السنة المنصرمة على تفعيل عمل جميع هياكل القطاع، ومكَّن ذلك من تحسين ظروف الحياة بالنسبة للأفراد على مستوى السكن والمعيشة والأجور، والرفع من مستوى التعليم في مؤسسات التكوين، والرفع من مستوى التدريب العملياتي للوحدات وزيادة وتيرتِه، وتعزيز وتطوير البنية التحتية العسكرية.
وبصورة أخص، عَزَّزت قواتنا المسلحة وقواتُ أمننا مِن الشبكة الأمنية والرقابة على كامل التراب الوطني، وطورت قُدُراتِها الذاتية مع تنويع التعاون المشترك على المستوى الإقليمي والدولي.
أضف إلى ذلك المشاركة في عملية التنمية الوطنية عن طريق الوحدات العسكرية والعناصر العاملة سواء في مجال الإنتاج الزراعي أو في تشييد البنى التحتية أوفي المستشفيات.
وبالنسبة للسنة الجارية، سيتواصل العمل على تعزيز المكاسب والرفع من القدرة العملياتية للوحدات، وعصرنة القوات وتمهينها وتعزيز الشبكة الأمنية وتطوير البنى التحتية الخدمية واللوجستية.
ولهذا الغرض، سيتم تزويد مختلف أفْرُع القوات المسلحة بمُعدات وأجهزة متطورة وعَتَادٍ يتلاءم مع مختلف المهام المنوطة بها، وستستفيد من مناوراتٍ وتمارينَ دورية ودورات تكوينية للحفاظ على أعلى مستويات الجاهزية.
السيد الرئيس، السادة والسيدات النواب؛
لقد أكد فخامة رئيس الجمهورية أن “سلامة حوزتنا الترابية وطمأنينة مواطنينا وأمْنَهم ستظل في صدارة أولوياتنا، ولا مجال لأي تساهل في هذا الشأن “.
ولهذا الغرض، أنجزت الحكومة جملة من الإصلاحات طالت جميع الأسلاك الأمنية واستهدفت توضيحَ مهامها وتعزيز قدراتها العَمَلِياتية والتدخلية وتكييفَها مع الرِّهانات والمتطلبات الجديدة الناشئة عن تطور المجتمع وعن موقع بلادنا الجيوسياسي.
وفي هذا الإطار، تم تزويد الشرطة الوطنية على مستوى العاصمة بمنظومة للمراقبة عن بعد بواسطة كاميرات ذكية؛ ويجري الإعداد لتزويدها بمختبر متعددِ الوظائف للتحاليل بما فيها التحاليل الجينية والتحاليل الخاصة بكشف المواد الممنوعة والخطيرة.
كما استفاد التجمع العام لأمن الطرق من وسائلَ حديثة للمراقبة، وخاصة الرادارات المتنقلة، وساعدت الأرقام المجانية التي تم وضعها تحت تصرف الجمهور في تحسين قدرات الاِسْتباق والاستجابة لدى هذا السلك في ما يتعلق بحوادث الطرق وغيرِها من التدخلات المستعجلة.
وفي نفس السياق، تم ترفيعُ مديرية الحماية المدنية السابقة إلى مندوبية عامة للأمن العمومي وتسييرِ الأزمات واعْتُمِدَت خِطةُ عملٍ رباعية بدأ تنفيذها بغية تعزيز هذا الجهاز وعصرنته حتى يصبح سِلكا فعَّالا للأمن العمومي وتسيير الكوارث والأزمات المعقدة.
وهكذا، تَسَنَّى تحسينُ مستوى التغطية الترابية للمصالح الأمنية بفضل بناء وترميم 18 مقرِّ مفوضية شرطة ومقرَّيْ الإدارتين الجهويتين للتجمع العام لأمن الطرق في نواكشوط، إضافة إلى افتتاح أربع مندوبيات جديدة لنفس السلك الأمني داخل البلاد وهي مندوبيات روصو- كيهيدي- ألاك- وكيفه. ومواكبةً لتطور المجتمع وتحَضُّره وتقريبا للأمن من المواطن، تم ترسيمُ اللجان الأمنية لمختلف الدوائر الإدارية وإنشاءُ شرطة مقرَّبَة على مستوى العاصمة.
