موريتانيا 2020: فتح ملفات فساد وإنتشار كورونا ومصالحة داخلية وحراك طلابي وإصلاح بطيئ …
الشروق / ملفات عدة شغلت موريتانيا خلال السنة المنصرمة، أولها مواجهة وباء الكوفيد بموجتيه الأولى والثانية، ثم فتح ملف الفساد خلال العشرية التي حكمها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، إضافة لخلاف الرئيسين وما استتبعه من ضغط على الرئيس الغزواني للتخلص من أعوان النظام السابق.
وشهدت سنة 2020 انفجارا مقلقا لأزمة الصحراء أعاد قضيتها المعقدة لواجهة الأحداث، مغيرا آليات توازن الصراع.
وكانت 2020، سنة انتشار جائحة كوفيد-19 في موريتانيا، التي شهدت موجتين إحداهما بدأت في مارس 2020 والأخرى في ديسمبر 2020.
وتجاوزت الإصابات المؤكدة بهذا المرض حدود 12 ألف إصابة وناهزت الوفيات 300 وفاة.
وأعلن رئيس الوزراء محمد ولد بلال، “أن موريتانيا ستحصل على 20 في المئة من حاجيتها من اللقاحات مع بداية السنة المقبلة”.
وتواصل حكومة الرئيس الغزواني تنفيذ برنامج اقتصادي متكامل بتمويل ذاتي يربو غلافه الإجمالي على مئتين وأربعين مليار أوقية قديمة، موجه لمعالجة الآثار السلبية لتحديات وإكراهات ما بعد كورونا.
وأكد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أن “هذا البرنامج سينفذ بالتوازي مع ما يجري تنفيذه حاليا من مشاريع على مختلف الصعد”.
وقال الرئيس الغزواني “أن هذا البرنامج سيمكن من جعل المنظومة الاقتصادية الموريتانية منسجمة مع الرؤية التي تؤسس سياساتها العامة ومع استراتيجية النمو المتسارع والرفاه المشترك ومن جعله كذلك أكثر شمولية واحتراما للبيئة بحكم تركيزه على تسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة المحددة في أجندة 2030”.
خلاف الرئيسين
كان أول ما شغل أنصار الرئيس الغزواني هو طبيعة علاقته بسلفه ورفيق دربه محمد ولد عبد العزيز، واتضح من خلال الأحداث أن الرئيس السابق الذي رشح ودعم خلفه الرئيس الغزواني كان يخطط لبقائه الرئيس السياسي للبلاد وأن يكون خلفه مجرد رئيس صوري.
وحاول الرئيس السابق، مغترا بهدوء خلفه الرئيس الغزواني، الاستحواذ على الحزب الحاكم بحيث يكون هو مرجعيته العليا ليتحكم عبر ذلك في كتلة نوابه الذين كان قد هيأهم لهذا الموقف.
وكان أن ترأس اجتماعا للجنة تسيير الحزب، انفجرت على إثره القضية فانقطعت العلاقة بين الرئيسين، وبدأت معركة ما زال جمرها حيا تحت الرماد.
وفي أواخر يناير الماضي، أقرت الجمعية الوطنية تشكيل لجنة برلمانية، من تسعة نواب من الموالاة والمعارضة، مكلفة بالتحقيق في عدد من الصفقات والملفات المالية، التي تحيط بها شبهات فساد، والتي تدخل ضمن تسيير الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز للشأن العام الذي استمر من عام 2009 إلى عام 2019.
وأنهت اللجنة البرلمانية، التحقيق في عشرية ولد عبد العزيز، وأصدرت تقريرا مطولا عرضت فيه الفساد الإداري والمالي في عدة ملفات بينها صندوق العائدات النفطية، وعقارات الدولة، التي تم بيعها في نواكشوط، ونشاطات شركة بولي هوندغ دونغ الصينية العاملة في مجال الصيد، وصفقة الإنارة العامة بالطاقة الشمسية، وتصفية الشركة الموريتانية للإيراد والتصدير.
وأحال مجلس رؤساء فرق البرلمان الموريتاني ملف قضايا الفساد التي حققت فيها لجنة التحقيق البرلمانية إلى وزير العدل الذي أحاله بدوره إلى النيابة التي باشرت التحقيقات بواسطة شرطة الجرائم الاقتصادية والمالية.
وأدى إطلاق التحقيقات في ملف الفساد إلى تغيير الحكومة ليتفرغ أعضاؤها المشمولون بالتحقيقات للدفاع عن أنفسهم.
واستدعت الشرطة الرئيس السابق عدة مرات مكث في أولاها أسبوعا كاملا وهو قيد التحقيق، وأطلق سراحه ليخضع منذ ذلك الوقت للمراقبة القضائية المباشرة، والمنع من السفر.
وتؤكد آخر المعلومات اكتمال التحقيقات فيما أصبح يعرف بـ “ملف الفساد” وقرب إحالة محاضر استجوابات المتورطين فيه للقضاء، ومم ابرزهم ، الرئيس السابق وعدد من أقربائه ومعاونيه.
