المعتقل الصحراوي .. الصخرة التي لاتلين / لحسن بولسان
الشروق/ شكلت قضية اضراب المعتقلين السياسيين الصحراويين عن الطعام ملمحًا مهمًا من ملامح حركية الكفاح الوطني وسلاحا بارزا وظفه المعتقلون في مواجهة همجية الاحتلال المغربي.وقد عرف موضوع الاضراب عن الطعام طريقه إلى الواقع الوطني منذ بدايات العزو ، إلا أن انتفاضة الاستقلال دفعت بهذه القضية إلى أن تتبوأ موقعًا متقدمًا في أساليب المناضلين الصحراويين داخل السجون المغربية .وهنا نعبر عن تضامننا المطلق الخالص مع الإخوة المضربين عن الطعام :الحسين البشير أبراهيم وعالي سالم بوجمعة السعدوني والخليل مسعودأمبيريك ومع كل معتقل صحراوي صنع من صموده إبداعاً ونوراً يضيء الطريق نحو التحرير والاستقلال الكامل ..
عندما نتحدث عن اعتقال الاحتلال للمواطنين الصحراويين ، فاننا نتحدث عن تجربة ملونة بالدم، سطرت ومازالت صفحات مجد، تستذكر تاريخا ناصعا ،مليئا بالتضحيات والبطولات داخل السجون المغربية .فلم تطفيء ظلمة السجن وقهر السجان شعلة إصرار معتقلينا ولم تهزمهم جدرانها مهما إستبد ظلامها ،فالبسجن لكحل،أكدز،قلعة مكونة،تازممارت،درب مولاي الشريف ،مكناس ،القنيطرة، سلا ،بولمهارز،تيفلت ،تارودانت، أيت ملول،تزنيت،الوداية ،بوزكارن وغيرهم من الأقبية المظلمة،،يدرك المعتقلون الصحرايون أنهم يرافعون عن وطن مثلما سقط الشهداء من أجله، فهم ليسوا مجرد أرقام يحملونها في المعتقلات، وإنما هم طليعته النضالية، وصناع التاريخ والاستقلال الذي من أجله دفع ثمنه رفاقهم دماً ومعاناة وقوافل الشهداء والشهيدات داخل المخافر السرية والسجون من أجل حرية شعب باكمله و لا يساورهم اليوم الشكُّ في ذلك الطريق ونهاياته المحسومة .
وإذا كان الإعتقال والمحاكم الصورية هو أداة قهر الإحتلال المغربي اليوم البارزة في مواجهة تصميم الصحراويين ، لمحاولة اقتلاعهم أو تفكيك انتفاضتهم أو التغلب على إرادتهم والحد من عزيمتهم،فإن المعتقلين الصحراويين يدركون ان صراع السجون والتحقيق هو بالأساس صراع إراداتين متناقضتين ومعركة بين مدججين وعزًل وإمتداد طبيعي للمواجهة اليومية خارج السجون ليطوعوا مأساتهم صانعين منها درجة نحو الحرية،فمن رحم المعاناة يولد الرجال و الإبداع ويصنعون الشيء من نقيضه محاكين بذلك شعبهم الذي جعل من سجنه الكبير سجن الاحتلال مدرسة صمود وتحد .
تتنزل الحاجة والضرورة الوطنية اليوم ان نوحد كل جهودنا حتى إطلاق سراح معتقلينا الذين ما بخلوا بالعطاء صونا لهذه المسيرة التحررية لشعبنا وبالتالي فإن إلتزامنا بالدعم والتضامن معهم ومع ذويهم لا يؤسس على إعتبارات إنسانية وعاطفية فقط بل مستمد من واجب وطني إجباري ، فلن تتَعب حناجرنا، ولن تسكت أصواتنا، ولن يجف حبر أقلامنا، وسنبقى نناشد العالم الحر ونستغيث الضمائر الحية، لإطلاق سراح كل المعتقلين الصحراويين،ونقول للعالم وللامم المتحدة تحديدا ان قضية المعتقلين الصحراويين و طبقا لأسباب اعتقالهم وظروفهم اللاإنسانية وانتهاك الاحتلال المغربي لحقوقهم , هي قضية سياسية وإنسانية وأخلاقية , لا تعني الشعب الصحراوي فقط , بل تعني أيضاً بالدرجة نفسها الأسرة الدولية لجهة التحدي الصارخ الذي يشكله التمرد المغربي على القانون الدولي , وفي الاستخفاف الذي يبديه بأحكام اتفاقيات جنيف ومبادىء حقوق الإنسان
أخيرا ،لا بد لنا في هذا المقام أن نشدد على حتمية الإهتمام أكثر بهذه الجوانب الإبداعية الناصعة في المقاومة الصحراوية السلمية ، واجبنا أن نسعى لتوثيقها لتبقى منارة للأجيال القادمة بكل جزيئاتها وصورها المختلفة وإذا أُريد للأجيال القادمة أن تفخر بمحطة ما غير عطاء الشهادة في مسيرة الثورة الصحراوية فعليها أن تفخر بهذه التجربة الرائدة التي مازال المعتقل الصحراوي يسجلها و يؤكد في كل مرة انه صخرة لا تلين، من قناعته أن الوطن يحتاج إلى هذا الصمود ،وسيبقى كل معتقل صحراوي حر خلف القضبان ثابت على موقفه ،عصي على الانكسار وعالي الهامة، يعلو على الجراح ولا ينكسر مواصلا دورة الحياة رغم القيود …..
رحم الله شهداءنا بالسجون المغربية وجميع شهدائنا الابرار