لماذا يصعد المغرب حاليا من حملاته المخابراتية والدعائية ضد القيادات الصحراوية؟
الشروق /ندرك كشعب مكافح أننا ما زلنا في حرب مفتوحة مع الاحتلال المغربي ، ونعلم باننا سنبقى مستهدفين للتأثير على نضالات شعبنا وإرادته في الحرية والانعتاق ،ولا نجهل أنه كلما إشتد الخناق على العدو،وفشل في دبلوماسية الصدام التي يخوضها على المنبر الأممي والافريقي رغم الخداع والتضليل والكذب ، إلا و أوعز لأذرعه لتقزيم تلك المكاسب النوعية ومحاولة إلهاء شعبنا بقضايا ثانوية ،وقد حصل ذلك في السابق، ويحصل اليوم ولن يتوقف غداً رغم ضحالة الرهان على مخرجاته.
وبما أن الدعاية المغربية كانت تبني على الوهم وما يفيض منه، فلم تنجح كل حملات الكيد ضد شعبنا و بدت أكثرها متسقة مع تمنيات لم تحصد منها سوى الخيبة التي تزيد من حدّة المأزق القائم للاحتلال في جميع ساحات المواجهة مع الطرف الصحراوي الذي بصموده جعل الاحتلال في وضعية المواجهة المفتوحة و المباشرة مع المجموعة الدولية ،و ترسم معالم هذا المسار التطورات الميدانية المتسارعة بعدما فشل في توظيف الامم المتحدة لتكريس سياسة الامر الواقع ،ليجد نفسه في المربع الاول وأمام أفق أسود.
أوروبيا ، فقد الإحتلال قاعدته الخلفية أي الإتحاد الأوروبي رغم تواجد الطرف الفرنسي , وأصبح النزاع الصحراوي -المغربي قضية مركزية في الحياة السياسية الأوروبية . ولم يترك قرار المحكمة الأوروبية مجالاً للشك بحضور القضية الصحراوية في أولوية الإهتمام،علما أن الصوت الأوروبي لا يعترف للمغرب بأية سيادة على الصحراء الغربية ويعتبره قوة إحتلال تستنزف خيرات أرض لا تملك شرعية التواجد بها ولا حق إستغلال خيراتها .
أما بإفريقيا،فلم تأت النتائج والمخرجات وفق رؤية الإحتلال وأوهامه، بل جاءت التطورات مخالفة كلياً لجميع تلك المخططات ومخططيها ،وبرهنت قمة أبيدجان أنه لم يعد من مصلحة المغرب التعويل على واقع خاسر، لا تنفع معه المكابرة، ولا طائل من الإستمرار فيه
الإنتصارات الصحراوية هذه ،أتت بعد أن أفشل شعبنا ،الذي يبقى مستهدفا في صموده ، كل مناورات الإحتلال المغربي التي حاولت التشويش على مداولات المؤتمر الرابع عشر ،وبرهن شعبنا على قمة الوعي والمسؤولية ،بعد فقدان الزعيم الشهيد محمد عبد العزيز الذي ساهم مساهمة قوية في تحقيق هذه المكاسب الوطنية .وبعدما راهن المحتل على الـتأثير على وحدة الصف الصحراوي بعد إستشهاد الرئيس ،خرج شعبنا بالمخيمات والأرض المحتلة والجاليات :قاعدة وقيادة، قوة منسجمة ،بعد إنتخاب الأخ ابراهيم غالي أمينا عاما للجبهة ورئيس الدولة وبالإجماع ،مفشلا كل دسائس المحتل المغربي كما فعل إبان إستشهاد الزعيم التاريخي لكفاحنا الشهيد الولي مصطفى السيد ،حيث رد شعبنا على حسابات الاحتلال انذاك بهجمة الشهيد الولي التاريخية .
وبسبب تلك النكسات المتواصلة ، تبقى محاولات المخابرات المغربية إسترداد الأوراق المحترقة أصلاً آخر ما في الجعبة و تحت ضغط الوقت الذي يستنفد مختلف إحتمالاته، ليطلق العنان لدعاية ، بدأت الإشتغال على تصميمها دوائر الإستخبارات يكون هدفها الأشخاص بعدما فشلت سياسة إثارة مواضيع: المساعدات والمحتجزين والعائدين ، تأتي اليوم سياسة دعائية ضد بعض العناصر القيادية ، لأن ذالك حسب فكرهم قد يبسط ويسهل الدعاية خاصة أن معالجة الموضوعات والافكار قد يكون امرا معقدا والتعقيد لا يفيد الدعاية.