وبعد استلام الرئيس الغزواني للسلطة دخلت موريتانيا جوا من المصالحة الداخلية، فقد اتجه الرئيس الجديد نحو التهدئة وأجرى مشاورات مع الطيف السياسي بكافة ألوانه.
وقابلت المعارضة الموريتانية هذه الروح الجديدة بمهادنة النظام فوضعت أداة الحرب التي تقلدتها عشر سنوات في مواجهة الرئيس السابق، لكنها كانت مع ذلك تنتظر تغييرات واسعة تشمل إزاحة أعوان الرئيس السابق عن المواقع المهمة، وفتح حوار حول القضايا الوطنية الكبرى.
وكان حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية المحسوب على الإخوان والذي تتبع له أكبر كتلة برلمانية معارضة، في مقدمة منتقدي سياسات الرئيس الغزواني وخاصة الاحتفاظ بأشخاص متورطين في ملف الفساد.
ويلح حزب التجمع على فتح حوار وطني شامل يتفق فيه الجميع على خريطة طريق واضحة تحل المشكلات وتغلق الملفات المعقدة، غير أن الرئيس الغزواني غير متحمس لقضية الحوار ويفضل عنها اللقاءات التشاورية الانفرادية مع قادة الساحة السياسية.
وكان أنصار الرئيس الغزواني الذين صوتوا له في انتخابات 2019 يضغطون لحمل الرئيس الغزواني على إحداث التغيير.
لكن الأمر الذي لم يجد المراقبون له تفسيرا هو أن الرئيس الغزواني لم يتسرع في إجراء التغيير؛ فقد احتفظ بعدد من رجال الرئيس السابق في مواقع مهمة على رأس السفارات والشركات الكبرى.
ومع أن الرئيس قد تعهد بالإصلاح في برنامجه الانتخابي إلا أن طريقته في ذلك بدت بطيئة ومتأنية، ما جعل البعض يصاب بالشك وبالحيرة، لكن المتبصرين يرون أن الغزواني لا يريد أن يحول أعوان سلفه وخصمه إلى معارضين لنظامه فلجأ لاستبدالهم بالتدريج.
الحراك الطلابي
لم يهدأ حراك الطلاب طيلة السنة حيث بدأ بتظاهرات المحرومين من التسجيل في الجامعات الوطنية بسبب تجاوزهم سن الخامسة والعشرين، ثم جاءت تظاهرات الطلاب السبعة والسبعين الذين ألغيت منحهم في الجامعات المغربية، قبل أن تتلو ذلك إضرابات طلاب كلية الطب.
وكان تعامل شرطة مكافحة الشغب بقسوة شديدة مع هذه التحركات محل انتقادات واسعة من طرف الأحزاب والهيئات الطلابية والحقوقية.
أزمة الصحراء
شهد عام 2020 انفجار أزمة الصحراء الغربية وعودة هذا النزاع إلى واجهة الأحداث؛ وذلك بعد أن أغلق نشطاء تابعون لجبهة البوليساريو منفذ الكركرات الحدودي لمدة أسابيع قبل أن يتدخل الجيش المغربي ويعيد فتح وتأمين الممر.
وقد تسبب هذا الوضع في إحراج السلطات الموريتانية التي تتبنى موقفا محايدا في هذا النزاع، حيث أن إغلاق ممر الكركرات يحرمها من وصول حاجاتها من الأسواق المغربية.
وانتهجت موريتانيا في هذه القضية موقفا جامعا بين تأمين حدودها وإغلاقها في وجه المتسللين الصحراويين مع تأييد الخطوات المغربية الخاصة بفتح وتأمين المعبر.
ستخرج موريتانيا من عام 2020 منهكة بسبب تداعيات وتأثيرات جائحة كوفيد، وبسبب ملف الفساد الذي يجمع بين أمرين، إذا لم يتواصل العمل فيه حتى يبلغ مداه فإن ذلك سيفسر بأنه تراخ وفشل كبير، وإذا ما تمت مواصلته فإن المتضررين به سيكونون بأعداد كبيرة ومن أوساط متنفذة، وهو ما قد يفتح جبهة أخرى مضادة للنظام.
تصريحات
“إننا، نحن السود الموريتانيين، وذراري العبيد منذ قرون أو ضحايا التمييز حاليا، نعرف ثمن جهود النهوض التي تحدونا إليها بداهة حالتنا، وكما هو شأن العديد من الزنوج عبر التاريخ والحضارات، فقد فتحتُ عينيّ على الحصيلة العنيفة لدونيتي الناتجة، كما شُرح لي، عن لون بشرتي الداكن، وعن الأصول الوثنية لأسلافي، وعن مشيئة إلهية بحتة”.
بيرام ولد الداه دورة 2020 لقمة جنيف لحقوق الإنسان والديمقراطية