المرشحون الجبناء..
الشروق / يغيب الخطاب السياسي والبرامج الواضحة التي تطرح حلولا لمشاكل الناس في كل ما سمعناه حتى الآن من كلام المرشحين الستة لرئاسيات 22 يونيو القادم.
غير أن الأكثر إثارة للانتباه هو هذا التواطؤ على الإمساك عن الحديث عن عقد حُكم فيه البلد بإرادة فرد، وتم فيه تبديد الاقتصاد وخصخصة القطاعات ومنحها بالمجان تقريبا لدائرة ضيقة من مقربي الرئيس، ولم يحصل فيه انفراج على أي مستوى من المستويات التعليمية أوالصحية أو ذات العلاقة بالبنى التحتية.
في عهد لا أحد يعرف فيه ما مصير 450 مليار متر مكعب من الغاز سيتم استغلالها ابتداء من 2022 غير رأس النظام، بينما في السنغال المجاورة تم عرض الأمر على العام.
في عهد ارتفع سعر الحديد وكمية إنتاجه دون أن يكون لذلك أي انعكاس على حياة الناس، ولا على مرافق الدولة وأجهزتها.
في عهد تم فيه تقليص ميزانيات الإدارات الجهوية للصحة وللتعليم وللأمن والجيش، وارتفعت فيه الضرائب والإتاوات والطوابع، وأسعار وحدات الكهرباء ومترات الماء المكعبة، وتضاعفت فيه أثمان الاستشارات الطبية الأولية والمتخصصة، وأثمان الأدوية وحفاظات الأطفال.
في عهد بدأ بانقلاب جنرال على رئيس مدني شرعي، وها هو ينتهي بمجاعة تمس أكثر من نصف مليون، وها هو الجنرال في أيامه الأخيرة يوقع على صفقات مشبوهة لنهب ما تبقى من ثروات هذا الشعب الجائع.
في عهد تقهقر فيه مفهوم وممارسة العدالة الاجتماعية وتم التلاعب بالتنوع الثقافي والعرقي لهذا الشعب لخلق خنادق وهمية بين مكوناته، من أجل أن يتفرغ النظام للنهب والسرقة، بينما كان المفروض تحويل كل هذا التنوع إلى جزء من الحل وليس جزء من المشكلة؛ إلى نقطة قوة وليس نقاط ضعف.
في هذا العهد بالذات، ينتهج المرشحون سياسة الصمت إزاء موقفهم الذي يجب أن يكون حادا وحدّيا من هذه القضايا المصيرية، يتحاشون الحديث عن مستقبل محمد ولد عبد العزيز وعشريته الفاسدة والمفسدة، ويتحاشون الحديث عن محاربة الفساد والرشوة والنهب الممنهج والمستمر لثروات البلاد. حتى صفقة “منجم أفديريك” التي تم التوقيع عليها على أبواب الحملات الانتخابية لم تثر حماسهم للكلام، أو إعلان موقفهم مما يجري في هذه البلاد العجيبة المنكوبة بنخبها السياسية والفكرية والثقافية، هذه البلاد التي قال أحدهم يوما منكتا “إنها أعظم بلد في العالم، لأن كل أبنائها قد تمالؤوا عليها وظلوا يهدمونها منذ تاسيسها، ومع ذلك فما زالت قائمة”!
لماذا هذا الجبن والخوف من لمس المناطق الحساسة والحقيقية والتي تمثل أساس كل المشكلات؟
أم أن الطبقة السياسية برمتها لا تملك أدلة مادية محسوسة على كل هذا الفساد الذي ينخر البلاد؟
أم أن ما يهمهم هو أن يصلوا ليصبحوا في مقام من يمكنه القيام بما قام به النظام خلال العشرية الفارطة،؟.. ولكن هل سيترك النظام -على افتراض رحيله- غير هيكل دولة مثقلة بالديون والأزمات؟
الشيخ نوح