زِدْ على ذلك إنشاءَ وتفعيلَ تطبيقٍ معلوماتي يُمَكِّن مفوضياتِ الشرطة من التسيير المشترك والفوري للمعلومات والوقائع المدَوَّنة يوميا في سجلات المصالح الأمنية.
ومَكَّنت هذه الجهود من تراجع الجريمة الحضرية بنسبة تقدر بحوالي 50%.
كما مكنت عملياتُ الاكتتاب والتكوين المُتَتَابعة من تعزيز الموارد البشرية للمصالح الأمنية بشكل معتبر، حيث استوعبت هذه المصالح 2350 عنصرا جديدا بينهم 430 للدرك الوطني و 1500 لصالح الشرطة الوطنية و300 لصالح التجمع العام لأمن الطرق و120 لصالح المندوبية العامة للأمن العمومي وتسيير الأزمات.
وفي مجال مراقبة الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية، أعطَى تطبيق استراتيجية الحكومة نتائج مرضية تمثلت في ترحيل أكثر من 7000 أجنبي في وضعية غير قانونية وتفكيك 73 شبكة تهريب للمهاجرين.
وأكثرَ من ذلك، يُلاحظ للسنة الثالثة على التوالي انْحِسارٌ ملموسٌ لأعداد المهاجرين غير النظاميين عن طريق سواحلنا.
وفي مجال الحالة المدنية، انصبَّت جهود الحكومة على توطيد المنظومة المندمجة لتسيير السكان والوثائق المؤمنة وتحديد الصعوبات التي تحول دون حصول جميع الموريتانيين في الداخل والخارج على وثائق الحالة المدنية وتسريع وتيرة التقييد.
وبهذا الصدد، أسْفَرت المقاربة التشاركية التي تم انتهاجُها لحل الحالات الإشكالية المطروحة عن نتائج إيجابية. وهكذا، فمن أصل 6672 حالة مدروسة، استفاد 3754 من تحديدٍ نهائي للهوية والحصول على رقم تعريفٍ وطني.
وسيتواصل هذا الجهد مع اعتماد التسجيل الآلي من المصدر لوثائق الحالة المدنية وتحسين قدرات الإدارة المحلية في جمع البيانات الإدارية والقطاعية.
ومن أجل تقريب الإدارة الإقليمية من المواطنين وتكييف أجهزتها مع محيطها القانوني والمؤسسي والاجتماعي، أَنشَأت الحكومة ستَّ مقاطعات جديدة وأطلقت مسارَ مراجعةِ النصوص الأساسية في هذا المجال وخاصة الأمر القانوني المتعلق بتنظيم الإدارة الإقليمية. وفي مجال تعزيز البنى التحتية، تم بناء مكاتب ولايات الحوض الغربي وداخلة نواذيبو وإينشيري، واستُكمِلت أشغالُ بناء مقرَّي المجلسين الجهويين بنواذيبو وسيلبابي، ومكاتب وإقامات حكام مقاطعات العيون وتامشكط وكوبني وسيلبابي ومقامه وبوكي وبابابي وكيهيدي وامباني واكجوجت وواد الناقة وكنكوصه، إضافة إلى ترميم إقامات ومكاتب حكام دوائر الطينطان والطويل وعين فربه.
