مشاورات ليبية بين فرقاء النزاع في العاصمة السنغالية
الشـروق / يعقد ممثلون عن فرقاء النزاع الليبي جلسات تشاور ونقاش في داكار عاصمة السينغال تبحث سبل التوصل لحل سياسي متوافق عليه وتجاوز الجمود الحالي في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة والمتوقفة منذ نوفمبر من العام الماضي على خلفية فشل مفاوضين عن المجلسين المتنافسين (مجلس النواب في طبرق ومجلس الدولة الأعلى في طرابلس) في صياغة اتفاق سياسي معدل.
وتنظم هذه الاجتماعات على مدى ثلاثة أيام في مركز للمؤتمرات بضواحي العاصمة السنغالية مؤسسة برازافيل التي تقول إنها تهدف لتحقيق السلم والأمن في إفريقيا.
ويتركز النقاش خلال هذه الاجتماعات حول القضايا الثلاثة الأكثر جوهرية حسب المنظمين وهي الدستور والانتخابات والعدالة.
وساند الرئيسان دني ساسو انكوسو رئيس الكونغو، الذي يرأس لجنة الاتحاد الإفريقي المكلفة بليبيا، ومكي صال الرئيس السنغالي، الدعوة لحوار ليبي – ليبي في السنغال.
وقال الملياردير الفرنسي جان ايف أوليفيه، رئيس مؤسسة برازافيل، إن الرئيس السنغالي وافق على أن يرعى الحوار بين الأفرقاء الليبيين في دكار، مصطفى انياس رئيس البرلمان والسياسي المخضرم والوجه المعروف في المؤتمرات والندوات الدولية وكوسيط في النزاعات الإقليمية، حسب قوله.
وتشارك في الاجتماعات 30 شخصية مؤثرة من النخب السياسية والعسكرية والاقتصادية، حسب مؤسسة برازافيل.
ويشرف على هذه النقاشات غير الرسمية والتي لا تشكل إطارا للتفاوض على اتفاق نهائي، كاجالیما بـترس موتلانت، رئيس جنوب إفريقيا الأسبق.
وقالت المؤسسة في بيان لها أن ھـذا الـملتقى يهدف إلـى الجـمع بـین الـلیبیین والھـدف الوحـید منه خـلق فـرصـة حـرة لـتبادل وجـھات الـنظر وتـحقیق الـتوافـق بـین الـلیبیین، تكون مكملة للمنتدیات والاجـتماعـات الـتي تـم عـقدھـا، في إشارة لجولات التفاوض الماراثونية التي نظمتها الأمم المتحدة في جنيف ومنتجع الصخيرات جنوب الرباط وفي تونس، فضلا عن مبادرات أخرى دعا لها وسطاء إقليميون ودوليون.
وكشف رجل الأعمال الفرنسي جان ايف أوليفيه عن التمهيد لهذه الاجتماعات بلقاء سري ونادر جمع بشير صالح مدير مكتب القذافي، وعبد الحكيم بلحاج رئيس حزب الوطن والقيادي البارز في الجماعة الليبية المقاتلة.
وأضاف أوليفيه أن الرجلين عملا معه بشكل وثيق على مدى أشهر في التحضير لهذه الاجتماعات التشاورية في دكار.
وشدد على وجود ممثلين عن قائد الجيش المشير خليفة حفتر، وعن مقربين جدا من سيف الإسلام القذافي و”القبيلة التي توفر له الحماية”.
وجان ايف اوليفيه وسيط غامض في نزاعات سابقة في إفريقيا، وفيما تتحدث بعض وسائل الإعلام عن علاقات وثيقة تربطه ببعض أجهزة الاستخبارات وتجارة السلاح يقدم هذا الفرنسي السبعيني المولود في الجزائر، نفسه كمحب للقارة السمراء ومستثمر فيها.
ويرتبط الثري الفرنسي بعلاقات وثيقة مع النخب الحاكمة في إفريقيا وفرنسا منذ فترة طويلة.
ونفى مقربون من بشير صالح مشاركته في اجتماع دكار، وقالوا إنه مازال يخضع للعلاج بعد أن استقرت عدة رصاصات في جسده خلال محاولة اغتيال دوافعها غامضة وتعرض لها في جوهانسبيرغ وهو في طريق العودة من المطار إلى منزله بعد رحلة خارج جنوب إفريقيا.
إلى ذلك، أعلن العجمي العتيري، من أعيان الزنتان وأحد القادة العسكريين البارزين سابقا غرب ليبيا، مقاطعة هذه الاجتماعات.
وقال العجمي العتيري إنه رفض تلبية دعوة للمشاركة في لقاء دكار بسبب وجود من أسماها “شخصيات تسببت في دمار ليبيا وداعمة للإرهاب ومازالت موالية لدول تدعم الإرهاب”، حسب قوله.
وأضاف العتيري “نحبذ التفاوض داخل ليبيا واشترطنا للجلوس على طاولة الحوار مع هؤلاء إظهار حسن النية بنبذ الإرهاب والخروج من وصاية الدول الداعمة له مثل قطر وتركيا، والبراءة منها، وإعادة الأموال الليبية التي نهبوها وحولوها للخارج”، حسب تعبيره.
وشدد العجمي على “ضرورة حل الميليشيات المسلحة وتسليم عتادها للجيش التابع للبرلمان، والاعتراف بالبرلمان الليبي وما صدر عنه من قرارات وتطبيق قانون العفو العام، والإفراج فورا عن مئات المخطوفين داخل المعتقلات وفي مقدمتهم رموز النظام السابق، وتسليم جثمان معمر القذافي ومن معه لذويهم”.
والعجمي العتيري هو القائد السابق لكتيبة أبوبكر الصديق في الزنتان (تم حلها حسب قوله)، وكان ذاع صيتها لاحتجازها 2011 سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي ومعاملته معاملة حسنة، وفق القوانين الدولية والأعراف الاجتماعية، حسب المجلس الاجتماعي في الزنتان ومحامين تعهدوا للدفاع عنه.
ويشدد العجمي العتيري على أن كتيبته أفرجت عن سيف الإسلام بموجب قانون العفو العام الصادر عن البرلمان المعترف به دوليا.
وينفي مقربون من سيف الإسلام القذافي أي علاقة له بمؤتمر عقد في تونس وجرى الإعلان خلاله عن ترشحه للرئاسة في الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي تخطط بعثة الأمم المتحدة لتنظيمها في ليبيا قبل نهاية العام الجاري لوضع حد للانقسام السياسي والمؤسسي.
ويفسر مقربون من سيف الإسلام عدم ظهوره رغم تكرار بيانات الإفراج عنه بمعوقات من بينها “فوضى الميليشيات والعصابات المسلحة والتبعات المُحتملة لقرار محكمة الجنايات الدولية الجائر بملاحقته بتهمة ارتكاب جرائم حرب”.
ويشدد أنصار سيف الإسلام على أن “سقوط هذا القرار وإلغاء مذكرة التوقيف مسألة وقت فقط”، وأن زعيمهم “سيستعيد جميع حقوقه المدنية والسياسية، وسيساهم في إعادة توحيد واستقرار ليبيا الممزقة منذ 2011”.