“أتـــاي “في المجتمع الصحراوي بين التقديس والإدمــان
الشــروق / يعد الشـــاي ” أتاي” في المجتمع الصحراوي من المستلزمات المقدسة. حيث يتم إعداده يوميا و لأكثر من خمس مرات في كل بيت. فهو فرصة لاجتماع الأسر و تبادل الحديث ومعرفة الجديد لكل فرد.
ومن مظاهر تمسك المجتمع الصحراوي بهذا المنتوج، هي الطريقة التي يتم التعامل بها مع معدات الشاي التي تكون نظيفة و موضوعة في مكان أنيق في البيت، الشيء الذي يضفي الطابع التقليدي و الصحراوي الجميل لجميع البيوت في المنطقة، و زد على ذلك الطريقة التي يعد بها الشاي و الذي يأخذ في غالب الأحيان وقتا طويلا.
فالشاي بالنسبة للمجتمع الصحراوي يعتبر مقدسا والشخص الذي يحضره يكون في الغالب هو الشخص الذي يتقن عملية تحضيره بطريقة يهواها الكبير و الصغير.
تعبر سكينة ،وهي إمرأة تبلغ من العمر 43 سنة، فتقول ” الشاي جد مهم عندنا فهو شيء لا يمكن الاستغناء عنه وهو أولوية عندنا. أي أننا نكون أحيانا في مواقف تحتم علينا الاختيار بين شراء حاجيات منزلية ومواد أخرى تصلح للشاي كالسكر أو الوركة (الورق النباتي الذي يعد به الشاي) فبشكل تلقائي نختار شراء حاجيات هذا الأخير الذي يعتبر هو الأهم في حياتنا.”
و تضيف سكينة ” ارتباطنا بالشاي بدأ منذ منتصف القرن 19 و أصبح منذ ذلك الوقت عادة لدينا يعكس ثقافة المجتمع الصحراوي”
وتواصل المتحدثة قولها ” نحن نحضر الشاي في الصبح و في الضحى و في العصر وكذلك قبل العشاء، فهو كالوجبات الرئيسية وأحيانا يفوقها بكثير و نحن نختلف عن العالم كله في تحضيره حيث يكون الشخص الذي يعده ماهرا كي لا يفقد الشاي لذته. و يعده عبر ثلاث مراحل ويختلف طعم كل مرحلة عن الأخرى فالمرحلة الأولى تتميز بطعم يميل إلى المرارة و الذي يمنع إعطاؤه إلى الأطفال و هو الطعم الأصلي للشاي و المرحلة الثانية و التي تتميز بكأس من الشاي لا هو بالخفيف و لا هو بالمر و هو الذي يسمح للأطفال بشربه أحيانا، أما المرحلة الثالثة و الأخيرة و التي تتميز بطعم خفيف و هي المرحلة التي يهواها الأطفال.”
المحجوب وهو عامل في ورشة لإصلاح السيارات يقول لنا عن هذا المشروب الساخن “الشاي” ” أعمل في ورشتي طوال اليوم دون أن تفارقني معدات الشاي فلا يمكنني أن أصلح اي سيارة دون أن أشرب كأسا أو كأسين من الشاي فأصحاب السيارات الذين يقدمون إلى ورشتي هم من يتكلفون أحيانا بإعداد الشاي و تقديمه للمتواجدين بداخل الورشة “.
تعتبر جلسة الشاي من الجلسات الاستنطاقية التي يستعين بها أهل البدو في الصحراء من خلال دعوة عابري السبيل إلى شرب الشاي قصد معرفة الوجهة التي يتوجهون إليها و المكان الذي جاؤوا منه و ذلك لمعرفة الأمكنة التي تكون مناسبة للرعي في ظل انعدام وسائل تكنولوجية تتيح لهم معرفة الأماكن التي تصلح لأن تقتات عليها الماشية، فالشاي تمكن من إضاءة عدد من الجوانب الصحراوية التي أغلقتها أدبيات التاريخ ورسختها المفاهيم التكنولوجيات الحديثة.