ووعيا من الحكومة بالتأخر الكبير في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للشريط الحدودي الممتد من كيديماغا إلى الحوض الشرقي، فقد ركزت خلال هذه السنة على وضع برنامج تنموي متعدد القطاعات ومندمج لصالح القرى الواقعة على هذا الشريط وذلك بهدف إدماجها وتأهيلها بصورة جيدة. ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بما يلي:
– إعادة التنظيم الإداري للمجال من خلال إنشاء مقاطعات جديدة؛
– تنفيذ مشاريع لفك العزلة وتقديم المساعدة والدعم للأسر الأشد عوزا؛
– إنجاز مشاريع صغيرة ونشاطات مدرة للدخل لصالح النساء والشباب؛
– التأهيل التدريجي والمتزامن للبنى التحتية لخدمات الصحة، والتعليم، والكهرباء، والمياه.
وتشكلُ تعبئةُ تمويل تنمية الحوض الشرقي خلال نوفمبر الماضي تجسيدا لهذا النموذج الذي سيتم تعميمه على الولايات الأخرى.
وستشهد سنة 2022 تنفيذَ الاستراتيجية الوطنية للأمن الحضري وتوسيعَ منظومة الإنذار والنداءات الاستعجالية على المستوى الترابي وتفعيلَ منظومة المراقبة عن بُعد للمحاور الرئيسة والمباني العمومية في العاصمة، وتعزيزَ قدرات مصالح شرطة الإنقاذ وفرق التدخل وقنوات جمع المعلومات؛ إضافة إلى تدعيم أنظمة الوقاية من الجرائم ورقابتها وردعِها وإنشاء مختبر حديث للشرطة العلمية.
كما ستشهد إعداد إطار جديد للامَرْكَزَة ومراجعة الأمر القانوني المتعلق بتنظيم الإدارة الإقليمية ونصوصِه التطبيقية، فضلا عن إعادة تنظيم هياكل الولاية وتفعيل المقاطعات المستحدثة.
وسيتم كذلك تعزيز التنسيق والمتابعة والتقييم على مستوى الإدارات الإقليمية، وذلك من خلال تطوير أدواتِ توجيهِ ورقابةِ وتقييمِ نشاطات السلطات الإدارية وتحديد الصلاحيات والمهام المُوكلة لمختلف الفئات المهنية للإدارة الإقليمية، وإطلاق عمليةٍ تستهدف حفظَ ورقمنة أرشيف الدوائر الإدارية.
السيد الرئيس، السادة والسيدات النواب
في مجال التنمية المحلية، أوْلت الحكومة أهميةً كبيرة لِلَامركزية القيادة والتوجيه ولتَخْويل المسؤولياتِ لمختلف مستويات التسيير، وذلك انطلاقا من حقيقة أن عدم ملاءمة نمط حكامة النظام يساهم بقوة في ضعف النتائج المُحْرَزَة.
وبالفعل، فقد تم تنفيذ النشاطات المدرجة في صدارة خارطة طريق الاستراتيجية الوطنية للامركزية والتنمية المحلية الممتدة حتى أفق 2030.
ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بإنشاء المجلس الأعلى للامركزية، وإعداد اتفاقياتِ تحويل الصلاحيات بين الدولة والمجالس الجهوية، وتعزيز قدرات البلديات والفاعلين في مجال اللامركزية.
كما أطلقت الحكومة برنامجي التنمية الاقتصادية المحلية والمبادرات البلدية لصالح الجهات والبلديات.
ويُمَوِّل هذان البرنامجان إنجازَ وتأهيل البنى التحتية البلدية الأساسية في مجالات التعليم والصحة والزراعة والبيئة، فضلا عن مشاريع التنمية الاقتصادية أو التسيير التشاوري للموارد الطبيعية.
وفي هذا الإطار، بلغت محفظة المشاريع المُنجَزَة أو التي هي قيد الإنجاز أو الإعداد 270 مشروعا لصالح البلديات لاسيما بلديات ولايات الحوضين وكيدي ماغا.
