أخبار كوركولأخبار وتقاريرمميز

أمبود: انتخاب الحسن ولد بلخير عضوا في المكتب السياسي لحزب الإنصاف يكرّس سحب البساط من تحت أنوي ولد الشيخ

الشروق نت / لم يكن انتخاب الحسن ولد بلخير، المكلف بمهمة في الوزارة الأولى، عضوًا في المكتب السياسي لحزب الإنصاف الحاكم، مجرد استحقاق تنظيمي عابر، ولا ترقية حزبية بروتوكولية، بل خطوة سياسية محسوبة بعناية، تحمل في بنيتها العميقة رسائل واضحة المعالم، وتؤسس لمرحلة جديدة من إعادة ترتيب موازين النفوذ داخل مقاطعة أمبود.


فالحدث، في جوهره، يكتسب بعدًا استثنائيًا من كونه المرة الأولى في تاريخ المقاطعة التي تحظى فيها شخصية سياسية من أمبود بعضوية المكتب التنفيذي للحزب الحاكم، وهو ما يخرجه من دائرة التمثيل الرمزي إلى خانة القرار السياسي المباشر.

فالمكتب السياسي ليس واجهة شكلية، بل هو مركز صناعة الخيارات الكبرى، ومن يدخله إنما يُستدعى ليكون فاعلًا لا مجرد شاهد.
ويرى مراقبون أن هذا الاختيار يعكس بوضوح توجّه النظام نحو وضع ثقله السياسي في شخصية جديدة، تنتمي إلى أحد أهم المكونات الاجتماعية في المقاطعة، وتتوفر فيها صفات الانضباط الحزبي والهدوء السياسي والقدرة على إدارة التوازنات دون ضجيج.

وهي مواصفات جعلت من الحسن ولد بلخير خيارًا توافقيًا بامتياز، قادرًا على تمثيل شريحته اجتماعيًا، والتحدث باسمها سياسيًا، والاشتغال ضمن منطق الدولة لا بمنطق الأجنحة.


وفي المقابل، لا يخفي متابعون للشأن المحلي أن هذا التطور يحمل دلالة أوضح: سحب البساط السياسي تدريجيًا من تحت أنوي ولد الشيخ، الذي ظل لسنوات أحد الوجوه السياسية البارزة داخل المقاطعة، رغم استمراره عضوًا في المجلس الوطني للحزب وأمينًا عامًا لمندوبية “التآزر”.

غير أن السياسة، كما يرى مراقبون، لا تُقاس بتراكم المناصب بقدر ما تُقاس بمواقع التأثير، والمكتب السياسي للحزب الحاكم اليوم هو العنوان الأوضح لهذا التأثير.
ويذهب محللون إلى أن الحزب، ومن ورائه النظام، يبدو وقد حسم خياره في أمبود، بالانتقال من منطق تعدد الواجهات المتنافسة إلى منطق توحيد المرجعيات السياسية في شخصيات تتبنى بحق خيارات النظام ، وأكثر قابلية لجمع الصف، وهو ما يجعل من ولد بلخير الواجهة السياسية والحكومية الجديدة، ويضع أنوي ولد الشيخ عمليًا في موقع ثانوي، مهما احتفظ به من صفات تنظيمية.


ولا تقتصر انعكاسات هذا التحول على صراع النفوذ بين شخصيتين، بل تمتد إلى مجمل الحقل السياسي في مقاطعة أمبود .

إذ يرى متتبعون أن هذا الانتخاب سيمنح العمل السياسي المحلي دفعة نوعية، من خلال إعادة ضبط الإيقاع داخل حزب الإنصاف، وخلق مرجعية واضحة، وتخفيف حدة التنافس الداخلي الذي أضعف الأداء الحزبي في مراحل سابقة.


وفي قراءة أعمق، يمكن القول إن النظام يبعث برسالة حاسمة مفادها أن المرحلة القادمة تُدار بعقل بارد، وأن الثقة ستُمنح لمن يجيد العمل في صمت، ويحترم الانضباط، ويقدّم التماسك على الاستعراض.

وهي رسالة تصب مباشرة في صالح الحسن ولد بلخير، وتؤسس في الوقت ذاته لنهاية مرحلة وبداية أخرى في المشهد السياسي بأمبود.


هكذا، لا يبدو انتخاب ولد بلخير مجرد إضافة اسم إلى لائحة المكتب السياسي، بل تحولًا بنيويًا في موازين القوة، وخطوة تؤكد أن البساط السياسي قد بدأ فعليًا يُسحب من تحت أقدام وجوه اعتادت خلبطة المشهد،  لصالح مقاربة جديدة عنوانها: مركزية القرار، وحدة الصف، وواجهة واحدة تمسك بالخيوط الأساسية للعبة السياسية في المقاطعة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى