جنيف إثنان : وهلوسة بوريطة.. / لحسن بولسان
الشروق / يبدو أن مهمة المبعوث الأممي للصحراء الغربية السيد كوهلر ستكون أكثر مشقة في ضوء ما يبديه الطرف المغربي من تعنت وتنصل واضح من نصوص القرارات الدولية القاضية بتكريس حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير.
واضح حتى الآن أن السيد كوهلر لم يصل بعد إلى مرحلة تؤهله ليكون قادراً على صنع منعطف فعلي في طريق الحل العادل والنهائي للقضية الصحراوية .وكما أكدنا في مقال سابق عن “جنيف الأولى والمناورات المكشوفة ،أن لا تغير في الموقف المغربي سوى بعض التبدلات في الخطوات التكتيكية,حتى يوصل الأمور مع كل مساعي دولية إلى المراوحة في المكان ذاته ،مع اللعب على حبال الشد حين يشعر أن المأزق قد خفت حدته ،والرخي مع الأمم المتحدة حين يجد أن منفذا ما يمكن أن يكون طوق النجاة.
من جديد، أثبت الضجيج المغربي المتعالي، للعالم نواياه العودة إلى المربع الأول،واستعادة قواعد الاشتباك مرة أخرى بعدما أدرك استحالة الالتفاف على حق الشعب الصحراوي .
حاول السي بوريطة بالإسهاب التكفل بشرح ما توهم أن بين سطور البيان “لا حل إلا ما قدم المغرب من مقترحات في إطار الحكم الذاتي” .
لم يكن السي بوريطة بحاجة إلى كل هذا التهريج وهو يعيد النفخ في نفس الاسطوانة ، ولم يكن مضطراً للخوض في كل تلك التعرجات والالتواءات وهو يفسر مفهوم تقرير المصير على هواه وبكثير من العنجهية ،معتمدا على حالة استلاب ، تريد مصادرة حق الشعب الصحراوي في الحرية والاستقلال ، وتلك العنجهية التي يريد المغرب أن تحل مكان الشرعية وقوانينها ومقتضياتها .
ليست مستغربة تلك البهلوانية المغربية الإستعراضية واللعب على حبال المراوغة والكلام المعسول الذي عاف العالم سماعه ولم يعد يجدي نفعا ولمكان له على الطاولة .
واضح أن تصريحات بوريطة تعبر عن ترنح الفاشل المغتاظ من قوة الموقف الدولي في صميم غطرسته؛حتى بدا بوريطة في تصريحاته وكأنه أصيب بهلوسة تتمدد في جسمه لم يعد قادر معها التميز بين الحقيقة والوهم .
واهم الاحتلال إن ظن أن غلوالشروط والاشتراطات وحملات تعطيل الجهد الدولي وتفخيخ مساعيه ،ستحجب الرؤية الدولية عن صدق نواياه ، أو تمنع الطرف الصحراوي من استشراف ما يحاك خبثا مع أطراف غربية من مؤمرات ضد حق شعبنا الثابت الغير قابل للتصرف والتقادم في الحرية والاستقلال .واهم الإحتلال إن ظن أن هناك عوامل خارجية متصلة بتغيرات دولية وإقليمية ،ستجعله في موقف قوة وستعيد ميزان القوة لصالحه كي يفسر نصوص ومضمون القرارات الدولية على هواه .
أما الثابت بالنسبة للشعب الصحراوي ،هو أن لا أمن ولا سلام دون تكريس حقه في الإختيار الحر لمستقبله ، وكم كان واضحا الاخ خطري أدوه الذي أبان عن حنكة و إقتدار في شرح الموقف الصحراوي ،لما قدم ردودا شافية لوسائل الإعلام الدولية، وحتى لأجهزة الأمن المغربية التي تحاول تقديم نفسها كصحفيين قصد التشويش،قدم لهم جميعا ردوداً قطعية على الكثير من المقولات الكاذبة التي درج بوريطة على تسويقها وما تمّ ضخه من أحلام.
يقينا أن المناورات المغربية لم تنته بعد ،وأنها في كل مرة ستغير لبوسها وتكتيكاتها ، وبالتالي فإن طاولات جنيف وما تمخض عنهم ، يفرض اليوم على الصحراويين مراجعة الحسابات وتقيم الذات والاستعداد لكل الاحتمالات ،وأتمنى أن تأخذ لجنة التفكير رغم مأخذنا عليها والتي سنعود لها لاحقا ، كل المستجدات الطارئة سواء فيما يخص التعاطي الدولي مع القضية الوطنية أو تلك المستجدات الإقليمية بعين الاعتبار والحسبان حتى نضمن أن كل تلك المسالك كانت مبهمة او التفافية تبقى دوما بيد الشعب الصحراوي مهما تشابكت خيوط المتآمرين.