وفي سنة 2022، سيتم إجراء إصلاحات كبرى تتعلق على وجه الخصوص باعتماد مدوَّنة للجماعات الترابية والمصادقة على مخطط توجيهي لتحويل الصلاحيات للهياكل اللامُمَركَزة.
السيد الرئيس، السادة والسيدات النواب؛
كما قال رئيس الجمهورية، فإن “التحضير الجاري لإطلاق التشاور الوطني الجامع والذي لن يَسْتَثْنِيَ أحدا ولن يُحظَر فيه موضوع، يُنبِئُ عن مدى التجذر التدريجي بين ظُهْرانَيْنا لتقليد الانفتاح والتشاور المسؤول وكمقاربة أساسية لتسيير الشأن العام”.
وسيتم إجراء هذه المشاورات حتى تُؤْتِي أُكْلَها وبمشاركة الجميع.
وفي هذا السياق، عكفت الحكومة على تأطير الفضاء الجمعوي وتمْهِينه من خلال إصدار القانون الذي يكرس نظام التصريح بدلا من نظام الترخيص المسبق، والمصادقة على الاستراتيجية الوطنية لترقية المجتمع المدني، إضافة إلى إنشاء منصةٍ الكترونية لتسجيل ومتابعة منظمات المجتمع المدني، ثم إنشاء منصات جهوية لمنظمات المجتمع المدني في جميع الولايات.
وسَيَكْتَمِل هذا المسار خلال سنة 2022 بانتخاب هيئات المنصة الوطنية وتفعيلِها.
وسيتواصل تعزيز الإطار القانوني للحريات الجمعوية من خلال صياغة نمط جديد لانتخاب ممثلي الجمعيات والروابط ووضع آلية جديدة لاعتماد ومتابعة المنظمات غير الحكومية الدولية.
وفي مجال الحريات بصورة عامة، تكتسي حرية الصحافة أهمية أساسية في دولة القانون.
- ولذلك، فمن أجل توفير المعلومات الجيدة، وفي الوقت المناسب لجميع المواطنين، تم الشروع في تنفيذ توصيات اللجنة الخاصة بإصلاح المرفق العمومي للإعلام، بإنشاء ستة مكاتب جهوية لتلفزيون الموريتانية، وأربعة مكاتب جهوية للوكالة الموريتانية للأنباء وثلاث محطات إذاعية جديدة.
وفي إطار تعزيز التخصص، تم إطلاق إذاعة مدرسية في نواكشوط وإذاعة ثقافية. كما تم توسيع تغطية إذاعة موريتانيا على الموجة الترددية لتشمل مقاطعتي غابو وبنشاب والعديد من القرى في الحوضين، بينما يجري العمل على تعبئة تمويل لتشييد دار للصحافة.
وستشهد سنة 2022 إنشاء محطات إذاعية محلية جديدة في كل من بير ام اقرين وكوبني وولاتة وانبيكت لحواش وجكني وفم لقليته وكرمسين، كما ستشهد إنشاء ثلاث محطات مختصة بواقع محطة لشباب الساحل في نواكشوط، ومحطة للشباب الريفي في امبود، ومحطة للصحة والسكان في تنبدغة.
السيد الرئيس، السادة والسيدات النواب
لا شك أن الإسلام يمثل جوهر الهوية الوطنية الجامعة والمصدر الرئيس لإشعاع بلادنا ومناعةِ مجتمعنا، بما تُجسده تعاليمه من قيمِ العدل والإنصاف، والتضامن، والإخاء، والتسامح.
وفي هذا الإطار، قال رئيس الجمهورية ” إن الدفاع عن شريعتنا الغراء وقيمها السمحة الحقة التي يطبعها التسامح، سيبقى المبدأَ المحركَ الذي يوجه مجمل نشاطاتي.
ولن أقبل أي انتهاك لهذه القيم، كما سأرفض في الوقت ذاته أي توظيف منحرف لديننا الذي يشكل العُروة الوُثقى والضامنة لوحدتنا الوطنية “.
