أخبار وتقاريرمميز

استراتيجية الأعماق: الصين وتمددها الهادئ من نواكشوط إلى العالم”

الشروق نت / في ظل رؤية توسعية بعيدة المدى، تمضي الصين بثبات في ترسيخ حضورها العالمي عبر استثمارات ضخمة، تترك بصمتها العميقة في البنية التحتية للدول النامية، وعلى رأسها مشاريع الموانئ البحرية. وتُعدّ العاصمة الموريتانية نواكشوط أحد أبرز النماذج لهذا التمدد الصيني “الهادئ” في غرب أفريقيا، حيث اكتمل تشييد مينائها عام 2016 بتمويل صيني على مرحلتين، في مشروع يعود إلى ما قبل الإعلان الرسمي عن مبادرة “الحزام والطريق” عام 2013، الأمر الذي يعكس عمق الأفق الاستراتيجي للسياسة الاقتصادية الصينية.

ووفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن بكين لم تدّخر جهداً خلال العقدين الأخيرين في تمويل بناء أو توسعة 78 ميناءً بحرياً في 46 دولة، ضمن خطة استثمارية ضخمة تجاوزت حاجز الـ30 مليار دولار، ما يجعلها تتفوق على نظيرتها الأميركية بعشرة أضعاف من حيث الإنفاق الخارجي. وما يثير الانتباه أن جزءاً كبيراً من هذه المشاريع يقع في مناطق ذات حساسية جيوسياسية عالية.

ورغم أن مبادرة “الحزام والطريق” تُقدَّم في إطارها الرسمي كمسعى تجاري وتنموي، فإنها أثارت مخاوف متنامية لدى بعض الدوائر الغربية من احتمال استخدامها كأداة لمد النفوذ العسكري تحت ستار الاقتصاد، لاسيما في ظل الدور المتصاعد الذي تؤديه الشركات الصينية المملوكة للدولة في تمويل مشروعات قد تحمل طابعاً مزدوج الاستخدام.

ويحذر المنتقدون من خطر ما يُعرف بـ”فخ الديون”، حيث قد تجد بعض الدول نفسها عاجزة عن سداد القروض، فتضطر إلى التنازل عن أصول سيادية استراتيجية، وهو ما حدث بالفعل في تجارب سابقة، بحسب الصحيفة.

وتُظهر بيانات مختبر “إيد داتا” التابع لكلية ويليام وماري أن الصين تُحسن اختيار مواقع مشاريعها البحرية بعناية فائقة، في نقاط استراتيجية على الخارطة العالمية، الأمر الذي قد يمكّنها مستقبلاً من توسيع نفوذها البحري وتغيير موازين القوى، في تحوّل تدريجي من الهيمنة الاقتصادية إلى بسط النفوذ الجيوسياسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى