بعد زيارة الوزير إسلكو للقصر .. هل وصل خلاف المحمدين للنهاية..
الشروق / كان للرجلين محمد ولد عبد العزيز ورفيق دربه محمد ولد الغزواني بصماتهما الواضحة في تاريخ موريتانيا الحديث منذ 2005 وحتى الآن، فقد شاركا في الإنقلاب على معاوية ولد سيدي احمد ولد الطايع، وان لم يتسلما الرئاسة مباشرة بعد ذلك الإنقلاب خلال فترة المجلس الإنتقالي الا انهما برزا كفاعلين يحسب لهما حسابهما في قابل الأيام وان بشكل متفاوت وذلك ما ظهر من خلال دعمهما لسيدي ولد الشيخ عبد الله ثم الانقلاب عليه لاحقا في 6 من أغسطس من العام 2008..
دخلت موريتانيا بعيد الإطاحة بولد الشيخ عبدالله في عراك سياسي بين مختلف القوى السياسية تمخض عن مفاوضات دكار التي أُتفق خلالها على خارطة طريق تتضمن اجراء انتخابات مبكرة في 2009.
أجريت الانتخابات وفاز ولدي عبد العزيز وتولى الجنرال الغزواني رئاسة الأركان، وقد حافظ ولد الشيخ الغزواني على وفائه للرئيس السابق في فترات عصيبة، فبالإضافة إلى المشاركة معه في انقلاباته المتعددة في 2005-2008، احتفظ له بكرسي الحكم حينما تعرض ولد عبد العزيز لإصابة بإطلاق نار في الصحراء في العام 2012، ليمكث أشهرا عدة في رحلة علاج في فرنسا.
انتخب ولد عبد العزيز مرتين حسب ما هو متاح دستوريا، وتاقت نفسه لولاية ثالثة، لم يكن تغيير الدستور لفعلها بتلك السهولة ولا كان الجو العام مساعدا، فكر الرجل وقدر ووقع اختياره على ترشيح زميله ظنا منه انه سيحتفظ له بالكرسي حتى يعود، فغزواني مؤتمن حسب تاريخه ووفائه..
أجريت الانتخابات وفاز الغزواني ونصب رئيسا لموريتانيا في أغسطس 2019..
بدأت القطيعة بين المحمدين رغم علاقات صداقة لأكثر من ثلاثة عقود من الزمن، فقد درسا معا في الكلية العسكرية بمكناس في المغرب، كما جمعتهما صداقة العمل العسكري، ثم أخيرا في قيادة البلد، وكان البعض يتوقع أن يكونا كالثنائي بوتين ومدفيديف في روسيا…
إلا أن تلك العلاقة بدأت تسوء بعد عودة ولد عبد العزيز إلى موريتانيا، فقد كان اجتماع لجنة التسيير المؤقتة للحزب الحاكم ، (الاتحاد من أجل الجمهورية)، القشة التي قصمت ظهر البعير، والذي أعلن خلاله رسميًا أنه المرجع الوحيد لحزب الإتحاد ، وهو الأمر الذي لم رفضه الرئيس الغزواني، وقد شكل ذالك الإختلاف على المرجعية بداية أول خلاف يظهر للعلن بين المحمدين..
لم بمض أسبوع على ذالك الخلاف حتى أدار جميع أعضاء الأغلبية ظهورهم لعزيز وتمسكوا رسمياً بمرجعية رئيس الجمهورية للحزب.. لتتوالى بعد ذلك ارهاصات القطيعة بين المحمدين تتضح شيئا فشيئا..وهو ما تأكد خلال الإحتفال بالذكرى التاسعة والخمسين للاستقبال، لينقطع عقد الصداقة في يناير 2020 بعد مصادقة البرلمان الموريتانى خلال جلسة علنية على تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق فى عدد من الصفقات والملفات الاقتصادية التي تمت خلال عشرية الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز..
تم تشكيل اللجنة وكلفت بمهمة التحقيق في سبعة ملفات هي:
صندوق العائدات النفطية
عقارات الدولة التي تم بيعها في انواكشوط
نشاطات شركة بولي هوندغ دونغ
تسيير هيئة اسنيم الخيرية
صفقة الإنارة العامة بالطاقة الشمسية
صفقة تشغيل رصيف الحاويات بميناء الصداقة المستقل
تصفية شركة سونمكس
استدعت الشرطة ولد عبد العزيز، وأوقف على ذمة التحقيق، كما أوقف صهره وبعض مقربيه، وتم استدعاء العديد من الشخصيات التي تولت مسؤوليات في زمنه..
ان استشراف مستقبل العلاقة بين “المحمدين” بعد كل هذا يستدعي الغوص في تحليل ودراسة علاقتهما التي استمرت لأكثر من ثلاثين سنة عاشا جزءا كبيرا منها وهما ضابطان في الجيش ثم بعد ذلك توليا قيادة البلد، بشكل فعلي، أو من وراد الكواليس، كما يتطلب كذلك القاء نظرة على شخصية كل من الرجلين.
فكما هو معروف ان “المحمدين” وان كان صديقين ويتفقان في كل شيء تقريبا إلا انهما على طرفي نقيض فيما يتعلق بالطباع فبينما يبدو الغزواني كتوما حد الإنطواء يبدو عزيز مباشرا حد التهور.
لم يعد الغزواني بعد استلامه السلطة هو الذي ألفه ولد عبد العزيز..
يقول الحسن الثاني إنه دفن الحسن الثاني ولي العهد مع محمد الخامس طبعا لأنه صار ملكا، فهل فعل غزواني نفس الشيء؟
يرى بعض المحللين أن ما يجري هو محاولة لتقليم أظافر عزيز، وفطمه عن السياسة ويبررون ذلك بالتحقيق في عشريته التي حكم فيها، ويخلص هؤلاء إلى أنه متى ما أعلن عزيز تخليه عن السياسة والقبول بوضعه كرئيس سابق يعيش حياة عادية ولا يظهر إلا ضيف شرف في المناسبات الرسمية تاركا السياسة إلى جانب، عند ذلك سيتم حفظ الملف، وهو ما يرى هؤلاء أن عزير في الطريق للقبول به من خلال اجتماعه مع وزيره المخلص ولد ازيد بيه أمس الأول واستقبال الأخير من طرف غزواني يوم أمس..
في حين يرى محللون آخرون ان ولد عبد العزيز نهب خيرات البلاد بشكل غير مسبوق، وإن محاسبته والتحقيق معه، لإستغلاله السلطة، بعد إحالة ملف التحقيق البرلماني الى القضاء، لم يعد أمرا يمكن الرجوع عنه مهما ما قدم ولد عبد العزيز من تنازلات وتعهدات، لأن محاكمته وإرجاع أموال الشعب باتت مطلبا شعبيا، لا يمكن للرئيس غزواني تجاهله..
ميمونه منت محمدن ول حمينا
محررة أخبار بموقع الشروق