وانطلاقا من هذا المبدأ، أوْلت الحكومة عنايةً خاصة للعمل الإسلامي في مختلف أبعاده.
وهكذا، تواصل دعم العلماء والأئمة والطلاب، وتثمينُ جهودهم وتشجيعُ تألُّقِهم، ومكافأةُ تمَيُّزِهم في شتَّى الفنون والمعارف الشرعية واللغوية.
وتُوِّج هذا المجهود لصالح المحاظر والعلماء والطلاب والخريجين بجائزة رئيس الجمهورية لحفظ وفهم المتون المحظرية التي تم تنظيم نسختها الأولى في شهر دجنبر 2021.
ولمواجهة الخطاب المتطرف، تم إعداد أدوات عملٍ تَمثَّلت في دليل منهجي وقاموس عربي فرنسي بولاري للمصطلحات الخاصة بمحاربة الارهاب والتطرف.
كما تم إنشاء إحدى عشر كُرسيا علميا أكاديميا متخصصا في قناة المحظرة بغية نشر العلوم الشرعية الصحيحة، وبالتالي قطعِ الطريق أمام خطاب التطرف والغلو.
وحَظِيت المساجدُ بعناية خاصة اعتبارا لمكانتها ودورها المركزيين في ديننا الحنيف. وفي هذا الإطار، تم ترميم وتجهيز 36 مسجدا، ووُزِّعت مواد غذائية على 1000 مسجد، واستفاد 1200 إمام و400 مؤذن من رواتب شهرية ومن الضمان الصحي، في حين استفاد 3900 إمام من إعانات سنوية.
وسيتم خلال هذه السنة بناء 40 مسجدا في التجمعات والقرى بالولايات الداخلية، وتجهيز وصيانة 90 مسجدا قائما، والتكفل بمصاريف الماء والكهرباء لصالح 600 مسجد.
وفي الأشهر الأخيرة من السنة الماضية، تم إنشاء دار للمصحف الشريف وكُلِّفت لجنةٌ دائمة من المختصين بمراقبة طبعاته المستوردة، وإعداد ونشر طبعة موريتانية للمصحف الشريف.
وفي مجال الأوقاف، تم بناء وتشغيل 30 منشأة تجارية وخدمية، وهو ما ضمن للمؤسسة ريْعا ثابتا مكَّنها من زيادة تدخلها لصالح المساجد والمحتاجين.
وستشهد هذه السنة إعداد النصوص المتعلقة بإنشاء مؤسسة وطنية للزكاة ومعهدٍ لتكوين الأئمة والخطباء.
وفي إطار جهود محاربة الأمية، تم محو الأمية عن 3.500 دارسا، وسيتم فتح 160 فصلا دراسيا في السنة المقبلة لصالح 4.000 أمي ممن يبلغون سن 15 سنة فأكثر، وذلك في المناطق الأقل حُظوةً في مجال التعليم.
وستشهد مؤسسات التعليم العالي الإسلامي تحسنا في ظروف التكوين والبنى التحتية فضلا عن تنظيم مسابقة لاكتتاب 22 أستاذا لصالح المحظرة الشنقيطية الكبرى.
السيد الرئيس، السادة والسيدات النواب؛
في خطابه إلى الأمة بمناسبة الذكرى الحادية والستين لعيد الاستقلال الوطني، قال فخامة رئيس الجمهورية: ” كما سنواصل التركيز على إصلاح الإدارة، فلم يعد من المقبول إلا أن تكون إدارتنا أقربَ إلى المواطن وأكثرَ إصغاء له وأسرعَ في الرد عليه وحل مشاكله.
ويجب أن يكون المواطن قادرا على إجراء معاملاته الإدارية بسلاسة ويُسْر، والحصول على ما يحتاجه من إيضاحات، واستيفاء ما له من حقوق، بكرامة وسرعة، وبِحُكْمِ كونِه مواطنا لا غير”.
