المعارضة الموريتانية تهدد بالتصعيد في حال نظمت انتخابات غير توافقية
الشروق (نواكشوط) ـ انذر المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة وهو أكبر تجمع حزبي ونقابي معارض للرئيس ولـد عبد العزيز، البارحة «من مغبة تنظيم انتخابات غير توافقية في جو من التوتر السياسي المتفاقم، وما قد ينجم عن ذلك من أزمات غير محسوبة العواقب.»
ودعا المنتدى المعارض في أول ظهور يصدره بعد استئنافه نشاطه وانتخاب رئاسته الدورية «جميع الوطنين للوقوف بقوة وحزم في وجه، ما سمّاه «سياسات النظام القمعية وتماديه في الاستمرار في اختطاف البلاد نحو المجهول».
وطالب «القوى الحيّة في موريتانيا بتصعيد النضال لفرض التغيير الديمقراطي والتناوب السلمي على النظام»، مشددا على «ضرورة الإفراج الفوري عن المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم الشيخ محمد ولد غدة، ووقف المتابعات الظالمة، حسب تعبيره، ضد الشيوخ والنقابيين والصحافيين ورجال الأعمال الوطنيين».
وركز المنتدى «أن موريتانيا تمر بمرحلة حاسمة من تأريخها، في ظل أزمات سياسية واقتصادية زاد من تفاقمها انتهاك الدستور، وتزوير الاستفتاء، وتغيير الرموز الوطنية بطريقة لا دستورية زادت الموريتانيين فرقة والساحة السياسية تأزما، مع إصدار عملة جديدة كان من نتائجها الأولى زيادة الأسعار وتدهور قيمة الأوقية، والجفاف الذي يضرب مناطق الوطن كله من دون تدخل ناجع من طرف السلطات».
« في ظل هذا الوضع، يضيف المنتدى المعارض، تقف موريتانيا اليـوم على أعتاب انتخابات نيابية وبلدية وجهوية حاسمة، كما تستعد لانتخابات رئاسية تتميز بنهاية آخر مأمورية لرئيس الدولة الحالي؛ وبدل العمل على تهيئة هذه الاستحقاقات المصيرية بجدية ومسؤولية، عن طريق حلحلة الأزمة السياسية المتجذرة ووضع الآليات الكفيلة بتنظيم انتخابات توافقية حرة وشفافة، تضمن نزاهة الاقتراع وتمكن من التناوب السلمي على النظام، يصر النظام على التمادي في نهجه الأحادي بتمرير قوانين تتعلق بتنظيم الانتخابات والهيئات المشرفة عليها، منبثقة من حوار صوري بمن حضر، لم يعتمد في النهاية سوى القرارات التي أعلنها مسبقا رئيس الدولة أو تلك المقدمة من طرف حزبه، ذلكم الحوار الذي رفضت المعارضة الديمقراطية المشاركة فيه لافتقاده أبسط مقومات الجدية من إعداد مشترك من قبل الأطراف المتحاورة وآليات تضمن تنفيذ مخرجاته».
وركز المنتدى الذي يجمع أحزابا ونقابات وازنة وشخصيات مرجعية مستقلة «أن تمرير هذه القوانين الانتخابية الأحادية لن يمد الساحة السياسية إلا توترا، ولن يمد انعدام الثقة بين الفرقاء السياسيين إلا تعمقا، في الوقت الذي يحتاج فيه البلد أكثر من أي وقت مضى إلى مسار يلم شمل الموريتانيين ويرسم طريقا يجنب البلد المنزلقات الخطيرة التي عرفتها بلدان أخرى نتيجة تعنت قادتها، وتنصيب أنفسهم أوصياء على شعوبهم ومتحكمين في مصائرها».
«وفي الوقت الذي يتطلع فيه الموريتانيون إلى حقبة جديدة من الحرية والانتخابات الحرة والتناوب السلمي على النظام، يضيف المنتدى، انتقي النظام أن يسبح مغاير تيار طموحات الشعب، بالتمادي في اختطاف الدولة وخنق الحريات وإسكات كل صوت يزْداد ضد فساد النظام وتسلطه؛ وقد تجلى ذلك في الإصرار على تمرير قوانين انتخابية غير توافقية، وانتهاك الدستور والقوانين، وقمع التظاهرات السلمية، وتجنيد القضاء لتصفية الحسابات السياسية، وسجن الخصوم السياسيين، ومتابعة الشيوخ والنقابيين والصحافيين ورجال الأعمال الوطنيين، واحتكار الإعلام العمومي وإسكات القنوات الحرة، واختفاء الجرائد (بلدنا هو الوحيد اليـوم في العالم الذي لا تصدر فيه أي جريدة)، حسب تعبير المنتدى.
ويكشف هذا البيان عن عمق الأزمة السياسية التي تمر بها موريتانيا حاليا والتي ترشحها الاستحقاقات الانتخابية المقررة خلال عام 2018 بالنسبة للنواب والبلديات والمجالس الجهوية ومنتصف عام 2019 بالنسبة للانتخابات الرئاسية، لمزيد من التعمق الخطير، إذا لم يتدارك الأمر بحوار جديد.
ويجمع المراقبون على أن الأزمة الحالية غير قابلة للحل لأن رئيس جمهورية موريتانيا لن يتقَهقر عن حوار 2016 ولا عن استفتاء أغسطس 2017، ولن ترضى المعارضة بغير التراجع عن هذا كله مقابل التفاهم مع النظام.
وبالنظر لهذا الواقع فالحيرة هي سيدة الموقف: فالموالاة لم تتضح لها معالم أجندة الرئيس بعد الاستفتاء مع أنها متأكدة من عدم تراجعه عن خياراته، والمعارضة لها تشخيصها الخاص للأزمة لكنها لا تملك أدوات الضغط والتأثير الكافية لفرض خياراتها.
وعلى هذا النحو، ينشغل الجميع باقتراب الانتخابات النيابية والبلدية والجهوية المقررة خلال السنة الجارية وباقتراب انتخابات 2019 الرئاسية من دون وجود أقل تفاهم بين النظام والمعارضة حول آليات تنظيم هذه الاستحقاقات.