في القراءة الأولية ،تأخذنا المعطيات إلى الجزم بقضايا محورية وجوهرية لا بد من ذكرها هنا :
أولا :إن قوة وحدة الشعب الصحراوي تمثل عقدة الإحتلال وحلفائه ،وكلما إقترب شعبنا من تحقيق حريته إلا وصعدت أجهزة القصر من هجمتها الدعائية من خلال خطة مسطرة مشرف عليها . ثانيا: وبما أن هذه الوحدة ضامنها الأساسي هو وحدة قيادتها وإنسجامها في تنفيذ الخطط والبرامج التي تقودونا صوب الإستقلال الوطني ،فلا بد من البحث عن أساليب إستئصال من الجسم القيادي، عناصر تقوم بهذا الدور ،ولهذا الغرض وفر المغرب تلك المبالغ المالية الضخمة التي كانت مخصصة لتسليح الجيش المغربي ،لتوظيفها لشراء الذمم ورسم مرتكزات دعاية مغرضة تستهدف الحالة النفسية والمعنويات العامة لشعبنا ،تكون بأساليب جديدة وبأيادي جديدة ،تسوق خطاب مفاده “أن الشعب يريد الإستقلال ولكن القيادة فاشلة ومفلسة وفيها عملاء ” ونعتها بكل النعوت مع التركيز على بعض الأسماء لإثارة وإذكاء النعارات القبلية بهدف الإنشقاق .
وبما اننا في المجتمع الصحراوي لا يمكن أن نقبل بتواجد “محماد”ولا” الحمداوية” فكان لا بد من غرس عناصر عميلة في الجسم الوطني من طينة صحراوية في الأرض المحتلة والجاليات وفي مخيمات العزة والكرامة ,وهذه العناصر لا تقوم فقط برصد البرامج والندوات والقرارات القيادية ،لان تلك المهمة موكلة أصلا لعناصر إستخباراتية قديمة-جديدة ،وهي معروفة اليوم في الوسط الصحراوي ،وبتفاصيل التفاصيل معلنة معروفة لم ينكرها المتورطون ،وكيف تقوم بترويج ما لقن لها من تشويه ودعاية مغرضة سوداء في أوساط العامة مستغلة هذه الثورة التكنولوجية الحديثة ،حيث تتلقى تباعا كل التعليمات الدقيقة من أجل تعدد الأهداف التي تأتي كردة فعل مع كل ظرف تعيشه القضية الوطنية.
وهنا لا نتحدث عن المستفدين من الكرطيات، لأن اللائحة أصلا موجودة ومرصودة ،كما لا نتحدث عن مهام محددة كتوزيع الأعلام المغربية في بعض المناسبات الوطنية أو تسجيل أشرطة مفبركة مقابل مبالغ مالية محددة ،ولكن نتحدث عن تلك الإستنتاجات والدراسات التي خلصت لها أجهزة المخابرات المغربية المدنية والعسكرية مفادها أن توظيف ورقة العائدين وإستدراجهم للمغرب سياسة فاشلة ولها تبعات سلبية داخلية على نظام الاحتلال.ولان الخائن خائن و لا تأثير له ،تم تغير الخطط وتوظيف عناصر عميلة للمخابرات من الجسم الوطني ،تزايد في خطابها تحت شعار: حرية الراي و حقوق الإنسان وتحت عنوان: مهاجمة الفساد منوط بها مهمة التخريب النفسي والمادي.
ما يدفع إلى الجزم أخيرا ، أن استهداف القيادة الصحراوية بإعتبارها تقود المعركة بدعم من قاعدة قوية ، لم يكن في التوقيت الخطأ فحسب، بل أيضاً في المكان الخطأ، والموقع الخطأ والحساب الخطأ ،وأن كل هذه الخطط وغيرها وصولا إلى التفاصيل التي تتكشف تباعاً،بغرض إبقاء العميل داخل المخيمات التي أربك صمود ها كل حسابات العدو ، في وقت يقف فيه أهالينا بالأرض المحتلة صخرة للمواجهة والتضحية ،لن تنجح أبدا و لن تؤثر على إرادتنا في مواصلة الكفاح،ونحن شعب نفرق بين النقد البناء والهدام، ونعرف نوايا أصوات رفعت شعار الوطنية لتحقيق مأرب خبيثة،بالرغم أننا نعتبر ذالك مجرد لا شئ بل ثرثرات انتقلت من الخفاء الى العلن وغالبا بفجاجة .
وهنا لا بد من الإشادة بدور أطرنا السياسية و الإعلامية في مختلف الوسائط في إفساد مرامي دعاية الإحتلال ،وكل خطط إستخبارات الأعداء وتقوية لحمة الوحدة والانسجام لتحقيق الاهداف النبيلة في الحرية والاستقلال .
بقلم :لحسن بولسان