ويتنزل هذا التوجه في إطار الإرادة القوية لفخامة الرئيس لإقامة إدارة تكون بحق في خدمة المواطن؛ وهو ما تترجمه جهود الحكومة المتتالية منذ سنتين والمتمثلة في استحداث مكاتب “خدماتي” لتحسين وتيسير ولوج المواطن إلى الخدمات الإدارية.
ولا يمكن تجسيدُ رؤية رئيس الجمهورية هذه دون إدخال التقنيات الجديدة في التسيير اليومي للمرافق وتعزيز قدرات الموارد البشرية والهياكل المكلفة بالتفتيش والمتابعة وتقييم أداء الإدارات.
لذلك، ففي مجال الوظيفة العمومية، مكَّنت الإصلاحات المُقام بها من تفعيل الإطار القانوني لتسيير الموارد البشرية، ولاسيما من خلال إنشاء أسلاك جديدة خاصةٍ بموظفي الشرطة البيئية والشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي والتجارة والرقابة الاقتصادية.
كما تمت مراجعة النظم الأساسية لأسلاك التعليم العالي والبحث العلمي والصحة والتعليم الأساسي والثانوي، وكذلك نظام أجور موظفي الدولة ووكلائها العقدويين.
ومن أجل تنشيط الجهاز الإداري وتعزيز قدرات طواقمه، تم تنفيذ برنامج واسع النطاق لتعزيز قدرات الإدارة العمومية.
وفي هذا الإطار، استفاد 1895 موظفا ووكيلَ دولةٍ من تحسين خبرة في المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء في شكل 76 دورة تكوين مستمر في مجالات متنوعة شملت الاتصال والمساعدة الإدارية وتسيير الموارد البشرية والرقابة والتفتيش والتوثيق وتصنيف وحفظ الوثائق واللغات والتحرير الإداري والعلاقات العامة والتقنيات المكتبية.
وفي سنة 2022، وضمن جهود استكمال الإطار النظامي للوظيفة العمومية، سيتم إعداد مشاريع نُظُمٍ أساسية لتسيير عمال الجماعات الإقليمية والمؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.
وسيتم أيضا إعداد مشروع نظام أساسي لأعضاء أجهزة الرقابة بغية تمهين هذه المهنة.
وستواصل الحكومة كذلك عصرنة نظام الوظيفة العمومية الوطنية عن طريق مراجعة القانون المتضمن النظام الأساسي لموظفي الدولة ووكلائها العقدويين ونصوصه التطبيقية، وإنشاء نظام جديد للمعاش التقاعدي واستكمال نظام التعاقد في الوظيفة العمومية وتحيين واستكمال النظام المندمج لتسيير عمال الدولة وإعداد ميثاق للمرفق العمومي يضبط أخلاقيات الوكلاء العموميين.
وفي مجال العمل، تم تمديد الحدِّ الأدنى لسن التقاعد من 60 إلى 63 سنة، وإلغاء شرط بلوغ الأرملة 50 سنة للحصول على معاش الترَمُّل؛ وفضلا عن ذلك، فقد مكن رفع سقف الاشتراكات المستحقة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من زيادة معتبرة بلغت 60% لمعاشات الموظفين الخاضعين لنظام الضمان الاجتماعي.
ومن أجل ترقية تطبيق التشريعات الاجتماعية لصالح عمال المقاولات الخاضعة لمدونة الشغل والاتفاقية الجماعية، فقد كان من الضروري تعزيز أعداد العمال القائمين على ذلك.
وهكذا، أكْملت المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء تكوين 60 مفتشا ومراقبَ شُغل و57 إطارا لصالح الضمان الاجتماعي.
