موريتانيا تواجه خطر نضوب ثروتها السمكية وسط ضغوط متزايدة على المخزون البحري

الشروق نت -نواكشوط
حذّر تقرير أعدته قناة Euronews من التدهور المتسارع في الثروة السمكية بموريتانيا، رغم امتلاك البلاد واحدة من أغنى مناطق الصيد البحري في العالم. وأكد التقرير أن الضغوط المكثفة على المخزون السمكي، خاصة من قبل الصيد الصناعي، تهدد الأمن الغذائي الوطني وتضع سبل عيش مئات الآلاف من المواطنين في مهبّ الخطر.
ونقل التقرير شهادات لصيادين تقليديين في ميناء نواذيبو، أبرزهم موسى تاو، الذي قال إنه بات يضطر للإبحار لمسافات أطول بحثًا عن الأسماك، ما يزيد من استهلاك الوقود ويقلص هامش الربح. وأضاف:
“نخشى أن يكون البحر قد بدأ بالفعل في نضوب ثرواته. العمل لم يعد كما كان، والتكاليف ترتفع في مقابل عائد أقل.”
وأشار التقرير إلى أن الأسماك السطحية الصغيرة، وفي مقدمتها السردينلة، تمثل مصدرًا غذائيًا حيويًا لملايين السكان في غرب إفريقيا، إلا أنها تواجه خطر الانقراض نتيجة الصيد الجائر، ولا سيما من قبل سفن أجنبية تغذّي مصانع إنتاج دقيق السمك.
وفي هذا السياق، عبّر رئيس الاتحاد الوطني للصيد التقليدي في موريتانيا عن قلقه الشديد، مؤكداً أن الاستنزاف المتواصل لهذه الموارد ينذر بكارثة:
“هناك سفن تعود في ساعات قليلة محمّلة بمئات الأطنان من الأسماك، وهذا استنزاف مقلق وغير مقبول.”
من جانبه، أوضح الأمين العام لوزارة الصيد والاقتصاد البحري، سيدي علي سيدي بوبكر، أن السلطات اتخذت سلسلة من الإجراءات التصحيحية، من بينها تقليص عدد السفن الصناعية من أكثر من 70 إلى أقل من 15 سفينة، وإغلاق عدد من مصانع دقيق السمك، مع إلزام البقية باعتماد تقنيات الحفظ بالتبريد لضمان توجيه جزء من الإنتاج إلى الاستهلاك المحلي.
وأكد سيدي علي:
“الاستثمارات الأجنبية ضرورية، لكنها يجب أن تتم ضمن أطر تضمن استدامة الموارد، وتحول دون تحويل الغذاء المحلي إلى سلعة تصديرية فقط.”
على المستوى الدولي، سلط التقرير الضوء على اتفاق الشراكة بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي من أجل صيد مستدام، والذي يتضمن دفع الاتحاد مبلغ 57 مليون يورو سنويًا، مقابل منح سفنه حق الصيد وفقًا لشروط بيئية واقتصادية متفق عليها.
وصرّح سفير الاتحاد الأوروبي في موريتانيا، جواكين تاسو فيلالونغا، بأن الاتفاق لا يمنح فقط تراخيص الصيد، بل يشمل دعمًا مؤسسيًا لموريتانيا في مجال تطوير الحوكمة البحرية وتعزيز قدرات المراقبة والبحث.
ويشمل الاتفاق خطة علمية وضعتها نواكشوط عام 2022 لتحديد حصص الصيد وإنشاء مناطق بحرية محمية، إضافة إلى فرض فترات راحة بيولوجية لضمان تكاثر الأسماك، وتنظيم إنتاج دقيق السمك وتجميد المنتجات المخصصة للاستهلاك البشري.
في المقابل، حذّر خبراء المعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد (IMROP) من أن بعض الأنواع لا تزال مهددة بشكل حاد، مؤكدين أن التعافي الكامل للمخزون يتطلب خفض معدل النفوق بنسبة لا تقل عن 60%.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن موريتانيا، التي يعتمد جزء كبير من سكانها على البحر كمصدر دخل وغذاء، لم تعد تملك ترف التأجيل في مواجهة أزمة تهدد مستقبل أجيالها.