ومن جهة أخرى، فإن ربط مقر صندوق الضمان الاجتماعي بوكالاته الرئيسة وفتح عدة مصالح طبية معززة تابعة للمكتب الوطني لطب الشغل في كل من نواكشوط والزويرات ونواذيبو واكجوجت واقتناء مختبر للسموم، كل ذلك يدخل في إطار تقريب الخدمة من المؤمنين.
وفي نفس الإطار، تم استكمال إصلاح وضعية العمالة اليدوية في الموانئ عبر إيجاد حل نهائي لمشاكلهم بما يسمح لهم بالاستفادة من نظام التقاعد والضمان الصحي.
وستشهد سنة 2022 استكمال إصلاحات التشريعات الاجتماعية التي تم إطلاقها. ويتعلق الأمر بالإصلاحات التالية:
أ) المصادقة على مدونة جديدة للشغل وعلى اتفاقية عامة جديدة للشغل؛
ب) مراجعة واعتماد الإطار القانوني للضمان الاجتماعي لضمان استمراريته وتحسين خدماته لصالح المُؤَمَّنين؛
ج) إطلاق برنامج وطني جديد للعمل اللائق.
السيد الرئيس، السادة والسيدات النواب؛
من أجل وضع اقتصادنا على سكة النمو، انتهجت الحكومة منذ سنتين سياسة إصلاحات شجاعة تُذَلِّلُ العقبات التي تعرقل انبثاق اقتصاد مفتوح، متنوع وخلاق لفرص العمل وللقيمة المضافة.
وتعلق الأمر بوضع إطار جذاب للاستثمار الخاص الذي يمثل رافعة للنمو الاقتصادي وتحرير الطاقات وبتثمين المقدرات الاقتصادية الوطنية.
وعلى الرغم من السياق الخاص الذي طبعته الأزمة الصحية المستمرة والمؤثرة سلبا على الاقتصاد العالمي، فقد تم إنجاز العديد من النشاطات الهامة.
وبالفعل، فقد أدت الجائحة إلى ظهور أولويات جديدة فرضتها مكافحة الجائحة وتبعاتها، فقد تأثر بها الناتج الداخلي لبلادنا حيث تراجع من +5,9% سنة 2019 إلى -1,8% سنة 2020.
وبخصوص سنة 2021، وبناء على أن اقتصادنا قد انطلق من جديد على طريق النمو الإيجابي بسبب برنامج الإقلاع، فإنه من المتوقع أن تتجاوز نسبة نمو ناتجنا الداخلي الخام 3%،
وفي مجال التخطيط والسياسات الاقتصادية، واصلت الحكومة، بشكل مَرْضِي، تنفيذ برنامج الأولويات الموسع لرئيس الجمهورية، وأجرت تقييما شاملا لخطة العمل الأخيرة لاستراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك 2016-2020، وشرعت في إعداد استراتيجية وطنية لترقية الاقتصاد الاجتماعي التضامني.
وفي الوقت نفسه، تم تحيين برنامج الاستثمارات العمومية للفترة 2022-2024 وإعداد استراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك لولايتي تكانت والبراكنة.
وفي مجال التعاون وتعبئة الموارد، تم في سنة 2021 توقيع 21 اتفاقية تمويل بمبلغ إجمالي قدره 13 مليار أوقية، منها 84% في شكل هبات و16% في شكل قروض ميَسَّرة.
وفضلا عن ذلك، فقد تم إطلاق مسارِ تعبئة 317 مليون دولار لتمويل تزويد مدينة كيفه بمياه الشُّرب انطلاقا من النهر، وكذلك تعبئة 118 مليون دولارا لتمويل استراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك للحوض الشرقي، وهو المبلغ الذي تم التعهد به بمناسبة الطاولة المستديرة الملتئمة في مدينة النعمة بتاريخ 27 نوفمبر الماضي.
وفي سنة 2021، قامت الحكومة بِرَسْم مًدَونة الاستثمار بمواكبة 33 مشروعا خصوصيا بلغ إجمالي استثماراتها حوالي 13 مليار أوقية، مع الالتزام بخلق 3.000 فرصة عمل مباشرة و7.600 فرصة عمل غير مباشرة.
وستنعكس هذه المبادرات الخصوصية إيجابيا على عدة قطاعات من الاقتصاد الوطني وخاصة قطاعات الزراعة والتنمية الحيوانية والسياحة.
وتكميلا لدور الدولة، سيتم توظيف الشراكة مع القطاع الخاص في إطار مشاريعَ مشتركة مع القطاع العام، وذلك لسد العجز في مجال البنى التحتية؛ وهذا بعينه هو موضوع قانون الشراكات بين القطاعين العام والخاص الصادر في فبراير 2021.
وينتظر أن تشهد هذه السنة إطلاقُ مناقصاتِ تشييد القطاع الخاص لمباني إدارية ووسائلِ تخزين المحروقات السائلة والطريق السيار نواكشوط- واد الناقة- بوتلميت؛ وكذا استئنافُ مشروع السكر بفُمْ-لكليته.
وفضلا عن ذلك وفي الإطار نفسه، فإن العمل التمهيدي متقدمٌ جدا لإنجاز وحدة لمعالجة النفايات الصلبة لمدينة نواكشوط والاستثمار في شواطئنا وفي الصرف الصحي لمدينة نواكشوط.
وفي ذات الوقت، تم استكمال إصلاح منظومة إبرام الصفقات العمومية من أجل ترقية شفافية النفقات العمومية وزيادة فاعليتها؛
وستُكَثَّف خلال سنة 2022 العملياتُ التحضيرية لخامسِ تعدادٍ عام للسكان والمساكن المقرر إجراؤه سنة 2023.
ويُتوقع أن يستمر نمو الناتج الداخلي الخام في الارتفاع في سنة 2022 ليبلغ 5,6% جراء انتعاش الطلب العالمي، والاستثمارات الجاري تنفيذها في القطاعات الاستخراجية بالبلد، وإنجاز البنى التحتية العمومية وتنشيط القطاع الخاص.
أما في مجال محاربة الفساد، فقد أكد فخامة رئيس الجمهورية في خطابه بمناسبة 28 نوفمبر 2021 أننا ” لا نريد لمحاربة الفساد أن تكون مجرد شعار، أو أن تتحول، هي نفسها، إلى فساد، بالانتقائية، وتصفية الحسابات، والوقِيعة في أعراض الناس دون قرينة أو دليل.
بل نريدها عملا مؤسسيا فعالا، تُصان به مواردُ الدولة، وَينال به المفسدون جزاءهم طبقا للنصوص السارية “.
فلهذا الغرض تم إلحاق المفتشية العامة للدولة برئاسة الجمهورية، مما سيمكن من تكثيف نشاطات الأجهزة الرقابية عبر إيفاد طواقمها للتفتيش في جميع المؤسسات العمومية والقطاعات الوزارية.
وستشهد سنة 2022 استكمال تحيين الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد، وإعداد الاصلاحات في مجال الحكامة الاقتصادية والمالية واستحداث نمط جديد لتنفيذ المشاريع ومتابعتها.
السيد الرئيس، السادة والسيدات النواب؛
بخصوص المالية العامة، أسْفرت الإصلاحات المُقام بها عن صِدقِيةٍ أكبر للتوقعات وتحديدٍ أفضل للأولويات، وتخصيصٍ أرشدَ لحاجات الميزانية، مع تخويل المسؤولية للمسيِّرين وتحسين ولوج المواطنين إلى خدمات أجودَ، وتنفيذ أفضل للعمليات المالية للدولة، إضافة إلى نجاعة النفقات العمومية وشفافية لا مِرَاءَ فيها للمعلومات المالية.
وهكذا ارتفع المبلغ الإجمالي لميزانية الدولة من 54,11 مليار أوقية سنة 2019